وثمة تقديرات مالية مختلفة, حول تكلفة الحرب على العراق, محايدة, بدأت تظهر هذه الأيام.
ونشر حديثاً البروفيسور ستيغليتز, الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد دراسة تتعلق بتخميناته حول التكاليف الاجمالية للحرب على العراق, وقد توقع أن تبلغ حوالى 2000 مليار دولار لغاية عام 2015 أي ما يعادل 1% من الدخل الوطني الصافي الأميركي لعام ,2006 إلا أنها لا تشكل أكثر من 1% من الدخل الوطني على امتداد فترة الحرب.
وانتهى ستيعليتز في تقريره إلى نتيجة أنه (كان ثمة طرق أخرى, لا تتطلب سوى إنفاق جزء يسير من هذا المبلغ, أجدى من ضمان أمن الولايات المتحدة, والاستحواذ على قلوب وعقول شعوب الشرق الأوسط, وتعمل على تحريك العملية الديمقراطية.
وإن عدنا إلى تقديرات وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد, سنجد مسافة طويلة تفصلها عن تقديرات ستيغليتز, ففي تقديراته المالية لتكلفة الحرب على العراق لم يتوقع رامسفيلد إنفاق أكثر من 50-60 مليار دولار.
في حين بلغت تكاليف الحرب على الميزانية الأميركية لغاية نهاية عام 2005 /251/ مليار دولار.
ويتوقع الكونغرس ارتفاع هذا المبلغ ليصل إلى 500 مليار دولار عام ,2010 ومن منظور مالي بحت, يقول الخبراء إن المدفوعات اليومية للحرب على العراق بلغت في مطلع عام 2006 حوالى /200/ مليون دولار في اليوم الواحد.
ويأخذ ستيغليتز على الحكومة الأميركية تجاهلها في إدراج تكاليف هي من صلب الحسابات التي ستدخل في الميزانية المقبلة.
على سبيل المثال, لم تأخذ الحكومة في حسبانها التكاليف الصحية للعسكريين (وتشمل نفقات حالات العجز) المتعلقة باضطرابات نفسية وكذلك صدمات مختلفة.
وتلك النفقات يتم تقديرها حسب العدد الاجمالي للجنود الذين يتواجدون في العراق ما بين عامي 2010 إلى ,2015 مع الأخذ بعين الاعتبار التعاقبات التي تجري على القوات العسكرية بقدر ما سيمتد أمد الحرب, وكذلك الأمر بالنسبة لتكاليف التجنيد, والتي سترتفع تدريجياً.
كما يشير ستيغليتز إلى التكاليف الضرورية لإجراء تحديثات على التجهيزات والبالغة (100 مليار دولار), وبقدر ما تعاني الميزانية من عجوز فإن الفائدة التي ستدفع على القروض تمول عجوزاً إضافية (100 مليار دولار أيضاً).
وبالتالي, فإن تقديرات ستيغليتز المالية للحرب, تصل في أدنى مستوياتها إلى 750 مليار دولار لغاية عام 2010 مقابل 500 مليار دولار مقدرة من قبل الكونغرس.
وفي حال استمر وجود القوات الأميركية في العراق, فإن المبلغ سيصل إلى 1270 مليار دولار.ويرى الخبراء الاقتصاديون أن تلك التقديرات المالية تتجاهل التكاليف الاقتصادية الفعلية.
ومن هذا القبيل, كيف يمكن تقدير الخسائر البشرية (والتي وصلت إلى 2300 جندي لغاية الآن)? علماً أن الكونغرس الأميركي أخذ في حسابه التعويضات والنفقات المدفوعة لأجل ذلك.
وهو مبلغ ازداد الضعف حديثاً, ليصل إلى 600 ألف دولار لكل جندي يقتل, أما ستيغليتز, فإنه يرفع هذا المبلغ ليصل إلى 6 مليون دولار.
وهو مبلغ وافقت عليه المحاكم كحد وسطي للتعويض عن موت أي مشارك في هذه الحرب سواء أكان من العسكريين أو المدنيين.
وهذا الاختلاف في التقديرات يبرز في مسألة الجرحى, البالغ عددهم منذ عام ,2003 16000 جريح.
ومثال آخر على التكاليف الاقتصادية لا المالية يكمن في الاختلاف بين ما يتقاضاه الجندي في الاحتياط وأفراد الحرس الوطني (وينتشر منهم في العراق حوالى 40% من أْعداد الأميركيين الموجودين هناك) وبين ما يتقاضاه اولئك الذين يعملون بصفة مدنية.
ويرى الخبراء الاقتصاديون مثل ستيغليتز أن رواتب المدنيين أعلى بكثير من رواتب العسكريين, وهذا ما يؤدي إلى تضخيم النفقات العسكرية, بما يعادل من 200 إلى 300 مليار دولار.
هذا بالإضافة إلى النفقات الماكرو اقتصادية المفروضة على الولايات المتحدة, مثل إسهام الحرب بشكل كبير في ارتفاع أسعار النفط, مضيفاً إلى النفقات من 125 إلى 300 مليار دولار.أو تبدلات معدلات الفائدة وأسعار البورصة, ليصل الخبير الاقتصادي إلى مجموع مالي يقدر ما بين 1026 إلى 2239 مليار دولار مع نهاية الحرب.
والتقديرات المالية لم تتعرض إلى حجم الخسائر البشرية وخسائر التجهيزات في العراق نفسه.