تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ندوة كاتب وموقف..العلامة محسن الأمين العاملي عطاء في الفكر والثقافة

ثقافة
الأربعاء 4-1-2012
فادية مصارع

الحديث عن السيد محسن الأمين كمن يغرف من بحر، فهو العلامة صاحب الثمانين مؤلفاً الذي ربط الاجتهاد بالإصلاح، وهو الفقيه والباحث والشاعر، وأحد أعلام مدرسة التجديد والنهضة والتنوير،

لذلك اختار مدير ندوة كاتب وموقف أ.عبد الرحمن الحلبي أن يكون عنوان ندوته «نظرة في عطاء الراحل محسن الأمين» لأن الباحث في شخصه وعطائه يحتاج إلى  ندوات وندوات وقد لاينتهي، فكان الخيار أن تكون نظرة بمعنى إطلالة تماثل تلك التي أقيمت عن شخصيات وطنية لامعة كالراحلين محمد كرد علي، وخير الدين الزركلي وآخرين سعيا ًلبناء جسور بين الأحفاد والأجداد مع الإشارة إلى أن  السيد الأمين شخصية استثنائية ليست وقفاً على أسرة أو جماعة بعينها، بل هو لنا جميعاً من بيروت التي حملته على أكتافها إلى الشام التي ودعته في الجامع الأموي وصلّت عليه ضارعة دامعة.. في حضرة المحسن الأمين اجتمعنا حضوراً ومنتدين قي المركز الثقافي ب (أبو رمانة ) لنطلع على إبداعه وعطائه من خلال أساتذة كبار وشيوخ علم قرؤوا فكره وعرفوا فضله وهم د.الشيخ نبيل الحلباوي، والشيخ د.حسام فرفور، والباحث أ.زهير ناجي.‏

أبعاد شخصية الأمين‏

د.نبيل الحلباوي قدم بداية نبذة عن حياة السيد الأمين ودراسته منذ كان صغيراً ثم سفره إلى النجف حيث أقام هناك عشر سنوات ونيف درس فيها الفقه والدين، بعدها سافر إلى دمشق.‏

العالم المتعلم‏

 منذ وصوله إلى دمشق عام 1913، ساءه مارأى فيها من فقر وعادات سيئة، وأدرك أن هذه العلل تعود إلى الجهل والأمية، ومنذ ذاك الوقت بدأت رحلة كفاحه ضدهما فكان العالم العاقل كما بيّن د.الحلباوي إذ توءم بين العلم والعقل، والصالح المصلح بتوءمته بين الصلاح والإصلاح، والقائد المربي والكاتب الشاعر والإسلامي الوطني والملتزم المنفتح، أوصى بان تدفن معه دواته وريشة كتابته، كما أدخل تعليم اللغات الأجنبية في المدرستين اللتين أسسهما المحسنية للذكور، واليوسيفية للإناث، وكان يعقد في منزله حلقة الأربعاء، وهو أول صالون أدبي ثقافي ديني، وأشار الحلباوي إلى انه إضافة إلى المدارس الأهلية التي أسسها، رعى جمعيات خيرية متنوعة منها «الإحسان» و«الرابطة الأدبية الاجتماعية».‏

كان وطنيا مخلصا قارع الاحتلال الفرنسي، ورد على دعواته الطائفية في سورية، وعندما عزم الفرنسيون على إحداث منصب (رئيس علماء) للشيعة في سورية ولبنان معا وقرروا تعيينه لهذا المنصب، وأصدروا بذلك مرسوما رفضه بإصرار ورد على مندوب المفوض السامي قائلا: «إنني موظف عند الخالق وسيد الأكوان ومن كان كذلك لا يمكن أن يكون موظفا عند المندوب السامي».‏

وحين أصدرت الحكومة السورية في عهد الاستقلال قرارا في الانتخابات النيابية يقضي بتقسيم المقاعد بين السنة والشيعة وسائر الطوائف والأقليات، قدم للحكومة كتابا بأن الشيعة تعتبر المسلمين طائفة واحدة ولا تريد الافتراق عن إخوانها السنيين.‏

لفت أ. الحلبي إلى أن السيد الأمين استطاع أن يجتذب الناس على اختلاف انتماءاتهم ومنطلقاتهم فكان النموذج الذي يمثل رحابة الإسلام و اُتفق على أن المحسن الأمين كان عالما وفقيها معتدلا سلك المنهج الصحيح الوسطي الذي يجمع ولايفرق ويبني ولا يهدم، وهو ما أكده الباحث أ. زهير ناجي مشيرا إلى أنه كان صاحب فكر منفتح، اتخذ الدين منطلقا واحدا هو الإنسان، إذ إنه كان يعي خطورة الانقسامات والطائفية ويفطن للأساليب السياسية الاستعمارية التي لجأت إلى الذاكرة التاريخية السلبية فشوهت الإسلام، فالعلامة الأمين كان من منظري التقريب بين المذاهب والأديان وحربا على الخرافات والبدع، تميز بالدعوة إلى الأخذ بالعلوم الحديثة التي جعلت أوربا متطورة وكتب كتابات كثيرة في هذا الصدد، ويضيف ناجي أنه من خلال قراءته له وجد أنه استطاع أن يخلق جمهورا كبيرا، فكان من رواد النهضة واليقظة العربية مع مجموعة من العلماء كانت تجمعهم الدعوة إلى الخير والصلاح وشعار الدين لله والوطن.‏

آراء ومواقف‏

وفي السياق نفسه تحدث د. الشيخ حسام فرفور فّبين أن العلامة الأمين كان حرباً على التعصب عموماَ، والتعصب الطائفي خصوصا ًعملاً وفعلاً وصلاته الحميمة مع كبار العلماء المسلمين، وكبار رجال الدين المسيحي، أما هو فقد عرفه من خلال صحبته لوالده الشيخ محمد صالح فرفور الذي كانت تربطه به صداقة وعلاقة ودية، ومن خلال قرأه عنه من كتب ومجلات، فهو واحد من أكابر العلماء  الذين يشار إليهم بالبنان، وقد عاصر أكابرهم، ونوه فرفور بتميزه في عصره الذي تميز أيضاً بعلمائه، وهو واحد من المعجبين بالعلامة الأمين، وحين قرأ سيرته تذكر السلف الصالح من أولئك الذين تنكروا لذواتهم وعاشوا من اجل الأمة والأوطان، وكرسوا حياتهم للكتاب والعلم والطلاب، ولكل من يستعين بهم من الفقراء والمساكين، شهد له بذلك أبرز علماء عصره فضلاً عن الخصوم والأغيار..‏

باختصار: كان من ذاك النمط من الرجال الذين يصعب على العقلاء والمنصفين أن ينسوه وهو الذي كان له دور كبير في تنقية الدين والعقيدة من الخرافات والبدع التي لحقت به، إضافة إلى أن لقاءه مع العلماء المسلمين وغير المسلمين لقاء الأحرار والوطن، إلى جانب إطلاقه حركة النشر والتأليف، لإشاعة العلم والمعرفة، وتبنيه للقضية الفلسطينية، ودفاعه عنها وله كتابات وخطب ومواقف مشرفة وفتاوى بالجهاد من اجل فلسطين، عاش من أجل الإصلاح ومات لأجله وانفق من أجله النفس والنفيس.‏

هل تنبثق الأحداث عن زعيم ديني يسد فراغ السيد الأمين؟..سؤال ختم به أ. الحلبي ندوته، وجاء الجواب مشتركاً أننا اليوم بحاجة الى العالم والزعيم الذي ينفتح على الناس جميعاً دينًا والتزاما ووطنية ببعدها النافع والمفيد التي   تجعلنا قوة في وجه أعداء الوطن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية