كثيرون في المجلس وصلوا إلى قناعة أن لا جدوى من طرح الأسئلة والموضوعات على الحكومة، لأنها ستقدم الأجوبة على مزاجها، وارفع صوتك كما تريد فجدار الصمت أمامه.
كانت الحكومة الراحلة تتميز بأمرين:
القدرة الكبيرة على تجاوز كل ما يطرح في مجلس الشعب وفي وسائل الإعلام من ملاحظات ونقد لعملها وللمظاهر السلبية التي أنتجتها سياساتها الاقتصادية، والأمر الآخر: مهاراتها في طلاء عملها وأرقامها وخططها بالألوان المبهرة، وإشاعة أجواء من التفاؤل، تدحضها الوقائع على الأرض..
فالزراعة القطاع السيادي راحت تتدهور من سيئ إلى أسوأ...
والصناعة الوطنية كانت تلفظ أنفاسها..
وبات الفساد والفاسدون قوة قاهرة لكل الشرفاء والمعتصمين بحبل الوطن..
والحدود السورية مفتوحة على التهريب بكل أنواعه، لتكبر مافيات وعصابات هي اليوم قيادات إجرامية تمد الإجرام في الشوارع السورية بالمال والسلاح.
-2-
كثيرون من أبناء شعبنا يلقون باللوم على أعضاء مجلس الشعب ويحملونهم المسؤولية في عدم محاسبة الحكومة.. بصراحة أيها السادة.. المجلس كان كغيره من قطاعات الوطن محكوماً بآليات عمل جعلت صوته أضعف مما يجب حتى في المحافظات لم يكن ثمة دور لأعضاء مجلس الشعب لأن العلاقة بينهم وبين المحافظين والجهات المسؤولة مفقودة، وعن عمد، وبدعم من الحكومة الراحلة.
وكأن المقصود تهميش هذه المؤسسة لأن في تهميشها خدمة لحكومة تريد أن تعمل على هواها ومن غير محاسبة.
ملاحظة: في رأيي «الديمقراطية الحقيقية تبدأ من مجلس الشعب، فضعف المؤسسة ضعف للديمقراطية، فأرجو أن تدرك الجهات الوصائية والحكومة ذلك».
-3-
سألني أحد المهتمين بعمل مجلس الشعب والحكومة: «كيف كان اللقاء الأول بين المجلس والحكومة؟ قلت: اللقاء بدأ بداية جيدة، إذ عرض السيد رئيس مجلس الوزراء ما يشبه صيغة بيان حكومي توقف عند مجمل الهموم والأوجاع التي تواجه الوطن والمواطن في المرحلة الراهنة، ولن أدخل الآن في طبيعة ما عرض، المهم ما سيكون على الأرض قادماً وهل ستكون الحكومة الجديدة في علاقاتها مع المجلس غير علاقة الحكومة التي رحلت؟!...
ثمة عناصر كثيرة تدعونا للتفاؤل اليوم منها:
إننا أمام مرحلة جديدة لا تحتمل إضاعة الوقت والجهد وأمام تأكيد من قبل السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد للحكومة بالعمل والمساءلة، وأعتقد أن مجلس الشعب اليوم أعضاء ورئيساً في إطار مناخ وآليات لم تكن في الماضي موجودة، ويمكنني القول أيضاً إن شفافية الدكتور سفر في الحكومة الماضية كانت واضحة لذا نأمل أن يتجه بالأمور اتجاهاً صحيحاً.. وبكثير من الحزم والصرامة والسرعة في اتخاذ الإجراءات المناسبة في كل أمر وطني..
-4-
أتمنى على الحكومة العتيدة وهي في مطلع مشوارها الانتباه إلى مايلي:
1- محاربة الهدر والفساد والمحسوبية من أي نوع كانت، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاسبة المقصرين والفاسدين على كل المستويات في الماضي والمستقبل.
2- الانتباه إلى وضع الحدود مع البلدان المجاورة ووقف أعمال التهريب بكل أنواعها وملاحقة المهربين والاستيلاء على ثرواتهم كما الاستيلاء على ثروات الذين أفسدوا في الماضي.. لماذا لا تقام أسلاك شائكة وحقول ألغام، افعلوا شيئاً، فهي الحدود الوحيدة المنفلشة في هذا العالم.. فلماذا نستغرب دخول السلاح والمجرمين؟! الحدود لاوجود لما يؤكد وجودها.
3- الاهتمام بالزراعة والتصنيع الزراعي والتسويق ودعم الصناعة الوطنية في القطاعين العام والخاص ومكافحة الخلل والتقصير والمحسوبيات والفوضى في عمل الجهات ذات الصلة بالعملية الإنتاجية.
4- الاهتمام بالإعلام وزيادة عدد الفضائيات الوطنية والتأكيد على وزارة الثقافة السورية بالتعاون مع وزارة الإعلام واتحاد الكتاب والصحفيين للنهوض بمشروع ثقافي وطني يحتضن الكتاب والمثقفين لمحاربة المشروعات العدوانية التي تصب في خدمة المشروع الأميركي الصهيوني السلفي التكفيري.
وأخيراً.. الاهتمام بالطبقات الفقيرة عبر تفعيل الخدمات المقدمة لها «طبابة، تعليم، كهرباء، ماء، فرص عمل... فالوطن يحميه الفقراء بالدم، والجود بالدم غاية الجود.