تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بحيرة طبريا..حق سوري يراد به باطل إسرائيلي

هذا جولاننا
الأثنين 20/10/2008
هناء الدويري

الخلاف على بضعة أمتار أو مئات الأمتار من الأرض على الضفة الشمالية الشرقية لبحيرة طبريا, هذا ما حاول المحللون أن يستنتجوه ورأوا أن الصراع على بحيرة طبريا أصبح جوهر الخلاف التفاوضي الأخير بين سورية و اسرائيل ,

لذلك لا بد من إلقاء الضوء على الصراع على بحيرة طبريا الحق السوري الذي يراد به باطل إسرائيلي لا أمل منه بالنسبة إليهم.‏‏

كانت سورية عشية حرب 1967 موجودة على الشاطىء الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا, و كان صيادوها يصطادون السمك في البحيرة, و كان هناك بعض القرى الجولانية الصغيرة على الشاطىء ( والتي أزالتها اسرائيل الآن) واستمدت مياهها من البحيرة, وحسب المبعوث الأمريكي (دينس روس) فإن القائد الخالد حافظ الأسد قال للرئيس كلينتون: إنه سبح في البحيرة و قلى وجبة من السمك على الضفة. المطلب السوري الرئيسي هو إعادة الوضع الذي كان سائداً قبل حرب حزيران 1967, و من هنا إصرار سورية على إعادة الوضع السابق, أي انسحاب اسرائيل إلى خط/4 حزيران 1967 / مقابل السلام, و هذا هو موقف سورية و جوهره.‏‏

و بالمقابل لا تصر إسرائيل على التفرد بالسيادة والسيطرة على البحيرة فحسب أيضاً على ساحلها المباشر , ثم عبره إلى مسافة تشمل الطريق الذي يمر حول البحيرة, أي إن إسرائيل لكي تبعد سورية عن الطرف الشمالي الشرقي من البحيرة تريد تقديم خط الحدود بضعة مئات من الأمتار إلى الشرق, و هو مطلب ترفضه سورية تماماً بالطبع.‏‏

وكما شرح القائد الخالد حافظ الأسدللقادة الأجانب, خلال زياراتهم إلى دمشق, فإن أراضي الجولان ليست جوهرية لسورية على الصعيد الاقتصادي فحسب بل إنها رمز مهم من رموز سيادتها و استقلالها ,و إذا وافقت على تسليم شبر واحد منها, فما المانع من تسليم الكل. هكذا نجد من زاوية القضيتين الحاسمتين- السيادة على الشاطىء ووصول سورية إلى البحيرة - بعداً كبيراً بين الموقفين, و لكن ما هي خلفية الخلاف التاريخي?‏‏

شكلت سورية و فلسطين تحت سلطة العثمانيين , أي قبل الحرب العالمية الأولى منطقة جغرافية واحدة., و كانت فلسطين في النصف الثاني من القرن 19 جزءاً من ولاية الشام, ثم أعاد العثمانيون خلال الثمانينات من القرن نفسه ترسيم الولايات, و اقتطعوا من ولاية الشام ولاية واحدة جديدة لبيروت ألحقوا بها القدس , وكانت هناك حرية كاملة لتنقل البشر و البضائع في كل الوحدات الادارية التي تكونت منها سورية الجغرافية.‏‏

وكما يعلم الجميع فإن نهاية الحرب العالمية الأولى شهدت تدمير الإمبراطورية العثمانية, و تمزيق سورية الجغرافية و تعريض مناطقها للاحتلال و إخضاعها إليه من قبل القوى العظمى المنتصرة في الحرب.‏‏

وفي صيغة استعمارية مموهة أعطت عصبة الأمم لبريطانيا الانتداب على فلسطين ولفرنسا الانتداب على سورية و لبنان. بعدها دخلت القوتان اللتان كانت تنتظر الواحدة منهما إلى الخطط الإمبريالية للأخرى بارتياب في مفاوضات طويلة لرسم الحدود الدولية بين سورية و فلسطين.‏‏

كان اتفاق سايكس - بيكو المبرم أثناء الحرب في عام 1916 الذي قسم المنطقة للمرة الأولى في مجالي نفوذ بريطاني و فرنسي, وضع ثلثي بحيرة طبريا في القطاع الفرنسي أي في سورية, و عدل ذلك في معاهدة أنكلو- فرنسية أبرمت في عام 1920, و ضع بموجبها ثلثا البحيرة في القطاع البريطاني, أي من فلسطين لكن بريطانيا تعرضت بسبب إعلان بلفور الذي وعدت فيه أثناء الحرب بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين , لضغوط صهيونية مكثفة لكي تعدل الحدود مرة أخرى لمصلحة فلسطين , كان الصهاينة يريدون وهم يخططون لإقامة دولتهم في المستقبل أن يدخلوا في فلسطين كل المستوطنات اليهودية, و قبل كل شيء كانوا يريدون أن يسيطروا على الموارد المائية للمنطقة , و بعد مزيد من المفاوضات الانكلو- فرنسية تم التوصل إلى حدود 1923 الدولية, و بموجب هذا الاتفاق مدت حدود فلسطين لتشمل كلا ضفتي أعالي نهر الأردن إضافة إلى الشواطىء الشرقية لبحيرة الحولة و بحيرة طبريا, و في الزاوية الشمالية الشرقية من بحيرة طبريا رسمت الحدود على مسافة /10/ أمتار فقط على خط الماء.‏‏

ولكن تبين أن هذا الترتيب لم يكن عملياً, كانت هناك سبع قرى سورية على مقربة من البحيرة و تعتمد عليها, و لم يكن بالإمكان أن تعزل عن البحيرة على مسافة10 أمتار , و هكذا أبرمت بريطانيا وفرنسا في 1926 اتفاق حسن جوار أعطى القرى السورية منفذاً إلى البحيرة وفي الواقع احتفظت سورية بمنفذ إلى الزاوية الشمالية الشرقية حتى احتلال اسرائيل للجولان عام 1967 .‏‏

من نافلة القول يؤكد ( باتريك سيل) بأن سورية لاتقبل في الوقت الحاضر بحدود 1923 الدولية أي التي رسمتها الامبريالية على الخريطة العربية, فهي حسب وجهة النظر السورية فرضتها على المنطقة قوى أجنبية و هو ما جرى فعلاً , و لم تكن لسورية المستقلة يد في ذلك , و الحدود الوحيدة المقبولة بالنسبة إلى سورية هي خط الرابع من حزيران 1967 أي الخط الذي كانت سورية تحتفظ به و تدافع عنه عشية حرب حزيران.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية