تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قمرٌ على أعلى الدُرج

منوعات
السبت 15-10-2011
هادي دانيال

على درب روحي فخٌّ به علقت فاخته

فانحنيتُ أحررها بأصابع قلبي‏

لكنَّ عقرب وقتي باغتني‏

فاندفعت وروحي تعدو أمامي‏

نجري إلى أن سقطنا معاً منهكين‏

على مقعد حجري قبالة غابة أسئلة صامتة:‏

من يحرر أقدامنا من جمار الطريق وأشواكها؟‏

كدت أبكي من التَّعب الأزليِّ‏

وأدخل في جثَّتي‏

وأنام‏

ولكن روحي رفَّت حواليَّ أنثى حمام‏

فاختلطنا وطرنا إلى فننٍ مورق طالعٍ من رماد الحريق‏

نبتني عشنا فوقه من بقايا الكلام!‏

• • • •‏

بعد أن جئتها يائساً كغريق‏

حرّرتني نوارسها من ذئاب الظلام‏

غير أني سأبدأ ثانية في خريف الربيع الصفيق‏

رحلة النَّورس الجبلي‏

على طرقات الشآم‏

• • • •‏

على مقربة من السماء في المساء‏

ينكسر الوقت‏

تنفض وردة الرياح عن ثيابها‏

الندى‏

تغتسل البنت التي تدخل في سريري‏

عارية من ورق الحياء‏

• • • •‏

يدَّاخل الصدران قبل قراقنا‏

أضلاع عصفورين حطَّمها العلوُّ عن الأغاني‏

تلك السماء تقاربت قضبانها‏

وتناثر الريش الملوَّن في مهبِّ وداعنا‏

يعلو ويهبط‏

كي يحط على يديِّ الوقت/ مذأبة الوجود..‏

فكأن أسواراً من السنوات‏

هدَّتها الثوَّاني!‏

إن لم أعد‏

فلأن قافيتي تشظت‏

ونبت في أفق المعاني.‏

• • • •‏

قبيل أن تحملني غزالةٌ بين جناحيها إلى دمشق‏

- ذات خريف أخضر‏

ذات ربيع في وحوله تساقطت نيازك‏

وانتحرت نجوم-‏

قبلني الموت كموجةٍ عضَّت رمال شاطئ‏

وخضبت أسناني الدِّماء!.‏

كأنه اللقاح قبل أن أدخل في فضاء بلدٍ‏

أقام فيه موسم الردى‏

كأنني بكلِْ ما أوتيت من مباهج الحياة‏

للرَِّدى صدى‏

كأن قدر الفتى في عقده الخامس‏

أن يهبط هذه الليلة كبشاً‏

فادياً بلاده-‏

من الفضاء!‏

• • • •‏

آتٍ لأذبح‏

إنَّ ذبحي في أديمك شيق‏

من أي بئر تمتحين الدَّمع يا أم النسور‏

وكل فجر قد تجندل فوق صدرك عاشق؟.‏

يتناسل الجرح اللئيم وعندما‏

يلأمه الجيش‏

بخيط دمه‏

ينكأه ذئب الرمال الأخرق‏

فكأنَّ سورية التي علقت بها أرواحنا‏

باخرة تمخر في أعمارنا‏

تجري إلى برِّ الأمان‏

وحولها الحيتان مع أسماك قرش من قريش‏

تخرق‏

وتبدَّلت بيض النوارس فوقها‏

غربان غرب تستجير وتنغق‏

والجرذ تلو الجرذ يقرض قاعها‏

لكنها تعلو‏

وأوهام القراصنة الكئيبة‏

تغرق‏

• • • • .‏

غيم على بلدي؟‏

أسرابُ أغربةٍ؟‏

أم إنَّها قطعان ذؤبانٍ مجنحة؟‏

أم صارت الآفاق من منفاي صحراءً يضلَّلني‏

نجيع سرابها؟‏

أم إنَّه‏

من تونس الخضراء يبتدئ اليباس‏

عصفاً يدوس الشرق‏

لكن من دمشق عواصف الدنيا تداس؟‏

أم إنه‏

جمر البراءة يضرم الأحقاد‏

في غاباتها؟‏

• • • •‏

قالوا: ربيع ندى‏

يسقيه دمع النيل حتى يرفد «النهر الصناعيُّ العظيم»‏

طريقه برماده ودخانه شرقاً‏

إلى بردى‏

قلنا: خريف ردى‏

حشد العبيد براية الحرية السوداء، واتّقد‏

غطى الأسنة بالمصاحف‏

واستباح هواءنا برطانةٍ‏

عبثت بمن ركع‏

ومن سجد!‏

قلنا وقالوا، والكلام سدى‏

فتكشف «العاصي» عن المعنى، وقد هدرت به الأمواج:‏

معنى ثورة الخنَّاس‏

ترفعه النواعير‏

إلى الأوراس!.‏

• • • •‏

فلترفعي ياشام أسواراً يظللها الحسام‏

فعلى الطريق إليك قافلة محَّملة بأسلحة الظلام‏

يقودها (حاء) اللئام‏

و(باؤهم)‏

وغلامهم‏

كي يحصدوا أحلامنا‏

بوبائهم‏

إبلٌ وفي حدباتها كيد اليهود‏

تجتر أحقادهم معتقة منضبة برائحة النقود‏

إبلٌ،. وكل سفينة منها طوت راياتها‏

في هودجٍ فوق السَّنام‏

كحصان طروادة‏

يخفي العقارب والأفاعي‏

من جنود «العم سام»‏

وعلى شمالك من ذئاب الأطلسي‏

خليفة السلطان سال لعابه‏

وأدار تركيا على قرن‏

فدار به الزمان إلى الوراء‏

وتوهم الخازوق مئذنة‏

وخال رجاله باياً وباشا‏

يحرسون «حرملك» الرجل المريض‏

فهل تعافى بعد قرن من تبعثر شحمه بين الرياح‏

أم إنَّ روح العبد فيه تسوطه كي يسترق الصقر‏

في قفص الصباح؟‏

خسئوا، كما خسئت فرنسا وهي تصغر ملقطاً للجمر‏

بين مخالب النمر الجريح‏

«ثوروا»، يصيح بشعبنا أحفاد «غورو»‏

من عرش «بونابرت»‏

من صاغته أشلاء الضحايا والدِّماء-‏

درب الحماقة، وهي تسلكه، وإن صرخت بنا‏

مزهوة: حرية، عدلٌ، مساواة، إخاء!‏

من يستجيب لبعقة «السوربون»‏

غير صداه يخلط عطر باريس بزيت الكاز‏

يرقص بين كثبان المال‏

على فحيح الجاز؟‏

من غير غليون يبعثر حولنا سحب الدُّخان؟‏

شبه المفكر - من تفكرناه قنديلاً-‏

ركيك اللغو، منطفئ المعاني،‏

يلغو كأنَّ يراعه عودٌ يطقطق في حرائق غيره؟‏

ومن يدعو إلى «سلمية الناتو» وجمر الماء، غير مناضل الطبقات، من حسب التحالف بين تركيا و«خرتيت، الرياض» تطابقاً مع اسمه بالذات، من قطفت سجون غريمه الطبقي وردة عمره فيغير الرايات، يصرف نجمه العمَّال حفنة فضةٍ من بنك بندر، يقتفي «حمد المفدى» وهو يرفع في الشوارع راية عدمية النجمات، يلعب بالكلام كأنه حاوٍ يقايض حبره ورصيده السجني بالقمل الذي نثرته لحية شيخة السَّلفي في الطرقات؟‏

• • • •‏

ومن غير الذي قد كان فناناً يراوغ ظله بخطوطه السوداء والبيضاء في الفلوات، بعد بياض أقمشة يشي بالحلم منطلقاً على خيلٍ من الألوان‏

إلى تلميع أحذية ينيخ خياله التقني‏

والفرشاة؟‏

• • • •‏

ومن غير المريد يريد أتباعاً يحك بهم على جرب الزًّعامة، بعد ماضٍ صار يستقوي عليه بآفة النسيان؟‏

ومن بئر إلى بئر يجرجر حبره ونقيقه، والنفط لا يروي‏

حقوداً نسغه النيران‏

فيلهث من مظاهرةٍ إلى أخرى‏

«سلوقياً» يلبي رغبة الصياد‏

كأن بلادنا سجن وكل مواطنٍ جلاد‏

ومثل غريمه الطبقي، باسم الشعب يذبح شعبه‏

لكنه يربو عليه بأن يسلمنا برمتنا‏

إلى أسياده الأوغاد‏

• • • •‏

من قباب دمشق إلى كعب قبقابها‏

يسطع النور أحمر كالورد في الخدِّ‏

أبيض كالنهد في قبضة اليد‏

من أين جاء الخفافيش‏

وانتشروا حولها‏

(من وادي جيلين‏

إلى نصيبين)؟‏

• • • •‏

نحن لا نستطيع وإن يعترينا الحنين‏

أن نعيد إلينا حبيباتنا السابقات‏

كما كنَّ فينا‏

فمن يستعيد الجراحة والخنجر‏

صدأَ وصديدا‏

في نسيج البلاد‏

ويحطم أنوال أرواحنا؟‏

ومن أي وكرٍ تفحُّ الثعابين بعد سبات عقودٍ‏

وتنسل من قشِّ حلم الفقير إلى شهده‏

في القفير، وتنفث من سمِّها في العسل؟‏

هاج نحل كثيرٌ‏

فمن أي لدغٍ ولسعٍ تورّم فينا الأمل؟!‏

• • • •‏

(من أين جاؤوا؟)‏

هذا السؤال لشاعر قبلي‏

ولكني أردّده سؤالاً لي‏

ويحمله الهواء‏

باسمي وباسم الصَّخر والماء الذي في الصَّخر‏

باسم جبلتي، أعني التّراب وما يضم من الرُّفات ومن جذور العشب الورق القديم..‏

وباسم الجدَّة الزباء تنعى بأس روما في شوارعها‏

وباسم مليكة سورية أسرى بها التاريخ من صور إلى قرطاج‏

وباسم جبالنا في البحر، باسم البحر بين تدافع الكثبان،‏

باسم الطَّير في الوديان نجذبها السَّماء‏

فلتنهضي يا شام كالعادة‏

الصَّيد في غاباته‏

يصطاد صياده‏

ولتغلقي يا شام أبواب الكواكب كلها،‏

أبواب كيسان، الفراديس، الصغير، الجابية‏

ولتوقفي في بابك الشرقي شمس الياسمين‏

وبين توما والفرج‏

فلتخلعي قبقابك الخشبي‏

عن قدمين من ضوءيهما‏

الغرب اختلج‏

ولترقبي قمر السلامة واقفاً‏

أعلى الدرج!‏

تونس - دمشق - تونس‏

10/9 -10/10 /2011‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية