وفي صياغة الوعي القومي لهذه المواجهة بما يتجاوز الآني والراهن إذ ىؤكد التاريخ العربي المعاصر أن للقائد العربي الراحل حافظ الأسد دوراً مهماً وأساسياً في الدفاع عن الأمة في فترة جد عصيبة حيث رسم وبدقة أسس التصدي للغزوة الصهيونية العنصرية التي هي الأقسى والأخطر في التاريخ العربي لماتحمله من أهداف ترمي إلى استنزاف الأمة العربية لتلفظ أنفاسها من إبقاء حالة التجزئة التي تغرق الأمة وتجذيرها وصولاً إلى تفتيت الكيانات القطرية وتحطيمها وإنهاء الهوية العربية واستبدالها بهوية أخرى يجري الترويج لها بمشروعات تحمل تسميات مختلفة , وبذلك حمل القائد الخالد مسؤولية الذود عن الحاضر والمستقبل العربيين حتى اللحظة الأخيرة في حياته, فالقائد الراحل استطاع ومن خلال نظرة ثاقبة ورؤية شمولية بعيدة تحليل الصراع العربي الصهيوني وتحديد عوامله وعناصره والقوى الفاعلة فيه . فالمشروع الصهيوني كتحالف بين الصهيونية والقوى الغربية الكبرى التي تناوبت على دعم هذا المشروع وتوفير الحماية والقوة له مدعم بأوهام كاذبة وقدرات لايفكر أنها ضخمة ولايقف هذا العدو بتهديده عند حدود الأرض واغتصاب فلسطين واحتلال أجزاء من الأرض العربية ولاينتهي عند التهديد بترسانته الضخمة التقليدية والنووية للبلدان العربية , بل يمتد ليطال الوجود العربي برمته وبذلك يوضح الرئيس الراحل البعد الأول للصراع العربي الصهيوني المتمثل باستهداف المشروع الصهيوني العنصري التوسعي للعرب جميعاً وجوداً وأرضاً وهوية, إذ يقول :( إن أطماع الصهيونية واضحة كالشمس فالأمر واضح في كتب الصهاينة وتعاليمهم إنهم لايريدون فلسطين فقط أو قطعة أرض هنا أو هناك فقط ولايريدون قطراً عربياً دون آخر فقط بل يريدون الأرض الممتدة من النيل إلى الفرات ) .
أما البعد الآخر للصراع العربي الصهيوني وكما يراه القائد الراحل حافظ الأسد فيتمثل بضرورة المواجهة القومية الكاملة واستنفار طاقات الأمة كلها للتصدي لهذه الغزوة الشرسة و التي لن تجد السبيل الناجح لرد العدوان و دفعه عن الأرض و الكرامة , فالبعد القومي إطار لازم و ضروري لمواجهة أخطار المشروع الصهيوني. و يلخص الراحل الكبير ذلك بقوله (( في إطار الصراع مع العدو ليست لنا قضايا وطنية اقليمية فالصراع مع العدو وكل ما يتفرع عن هذا الصراع هو قومي عربي لا سوري و لا أردني و لا فلسطيني و لا شيء آخر, هو عربي و في هذا الاطار نحن نعالج صراعنا مع العدو و من خلال هذا المنظار نرى تفاصيل الصراع مع إسرائيل ))
ولا ننسى أن القائد الخالد حذر مبكراً وهو يقود القلعة العربية السورية الصلبة في مواجهة الغزوة الصهيونية من مخاطر الالتفاف على العرب و فتح جبهات ثانوية تشتت القوى العربية و تبعثرها و تبعدها عن الجبهة الرئيسية سواء أكان ذلك ضمن محاولات بذر الفتنة بين الأشقاء و تعريب الصراع أو نقل الصراع إلى المعارك بين العرب و جيرانهم لأن ذلك يخدم المشروع الصهيوني في المحصلة و يكرس حالة الضعف العربي, و هذا ما يشير إليه الراحل الكبير بقوله :
( فاسرائيل لم تواجه القوة العربية مجتمعة في أي وقت مواجهة حقيقية بل واجهت قوى مجزأة مبعثرة ).
وضمن هذا المنظور الاستراتيجي للصراع العربي الصهيوني و الذي يقوم على ادراك شمولية الخطر الصهيوني على العرب كافة من جانب و على ضرورة المواجهة القومية لهذا الخطر كشرط أساس لوضع حد لشروره و اسقاطه من جانب آخر, قاد الراحل الكبير معارك ناجحة ضد الغزوالصهيوني في حرب تشرين التحريرية و اسقاط المؤامرة عن لبنان و دعم المقاومة الوطنية اللبنانية حتى تمكنت من تحرير جنوب لبنان و دعم المقاومة الفلسطينية باتجاه تحرير الأرض. وقد كان لهذه المعارك الدور الكبير في منع توسع دائرة العدوان و تفاقم خطره.
إن الايمان بالأمة و بقدرتها على تجاوز المحن و الصعاب ورد العدوان مهما بدا الواقع صعباً يشكل الأساس لفجر عربي جديد لا يغيب عنه اسم حافظ الأسد رحمه الله, وها هو السيد الرئيس بشار الأسد يتابع المسيرة المظفرة , مسيرة العزة, مسيرة التصحيح, مسيرة البناء و التحرير, مسيرة الحفاظ على الثوابت القومية و عدم التفريط بالحقوق العربية.