إنّها حكاية عشق عميق الجذور بدأ القائد الكبير بحفر سطورها على جبهة الشّمس منذ اليوم الذي بايعته فيه الجماهير العربيّة ربّاناً أميناً آلى على نفسه أن يسمو بهذا الوطن إلى معارج التقدّم و الحضارة غير آبه بالصّعاب المحتشدة في الطريق, و أشهد شعبه على ذلك فكان كما عقدت الجماهير الآمال الكبيرة عليه الرّجل الصّادق الذي يقول فيفعل, يعد فيفي , وتلك المنجزات الشّامخة التي أرسى قواعدها المتينة تشير ببنان الفخر إلى صاحب مسيرة الخير و البناء في وطن العزّة والإباء القائد الكبير حافظ الأسد.
بدأت الحكاية منذ فجر الحركة التّصحيحيّة المباركة التي أطلّ فجرها الوضّاء يوم السّادس عشر من تشرين الثّاني عام,1970 عندما آمن الرّئيس الرّاحل حافظ الأسد أنّ سورية لم تُخلقْ لتكون ريشة تتقاذفها الأهواء والصّراعات, سورية ليستْ ملعباً لتصفية الحسابات بين القوى العربيّة و الإقليميّة و العالميّة, وهنا عقد الرّئيس الكبير حافظ الأسد العزيمة الصّادقة أنْ يعيد سورية إلى المكان الطبيعيّ الذي خلقته عوامل التّاريخ والجغرافيا,إنّها كما يجب أنْ تكون حادية قوافل النّضال العربيّ إلى دروب العزّة و الإباء, و اتّخذ القائد الكبير قراره أن تعود سورية إلى المكان اللائق بها, بحجمها العربيّ والدّوليّ, ومثل هذا القرار كان يحتاج إلى جهد عظيم وعمل ضخم ,ولم يكن التحدّي صغيراً, ولكن القائد المقدام الذي كان مصمّماً على بلوغ الهدف السامي وأخذ يهيّئ الأسباب الكفيلة بتحقيقه, ووقفت الجماهير العربيّة في سورية خلف قائدها الذي أحبّته تشدّ من أزره فالتحمت إرادة القائد وإرادة الشعب فكان ذلك الحصاد الحضاريّ الذي نزهو به ونعتزّ بالانتساب إليه.
ولأنّ القائد الرّاحل حافظ الأسد أدرك أنّ الأساس الرّاسي لبناء المستقبل المشرق يجب أنْ يكون مستنداً إلى قاعدة جماهيريّة عريضة فقد انطلق إلى تعزيز الوحدة الوطنيّة ذلك البناء الشّامخ الذي جعل سورية قلعة حصينة متماسكة عصيّة على الاختراق تجابه الشدائد بهمّة لا تلين, ومن هنا نستطيع أنْ نفهم معاني كلمات هذا القائد الاستراتيجيّ الذي أوتي بعد نظر يشهد به القريب و البعيد عندما قال:
(ما ضل ّ الطريق ولا جانب الصّواب من سار على طريق الشّعب,ولا خسر المعركة من خاض معركة الشّعب).
هذا الشّعب يمتلك جذوراً ثقافيّة عريقة عراقة سورية التّاريخ و الحضارة , تلاقحتْ الثّقافات فوق أرضه المعطاء, فكان من البديهيّ أنْ يعرف حركة ثقافيّة متجدّدة, و أن تنطلق هذه الحركة إلى الميدان السياسيّ, ولا يماري أحد في أنّ سورية العصر الحديث عرفت حركات سياسيّة شتّى تأثّرتْ بالأحداث السّاخنة التي كانتْ تعصف بالعالم بعد الحرب العالميّة الثّانية, لكنّ معظم هذه الحركات كانتْ قوميّة المنطلق
و المستقرّ, تؤمن أنّ الوحدة العربيّة لا بدّ آتية مهما بدا أنّ ولادتها متعسّرة, وكان حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ في مقدّمة تلك الحركات, وقد استطاع أنْ يمتلك قاعدة جماهيريّة عريضة جعلت المجال رحيباً أمام انتشار أهدافه في الوحدة والحريّة والاشتراكيّة.
هذه الحقيقة كانتْ ماثلة بوضوح ناضج في فكر القائد الرّاحل حافظ الأسد لذلك عمل على تأطير النشاط السياسيّ للجماهير في سورية, فكانت ولادة الجبهة الوطنيّة التقدّميّة عام 1972 مطلباً ملحّاً لتوحيد الجهود السياسيّة التي تلتقي عند نقطة واحدة دفاعاً عن وجود الأمّة وسعياً دائباً لغد مشرق ترنو إليه بكلّ أمل ولهفة.
بهذه الوحدة الوطنيّة الرّاسخة خاض القائد الرّاحل بجيش سورية الأبيّ حرب تشرين التحريريّة التي ستظلّ مكتوبة في سفر أمجادنا بمداد الفخر,وبها لبّى نداء العروبة فأنقذ لبنان الشقيق من حرب أهليّة لا تبقي ولا تذر, حرب أرادت قذف لبنان خارج الدّائرة العربيّة واجتثاث جذور أصالته, والالتفاف على القضيّة الفلسطينيّة ليكون مصير أبناء الشعب العربيّ الفلسطينيّ خياماً تذروها الرّياح, وتشرّداً في متاهات الغربة والنّسيان.
سورية بقيادة الرئيس الرّاحل حافظ الأسد قدّمتْ كلّ ما تستطيع دفاعاً عن عروبة فلسطين وحقّ أبنائها في إقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة فوق التّراب الفلسطينيّ كما أقرّت بذلك القرارات الصّادرة عن الأمم المتّحدة. سورية هي التي مشتْ مرفوعة الهامة إلى مؤتمر مدريد و أعلنت موقفها المبدئيّ الثّابت الذي لن تحيد عنه قيد أنملة فهي مع السّلام العادل الشّامل القائم على مبدأ الأرض مقابل السّلام.
لقد كان القائد الكبير حافظ الأسد ملء سمع وبصر الأمّة العربيّة, و اليوم في ذكرى رحيله السّادسة تطلّ مآثره النبّيلة على مساحات الوطن شلاّلات عطاء يشير إلى حبّ هذا القائد لوطنه وشعبه.
ولأنّ هذا القائد حريص على وطنه وشعبه فسيقرّ عيناً أنّ الرّاية اليوم في يد السيّد الرّئيس بشّار الأسد الذي كان عند حسن ظنّ جماهير شعبه به , فمضى بالسّفينة إلى شاطئ الأمان والازدهار.
لقد رفع السيّد الرّئيس بشّار الأسد شعار التّحديث و التّطوير,وأراده واقعاً فعليّاً لا كلاماً نظريّاً, وكان واثقاً أنّ هذه المسير الخيّرة ستؤتي أكلها عمّا قريب, وهاهم أبناء الوطن يلتفّون حول هذا القائد الإنسان الذي يحمل كلّ شمائل النبل والأصالة, يمضون تحت رايته لأنّهم يتطلّعون إلى الغد المشرق وهم أكثر تصميماً على بلوغه,محبّة القائد بشّار الأسد سلاحهم الأمضى في مواجهة التحدّيات واجتيازها, وسيكون النّصر حليف شعب يقوده الرئيس الإنسان بكلّ جمال وجلال كلمة (إنسان) السيّد الرئيس بشّار الأسد.