|
تراث الفسيفساء... موضوعات عن التآخي والتعايش بين الأديان في سورية مجتمع ويعد المتحف الوطني في معرة النعمان من المتاحف الأولى في العالم للفسيفساء وهذا ما يعطي دليلاً قاطعاً على قدم وعراقة تلك الصناعة حيث كانت تستخدم اللوحات الضخمة كأرضيات للكنائس والأسقف بالإضافة إلى اللوحات الجدارية, وكانت مواضيعها تمثل الاسطورة الشائعة في ذلك الحين أو مشتقات من الطبيعة. وهناك مواضيع كانت تمثل الأحداث في ذلك الوقت مثل المعارك والاجتماعات والمناسبات ,بالإضافة إلى مواضيع تمثل صور الملوك وأفراد أسرتهم الحاكمة وقصورهم وممتلكاتهم وإنجازاتهم. والآن وبعد مضي قرون على انقراض تلك الصناعة عاد بعض المهتمين والفنانين في معرة النعمان لاستنهاض هذه الحرفة القديمة والعمل بجدية لإحياء تلك الصناعة وإعادتها إلى الحياة ودب الروح فيها من جديد, الفنان عصام صالحة ابن معرة النعمان تحدث للثورة عن عمله في فن الفسيفساء منذ أكثر من عشرين عاماً كهاو ثم محترف. > ماالأسباب التي دفعتك للاهتمام بفن الموزاييك? >> بداية حبي للفن وهوايتي الشخصية وابتكار شيء لم يكن موجوداً, فقد كنت منذ عشرين عاماً أجد صعوبة في موضوع العمل لكوني لم أدرس أو أتلقى هذا العلم فأذهب إلى المتحف الوطني بالمعرة وأتفرج على اللوحات لأعود وأطبق ما رأيت بشغف وحب . > ما المراحل التي مررت بها خلال تجربتك الشخصية بهذا العمل? >> كنت أجد صعوبة كبيرة في البداية بتأمين المواد الأولية وتأمين الألوان والرخام الملون بتدرجاته المختلفة حيث كنت أذهب إلى الجبل وأبحث بين الصخور عن الألوان التي أريد استخدامها في لوحاتي, إذ لم يكن حينها يوجد رخام مستورد وملون كما اليوم. أما اليوم فنحن كفنانين نجد تشجيعاً لموضوع الإبداع والفن وقد حصلنا على رخص نظامية لهذا العمل وتوفرت المواد الخام بعد أن سمح باستيراد الرخام بألوانه وأصبحت هناك آلات لقص الرخام وصار كل شيء أسهل مما كان عليه. > ماالذي حصل من تطورات في فن الفسيفساء? >> عندما وجدت طلباً لفن الفسيفساء أصبحت أقوم بشكل شخصي بزيارات للخارج واستخدمت مجموعة من الفنانين للمساعدة في عملي حتى وصل عددهم إلى أربعين فناناً, منهم يعملون في المنازل مثل النساء حيث يقمن بصنع لوحات الفسيفساء الهندسية. > ما مدى الاستجابة والقبول لفنكم في دول العالم? >> قمنا بعمل معارض في العديد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا واسبانيا وقبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا وكان زائرو المعارض يظنون في البداية أننا إيطاليون باعتبار أن إيطاليا هي الدولة الأولى المشهورة بهذا الفن وكانوا يصابون بالذهول والاندهاش لروعة العمل عندما يعرفون أننا سوريون وبالتالي تتغير نظرتهم لسورية من ناحية الفن والحضارة والتعايش السلمي بين الأديان. وقد بيعت لوحاتنا كأيقونات للكنائس حيث كنا نحرص أثناء المعارض على عرض مواضيع عن التآخي والتعايش بين الأديان في سورية. > ما مدى مستوى العمل بالنسبة لفريق الفنانين الذين يعملون معك? >> نقسم العمل على كل فنان حسب الإبداع, البعض يقوم بعمل لوحات هندسية والآخر نباتية, وكل حسب قدرته على الابتكار. ولكن هناك شيء واحد يربط العاملين في هذه المهنة هو هدوء الأعصاب والصبر والمتابعة والمثابرة وحبه للفن والإبداع من خلال تحويل المواد الجامدة إلى أشياء لها معنى وتعبير وحياة . > ما هدفكم بعد انتشار هذا الفن واحتمالات توسعه أكثر? >> بالتأكيد نحن نهدف للحصول على سمعة عالمية جيدة وهذا الموضوع يتبع الإمكانيات والحاجة لإمكانيات مادية أكثر ودعم حكومي حيث نقوم حالياً بدفع أجور معارض وأجور سفر وإقامة وأجور شحن بضائع وتخليص جمركي ومصاريف كبيرة جداً. ونأمل أن نلقى دعماً حكومياً لهذا الفن يمكن من خلاله توفير أماكن العرض وبعض النفقات وإدخالنا في المؤتمرات والمعارض يمكن أن يعود بالفائدة على سورية ويعطي فكرة مشرقة وأن نقدم عملاً لم تقدمه أي دولة وهذا ما يسهم بحل مشكلة البطالة لكثير من الشباب والهواة. أخيراً لقد استطاع الفنان السوري بأدواته الخلاقة أن يترجم لنا فلسفة الجمال والإبداع التي يقف فن الفسيفساء في قمة هرمها متربعاً على عرش الصورة الفنية المتكاملة, حيث جعل الحجر يروي حكايات الماضي العتيق حكايات صنعتها أيدي الصناع المهرة على الجدار والقباب والأرضيات فروت ماضيهم وكيف أن إبداعهم تجاوز حدوده وأنطق الحجر.
|