وخلال هذا الواقع ثمة جملة من الوقائع يمكن تسجيلها في المشهد السوري حمل بعضها نقاطاً إيجابية وسجل بعضها الآخر نقاطاً سلبية وفي نواح أخرى هناك مفارقات لا يمكن تجاوزها لعل في مقدمها أن المواطنين الذين رفع أغلبيتهم الصوت عالياً طوال فترة السنوات الأخيرة وطالبوا الأجهزة التنفيذية الاطلاع بمسؤولياتها تجاه سلسلة طويلة من الملفات والقضايا الاقتصادية والمعيشية التي سببت أزمات متكررة نتيجة المعالجات القاصرة لمجملها لم يكن بعضهم للأسف على مستوى تحديات ومخاطر انتشار فيروس كورونا لا قدر الله جراء الاستهتار من قبل الأغلبية منهم بالالتزام بالإجراءات الوقائية المتخذة والتي سخرت لأجلها كل الإمكانات والكوادر ويسير العمل بها من قبل الأجهزة التنفيذية بمسؤولية وقدرة عالية على قيادة هذه المرحلة الحرجة وفي مشاهد الإقبال الشره وغير المنطقي من قبل العديد من المواطنين على الشراء وتكديس مختلف أصناف المواد الغذائية وغيرها واكتظاظ الحدائق العامة والمنتزهات بالناس وانتشار الأولاد في الشوارع ما يؤكد حالة الاستهتار التي يتعامل بها البعض مع الأزمة الحالية.
وما يمكن أن يسجل بفخر ويوضع في خانة النقاط الإيجابية التي ظهرت جلية خلال الأيام الماضية قدرة منشآت ومعامل وجهات عامة تعرضت خلال سنوات الحرب لكل أشكال التخريب والتدمير استطاعت النهوض بسواعد كوادرها وأن تقدم حاجة البلد على أقله لجملة من المواد والمنتجات التي يحتاجها بهذه المرحلة للتصدي لتحدي فيروس كورونا وفي هذا ما يؤكد متانة وقوة مؤسسات القطاع العام الاقتصادي والصناعي التي سعت وجهدت الدولة السورية في الدفاع عنها طوال سنوات الحرب العدوانية.
وفي جملة النقاط السلبية التي سجلت في المشهد السوري خلال الفترة الماضية ترسخ حالة الاستغلال والجشع لدى التجار والمنتجين والباعة الذين لم يوفروا مثل هذه الظروف كما العادة لرفع الأسعار واحتكار المواد واستغلال حاجة الناس لها في ظل غياب شبه تام وكما العادة أيضاً لجهاز الرقابة التمويني.
كل ما تقدم يستدعي وعند تجاوز مخاطر هذه المحنة إجراء من الأجهزة المعنية مراجعة تقييمية مسؤولة لعمل وأداء مختلف الجهات والقطاعات العامة منها والخاصة وحتى الأهلية تعمل من خلالها على تعزيز ودعم دور ومكانة القطاعات الفاعلة وتحاسب ودون مهادنة كل من تقاعس واستغل هذه الظروف وسعى لتحقيق مكاسب فردية على حساب المصلحة العامة.
الخطر الذي يهدد العالم وشل حركة الناس والاقتصاد في العديد من الدول يستدعي من الجميع في بلدنا التعامل معه بمسؤولية خاصة لجهة تكامل الأدوار والجهود على مختلف المستويات الحكومية والشعبية والخاصة والمجتمعية كي يتمكن بلدنا من تجاوز هذا الخطر الكبير.