مستوياتهما ولم تعد تؤكد حضورها هذه الأيام للأسف ومنذ سنوات ليست قليلة، وأعني بها تحديداً هنا اللقاءات التي كانت تجري بين الشباب العالمي من حين لآخر وتتمخض عن مواقف سياسية وثقافية تطرح أمام الرأي العام العالمي مسائل تستدعي العمل من أجل توضيحها وتالياً معالجتها لإزالة تبعاتها الضارة على شعوب العالم مستقبلاً.
هذه الظاهرة، ظاهرة المهرجانات الشبابية العالمية التي كانت تعقد بين عام وآخر لم يعد لها حضور على الساحات المعنية بالشأن السياسي والثقافي، ما يدعو للتساؤل عن الأسباب الكامنة وراء غيابها، وبطبيعة الحال لابد أن يرجع أحدنا السبب إلى تفاقم ظاهرة الشروخ التي سعت دوائر الاستعمار الحديث إلى إحداثها بين الكثير من الدول التي كانت تشكل ما سمي في تلك الحقبة، حقبة السبعينيات وحتى بدايات العقد الثامن من القرن الماضي، بدول المنظومة الاشتراكية، حتى سقوط الاتحاد السوفييتي.
وحين أشير إلى حقبة سبعينيات القرن الماضي، وأستذكر في هذا السياق مهرجان الشباب العالمي، أستحضر من ذاكرتي المهرجان الذي عقد في برلين عاصمة ما كان يعرف بألمانيا الديمقراطية (الشرقية) في تلك الحقبة، وأستحضر في الوقت عينه، شعار المهرجان «التضامن من أجل النضال ضد الإمبريالية ومن أجل السلام العادل والصداقة بين الشعوب».
هذا الشعار، أنتج في ختام المهرجان بتاريخ السادس من شهر آب عام 1973، أنتج بياناً جاء فيه «إن الصهيونية العالمية تمارس أشد أنواع السياسة العنصرية ضد السكان العرب في فلسطين المحتلة»، كما طالب البيان بالاعتراف بحقوق الفلسطينيين المشروعة.
وفي مناسبة المطالبة بدولة فلسطينية دائمة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الأيام، وكذلك موقف رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو تجاه هذه المطالبة المحقة، لابد أن يتصور إمكانية محاصرتها بالدعوة مجددا إلى مفاوضات الهدف منها عرقلة قيام الدولة المنشودة، بشكل أو بآخر، وبالتالي إجهاض آمال الفلسطينيين بعودة حقوقهم المستلبة إليهم.
إن غياب ظاهرة مهرجانات الشباب العالمي، في غياب القوى الداعمة لها من حيث المبدأ، لابد أن يثير لدى شباب هذه الأيام الكثير من الريبة والأسف في آن.
إن ظاهرة مهرجانات الشباب العالمي، وإن تكن تعني احتفالاً بمعنى ما بصدد تكوين موقف من الإمبريالية في الحقب التي عانت شعوب كثيرة من تداعياتها، بيد أنها كانت تقام لجهة دعوة الشباب لأداء دور يدعو إلى حماية الحقوق في مواجهة الساعين إلى سرقتها من أصحابها الحقيقيين أينما وجدوا ومهما كانت المحاولات لاغتصابها من قبل أعداء الشعوب.
لهذه الاعتبارات يتساءل أحدنا في الزمن الراهن: أين صارت ظاهرة «الشباب العالمي» هذه الأيام؟ ولماذا غابت أو غيبت عن ساحات الفعل السياسي والثقافي ومن كان وراء هذا الغياب؟
DR-louka@maktoob.com