تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هكذا يأسفون على ما ارتكبوه في الفلوجة

عن موقع Common Dreams
ترجمة
الأربعاء 4-1-2012
ترجمة : خديجة القصاب

راحوا يتباكون ظاهرياً على ما اقترفته أيديهم من مجازر في الفلوجة وبطرف لسانهم يعبرون عن أسفهم على جرائمهم تلك أنهم عناصر من القوات الأمريكية التي نشرت الإرهاب والقتل والدمار في العراق على امتداد السنوات التسع الماضية

ولتنطلق بعض من وسائل الاعلام الغربية للكشف عن يوميات تلك الحرب الانغلوأمريكية التي شنت على العراق وذلك من خلال اعترافات عدد من المارينز الذين شاركوا فيها فهاهو “ روس كابوتي “ وكان عنصراً نشطاً من قوات المارينز خدم في العراق بين عامي 2003 و 2006 يتحدث عما خبره في تلك الحرب فيقول : لم أدرك ماذا تخبئ لنا الحرب على العراق إلا عندما بدأت أفقد أصدقائي المقربين من تلك القوات الواحد تلو الآخر خلال الحصار الثاني للفلوجة العراقية وما خلفه الهجوم على تلك المدينة من تدمير لبناها التحتية ومنازلها ناهيك عن مقتل آلاف المدنيين العراقيين المقيمين فيها ونزوح المئات من سكانها إلى المدن العراقية المجاورة للفلوجة خوفاً على حياتهم جراء هذا الهجوم .‏

لقد تسببت عمليات الهجوم والاعتداء على هذه المدينة في تسميم حياة جيل من أبناءها واصابة المواطنين العراقيين فيها بأمراض سرطانية اضافة لمعاناة أطفالها عند ولادتهم من تشوهات وعلل جسدية مختلفة .‏

ورغم مرور سبع سنوات على الهجوم العسكري الأمريكي المذكور على الفلوجة لا تزال الأكاذيب التي عملنا على تسويقها في وسائل الإعلام العالمية لتبرير ممارساتنا تلك تروّج‏

انطلاقاً من آراء مفبركة لا صحة لها على الإطلاق ولاتزال القوات الأمريكية التي شاركت في الهجوم على الفلوجة تجهل هوية العدو الذي واجهته والهدف الذي قاتلت من أجله فعقب كل اعتداء على أهالي المدينة كانت قوات المارينز التي تشتبك مع العراقيين تعود إلى قواعدها خارج المدينة عام 2004 لتترسخ لدى تلك القوات قناعة بأن أهالي الفلوجة بعيدين عن الانسانية لأن مقاومتهم لنا نحن المقاتلين الأجانب يشكل عملاً ارهابياً بالنسبة للمارينز وقادة تلك القوات لكن سرعان ما أدركت خلافاً لأصدقائي من الجنود الأمريكيين بأننا نحن المعتدون وأن المقاومة التي يبديها مقاتلو الفلوجة العراقيين انما هي للدفاع عن مدينتهم .‏

ويتابع “ روس “ اليوم تمر الذكرى لوفاة اثنين من أقرب وأحب أصدقائي إلى قلبي هما “ترافيس ديزياتو “ و “ براد فيركلوز “ إذ قُتل كلاهما خلال الحصار الثاني لمدينة الفلوجة علماً أن موتهما لم يشكل عملاً بطولياً يستحق التمجيد لا بل على عكس ذلك يعتبر عملاً مأساويا وهنا يتساءل “ روس كابوتي “ كيف لي أن أتنكر لما أبداه سكان الفلوجة من مقاومة رغم قيامهم بقتل أصدقائي في الوقت الذي كنت أدرك فيه أنني سأتصرف على غرار ماقاموا به لو أنني كنت مكان أهالي الفلوجة وكيف لي أن ألقي اللوم على المقاومة العراقية بينما أنا و أصدقائي نمثل المعتدين ربما كان مصيري سيكون شبيه بمصير أصدقائي فيما لو حملت قنابل مشعة فوق ظهري وقمت بتفجيرها في وجه أهالي الفلوجة العراقية الأمر الذي أدى يومئذٍ إلى مقتل مئات المدنيين في المدينة وتحويل مبانيها إلى قطع من الحجارة المهشمة فلو كنت من أبناء وسكان الفلوجة لعمدت إلى قتل أي شخص يقوم بما قمت به هناك ثم يستطرد “ روس “ قائلاً : ليس أمام ابن الفلوجة خيار آخر فمصير مدينته وأسرته يعتمدعلى مقاومته وعلى مواجهته وقتله الغزاة الأجانب .‏

لقد ارتكب كلاً من “ ترافيس “ و “ براد “ أعمالا اجرامية إلى جانب كون كل منهما ضحية عملهما اذ تم قتل كل منهما قبل توجههما لإبادة مواطني الفلوجة لأنهما على غرار المارينز في العراق مرتهنين لأجندة سياسية جعلتهم يشكلان مع رفاقهم القبضة الحديدية للامبراطورية الأمريكية رغم اعتقاد قادة تلك القوات أن فقدان هذين الجنديين يشكل خسارة حقيقية ويتابع‏

“روس” أنا لا أشعر أن هناك تناقض بين مشاعري تجاه هذه الحرب حين أتعاطف مع مقتل قوات المارينز الأمريكيين وأقف في آن واحد إلى جانب مواطني الفلوجة الذين قتلوا جراء تصديهم لأسلحة الجنود الأمريكيين ولكن التناقض يكمن في اعتقادنا أننا نحن كأمريكيين نلجأ إلى تحرير الآخرين أي العراقيين هنا حين نعمل على قمع حرياتهم وآمالهم كما حدث بالنسبة لأهالي الفلوجة .‏

كذلك يكمن التناقض في توهمنا أننا أبطال عندما يصبح تعريف كلمة بطل لا علاقة له بممارساتنا ومافعلناه في الفلوجة .‏

إن مااقترفناه في الفلوجة لم يكن باستطاعتنا تجنبه وما أرغب بانتقاده الآن هي الأكاذيب والمفاهيم المغلوطة التي تنشرها القوات الأمريكية اينما حلت كذلك أتطلع إلى تدمير الآراء المسبقة التي منعتنا من مساءلة أنفسنا ماذا كنا سنفعل في حال تعرضت دولتنا الأمريكية لغزو جيش أجنبي وفرض حصار على مدننا لقد أصبحت اليوم أدرك الدوافع السكولوجية التي تجعل الذي يمارس الاضطهاد و الإرهاب يلقي اللوم على ضحاياه .‏

كذلك الأمر بالنسبة لآلية الدفاع عن النفس وسوق التبريرات التي يتم الترويج لها لجعل الغزو مقبولاً .‏

كذلك الأمر بالنسبة للحاجة العاطفية الملحة التي تدفعني لأكن الكراهية لمن يقتل انساناً عزيزاً‏

على قلبي لكن كي يتسنى لنا وصف العوامل النفسية التي تحمي وتصون تلك المفاهيم‏

والتصرفات الخاطئة يتوجب علينا عدم تجاهل الحقيقة اللاأخلاقية واللاموضوعية القائلة أنه مامن معتدي يتردد في إلقاء اللوم على ضحاياه جراء دفاعهم عن أنفسهم انها القواعد اللاأخلاقية التي تستخدم لتبرير الهجوم على مواطنين فيتناميين وسلفادوريين وأفغان البارحة كما تفعل واشنطن وسياساتها واليوم تتكرر تلك القصة القديمة ثانية ولكن بأسلوب آخر فالتاريخ يذكر تلك الأكاذيب الملفقة التي أصبحت جزءاً من موروثنا الثقافي .‏

لقد عرّف التاريخ الأمريكي قواته بأنهم أبطال وأن أي فرد يهاجم هذا البطل هو انسان سيئ يستحق الشفقة ويثير السخرية نعم لقد تمّ استبدال الأدوار لتتحول الجهة المعتدية إلى جهة تدافع عن نفسها مع جعل الأعمال الغيرأخلاقية تتصف بالأخلاقية على غرار مفاهيم الحرب التي‏

تختلف بين الدول الاستعمارية و الدول المستعمرة ثم يتابع “ روس “ لايمكنني أن أتصور امكانية احقاق العدالة دون وضع حد لتلك الأكاذيب كذلك لا أرى قضية أكثر أهمية من ادراك الفروقات بين الاعتداء وحالة الدفاع عن النفس فضلاً عن دعم النضال المشروع للشعوب ويضيف “ روس “ أنا لاأستطيع أن أكن الكراهية والحقد وألقي اللوم على الفلوجيين واستاء منهم لقيامهم بمواجهة قواتنا الأمريكية انني أتأسف للدور الذي لعبته كجندي أمريكي خلال الحصار الثاني للفلوجة .‏

ويختم “ كابوتي “ مقالته بالقول : شعرت عندما خرجت من الفلوجة انني ارهابيا ليس إلا وها أنا أوجه الانتقادات علنا للقوات العسكرية الأمريكية .‏

حاليا انتسب روس لجامعة بوسطن كطالب علماً أنه شارك في تأسيس مايسمى جمعية تحقيق العدالة للفلوجة وليعمد يوم 11 أيلول 2011 إلى تبني اعلان وقع عليه واحد وعشرين عنصراً من الجنود الأمريكيين والبريطانيين ثم تسليمه إلى رئيس وزراء بريطانيا “ديفيد كاميرون” في مقره في لندن يتضمن الطلب من هذا الأخير وضع حد للحرب على الإرهاب وإعادة القوات الأجنبية كافة من الخارج إلى موطنها الأم .‏

 بقلم : روس كابوتي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية