الحب عناق وغرفة نوم، قلت: هذا زواج حلال، وغير ذلك فإنه فاسد، والحب إما يأتي قبل الزواج أو حتى بعده.
أما إذا كان الحب بلا أمل ، وهذا أجمل أنواع الحب على الإطلاق، قال: كأنك تريد أن تعود بنا إلى أساطير بني عذرة والتي أظن أنها كلها كذب.
قلت: ليست كذباً إنما أجمل ما في الحب أن تعيش مثل هذا الحب، وحب من هذا النوع لا ينتهي عمره إلا بالموت، إن عدم الوصال بالمحبوبة ينهض الحب إلى أقصاه... ومتى ذهب إلى غرفة النوم فسد، لأن هذه الخطوة هي نهايته.
اسمع أيها الجاهل، الأناني، العصري ماذا تقول كتب الحب العذري الذي تعتبره كذباً: بينما الخليفة عمر بن الخطاب يطوف بالكعبة ذات ليلة إذ سمع إمرأة تقول:
هل من سبيل الى شراب فأشربه
أم من سبيل إلى نصر بن حجاج
إلى فتى ماجد الأعراق مقتبل
سهل المحيا كريم غير ملجاج
تنميه أعراق صدق حين تنسبه
أخي وفاء عن الكروب فراج
فقال عمر: لا أرى معي في المدينة رجلاً تهتف به العواتق في خدورهن، فعلي بنصر بن حجاج، فلما أصبح أتي بنصر بن حجاج، قإذا هو من أحسن الناس وجهاً وأحسنهم شعراً فقال عمر: عزيمة من أمير المؤمنين لتأخذن من شعرك.
فأخذ من شعره فخرج من عنده وله وجنتان كأنهما شقتا قمر فقال له أعتم فاعتم فافتتن الناس بعينيه فقال له عمر: والله لا تساكنني في بلدة أنا فيها، فقال : يا أمير المؤمنين ماذنبي؟ قال: هو ما أقول لك ثم سيره إلى البصرة، وخشيت المرأة التي سمع عمر منها ما سمع أن يبدر من عمر إليها شيء، فدست إليه هذه الأبيات:
قل للإمام الذي تخشى بوادره.
مالي وللخمر أو نصر بن حجاج
لا تجعل الظن حقاً أن تبينه
إن السبيل سبيل الخائف الراجي
إن الهوى ذم بالتقوى فتحسبه
حتى يقر بالجام...وإسراج
فبكى عمر وقال: الحمد لله الذي ذم الهوى بالتقوى، وطال مكث نصر بن حجاج بالبصرة فخرجت أمه يوماً بين الأذان والإقامة متعرضة لعمر، فإذا هو قد خرج في إزار ورداء وبيده الدرة فقالت له: يا أمير المؤمنين: والله لأقفن أنا وأنت بين يدي الله تعالى، وليحاسبنك الله أيبيتن عبد الله وعاصم إلى جنبك، وبيني وبين ابني الفيافي والأودية.
فقال لها: أبني لم تهتف لهما العواتق في خدورهن، ثم أرسل عمر إلى البصرة بريداً إلى عتبة بن غزوان فأقام أياماً ثم نادى عتبة: من أراد أن يكتب إلى أمير المؤمنين فليكتب: فإن البريد خارج فكتب نصر بن حجاج:
سلام عليك أيها الأمير، فأما بعد فاسمع مني هذه الآبيات:
لعمري لئن سيرتني أو حرمتني
وما نلت من عرضي عليك حرام
فأصبحت منفياً على غير ريبة
وقد كان لي بالمكتين مقام
لئن غنت الزلفاء يوماً بمنية
وبعض أماني النساء غرام
ظننت بي الظن الذي ليس بعده
بقاء ومالي جرمة فألام
فيمنعني مما تقول تكرمي
وآباء وصدق سالفون كرام
ويمنعها مما تقول صلاتها
وحال لها في قومها وصيام
فهاتان حالان فهل أنت راجعي
فقد جب فهي كاهل وسنام
قال: فلما قرأ عمر هنه هذه الأبيات قال: أما ولي السلطان فلا، وأقطعه داراً بالبصرة في سوقها فلما مات عمر، ركب نصر بن حجاج راحلته وتوجه نحو المدينة.
وعن عبد الله بن عبد المطلب والد النبي(ص) أنه دعته بغي إلى نفسها وبذلت له مالاً، وكانت تتكهن وتسمع بإتيان رسول الله(ص) وكانت جميلة فأرادت أن تخدع عبد الله رجاء أن يكون النبي(ص) منها للنور الذي رأته بين عينيه فأبى وقال:
أما الحرام فالحمام دونه
والحل لا نابى ونستدينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه
يحمي الكريم عرضه ودينه
وقال آخر:
وأحور مخضوب البنان محجب
دعاني فلم أعرف إلى ما دعا وجها
بخلت بنفسي عن مقام بشينها
ولست مريداً ذاك طوعاً ولا كرها
وكتاب الحب لا نهاية له
**
الحمام: الموت
*** ***
وداع
في الوداع، تلويحة يد
تقطر من أصابعها الدموع
الباب لا يفتح
إلا على نقر أصابعك
قالت: حبني بطيبك
أحسن ما استعمل معك العنف
بيتي في العتمة
أين يدك
تشعل مصابيح الكهرباء؟
إنني مشتعل
ولا يدك الحنون
تستوعب جنوني
آه
كل الأشياء الجميلة أنت
إلا فمك
ليس في فمي
إنني متروك لك
كالفقير بباب الملوك
كيف أخبرك
أنني مبعثر بك
كالرمال في العاصفة؟
بأمر منك
كما هي العادة
جئت
البحر خلفك يموج
وأنت
كملكة سبأ
تتربعين على العرش
ها أنا رجل ضال
مأخوذ من خناقي
وضائع
أذهب إلى الموت
كما تذهبين أنت إلى الحياة