ومع دخول الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها حي المال الشهير في نيويورك أسبوعها الرابع يعتزم المتظاهرون مواصلة تحركهم وإدامته مع مسيرة المليونيرات في نيويورك رغم اعتقال الشرطة الأمريكية لأكثر من 140 منهم في بوسطن وواشنطن حيث يسعى المحتجون من وراء تحركهم إلى تسليط الضوء على هيمنة المؤسسات المالية النافذة على اقتصاد الولايات المتحدة والعالم بأسره.
وقد استمر الوضع على ما هو عليه في نيويورك, حيث أغلقت الشرطة الأمريكية شارع وول ستريت والطريق المؤدي إلى مقر البورصة, ولم تسمح بدخوله إلا لسكان المنطقة والموظفين, في حين اجتاحت احتجاجات مماثلة ولاية فلوريدا ومدن أمريكية أخرى مثل تامبا ونيوجيرسي وفيلادلفيا وسياتل وسان أنطونيو ولوس أنجلوس, ولكن الشرطة حالت دون وصول المتظاهرين إلى فرع بنك أوف أمريكا, وسط أنباء عن اعتقال عدد غير محدد من المتظاهرين. ودعا المتظاهرون إلى وقف آلة التطهير العرقي, تعبيرا عن معارضتهم لهيمنة الشركات الرأسمالية الكبرى, وانضم إليهم أنصار البيئة ومعارضو الحرب على أفغانستان، إلا أن هذه الاعتصامات والاحتجاجات لم تلق سوى الرفض من قبل المعسكر الجمهوري, حيث وصف إيريك كانتور زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب المتظاهرين بأنهم مجموعة من البلطجية, وذلك بعد يوم واحد من إعراب الرئيس باراك أوباما عن تعاطفه مع المتظاهرين, مؤكدا أن ما تشهده الولايات المتحدة الآن هو أحد أعراض الإحباط الشعبي والرفض العام لما وصفه بـالظلم المالي. وفي خضم الأزمة التي تواجهها واشنطن, حذرت صحيفة أرجومنتي نيديلي الروسية من أن الاقتصاد الأمريكي في اتجاهه للانهيار, مؤكدة أن واشنطن في حاجة إلى حرب كبيرة لانتشالها من أزمتها.
وأكد محللون ديمقراطيون أن التظاهرات المتنامية في وول ستريت قد تكون البداية لتشكيل حركة شعبية محسوبة على تيار اليسار تعنى بإحداث توازن مع صعود حزب الشاي المحسوب على اليمين، لكن ذلك يفترض أن يكون الرئيس قادراً على الظفر بدعم هؤلاء المتظاهرين، بدلاً من أن يكون منبوذاً من جانبهم.
في هذه الأثناء ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية..إن المئات تظاهروا أول أمس في نيويورك أمام منازل العديد من رجال الأعمال الأثرياء مثل قطب الصحافة روبرت ميوردوخ والصناعي الجمهوري ديفيد كوتش وجيمي دايمون رئيس مجلس إدارة مجموعة جي.بي مورغن تشيز القابضة.
وردد المتظاهرون عبارات مثل نحن ال99 بالمئة من الشعب الأمريكي و افرضوا ضرائب على الاغنياء كما حملوا لافتة ضخمة على شكل شيك مصرفي بقيمة خمسة مليارات دولار أي المبلغ الذي يقولون إن الأكثر غنى سيربحونه مع إلغاء ولاية نيويورك قريبا ضريبة بنسبة اثنين بالمئة على الثروات الضخمة وهي الضريبة التي يعارض المتظاهرون إلغاءها.
وقالت سالي اردري إحدى المتقاعدات من أنصار الحزب الديمقراطي.. إنها لم تر مثل هذا المشهد في حي ايست سايد الفخم مشيرة إلى أن هناك حالة إحباط تسود الشارع وإنها تتفهم الشعور العام.
ويسعى المناهضون لوول ستريت الذين احتلوا حديقة زوكوتي في قلب حي منهاتن المالي في السابع عشر من الشهر الماضي إلى مواصلة تجمعهم في الحديقة التي ينامون خارجها بسبب عدم السماح لهم بنصب خيم وان كان لديهم الآن نحو 12 مجموعة عمل تتولى تزويدهم بالأغذية وتتكفل بالأمن والنظافة وجمع التبرعات وما إلى ذلك.
وأكد المتظاهرون ان حركات مشابهة تتنامى في 33 مدينة أمريكية أخرى من بينها خصوصا سياتل ولوس انجلوس وواشنطن وبوسطن التي دخلها المئات من رجال الشرطة أول أمس لفض متظاهري حركة لنحتل بوسطن التي مدت اعتصامها من ساحة ديوي في وسط المدينة إلى حديقة روز كينيدي المجاورة حيث اعتقل نحو 141 شخصا وفقا لما أعلنته الشرطة التي دعت المتظاهرين إلى مواصلة الحوار مع السلطات.
وفي واشنطن نجح عشرات المتظاهرين الذين يحتلون أيضا ساحة في المدينة منذ يوم الخميس الماضي في الدخول لفترة قصيرة إلى مبنى ملحق بمجلس الشيوخ قبل أن تطردهم منه الشرطة وألقي القبض على نحو ستة من هؤلاء. ويضم تجمع آخر بدعوة من منظمة لنحتل دي.سي أي واشنطن الشقيقة لمنظمة لنحتل وول ستريت ناشطين أصغر سنا في ساحة ماكفرسون في وسط العاصمة منذ الأول من الشهر الجاري.
وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قالت أمس في مقال للكاتب روبرت صامويلسون ان المظاهرات الاحتجاجية ضد وول ستريت تعد حركة شاملة ضد غياب المساواة الاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية مؤكدة ان عدم المساواة يعد صدعا سياسيا جديدا في البلاد موضحة أن رد الفعل العنيف ضد الأغنياء في الولايات المتحدة يشكل البداية وليس نهاية المطاف مذكرة ان السياسيين الليبراليين والاكاديميين والمثقفين ظلوا ينتقدون طويلا نمو التفاوت المالي في الولايات المتحدة.