تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دمشق تنتظر .. وبردى يعد بشباب جديد.. مشروع تحسين المجرى .. وبوابات لحجز المياه

تحقيقات
الأثنين 1/12/ 2008 م
تحقيق: يمن سليمان عباس

كما هي شامة على أديم الأرض هو عين هذه الأرض ومجرى دمعها الصافي الرقراق, ولايمكن للوجه أن يتخلى عن عينه... هذا هو بردى السرمدي الذي ارتبط بأديم الغوطة منذ كانت الغوطة.

هام به الشعراء منذ أن عرفوه, صنع حضارات وحضارات وروى حدائق وبساتين وصنع الغوطتين.. مرت عليه أنواء الدهور ولم يجف لكن الإنسان جاء فترك آثاره الثقيلة عليه.. لكن أما آن لمجرى الدمع أن يفتح مساماته من جديد? وأما آن لروائع أحمد شوقي والأخطل الصغير وغيرهم من الشعراء أن تصدح من جديد?‏

هاقد نهض بردى والأنهار الخالدة لاتموت, قد تغفو قليلاً لكنها لا تغير مجراها أبداً.‏

بردى الذي أسلفنا تحول فيما بعد إلى مصدر قلق وشكوى من حيث تجمع النفايات وتحويل مياه الصرف الصحي إليه وبالتالي إصدار الروائح المزعجة إضافة لتحوله إلى مصيدة خلال مروره بين التجمعات السكنية لعدم وجود أسوار حماية أو شبك حديدي يمنع وقوع المحظور كما هو الأمر في المنطقة الممتدة من ساحة شمدين حتى أفران ابن العميد.‏

المنطقة مكتظة سكانياً ويقع على امتداد النهر تجمع عشرات المدارس (محي الدين بن عربي- صالح الشاطر - أحمد أومري- ست الشام - ذو النورين).‏

وغيرها من المدارس التي يتدافع طلابها بعد انتهاء الدوام ويسيرون بمحاذاة النهر المكشوف وقد وقعت أكثر من حادثة سقوط في النهر.‏

ويضيف أهالي المنطقة : إنه تم تقديم أكثر من شكوى إلى محافظة دمشق طالبوا من خلالها تغطية الأماكن المكشوفة من النهر والقريبة من تجمع المدارس المذكورة, لكن المحافظة لم تبد استجابة والنهر مستمر بحصد الضحايا ونشر الأمراض الجلدية والتحسسية.‏

هذه الحالة دفعتنا لاستقصاء حالة النهر والوقوف على سبل المعالجة, وهل وصلت هذه الشكاوى إلى اسماع المسؤولين?‏

بردى ينهض من جديد‏

من هنا كان لابد من التوجه إلى محافظة دمشق فالتقينا المهندس محمد عادل الأزهر مدير الصيانة في المحافظة وعلمنا منه أن مشروعاً كبيراً هو قيد التنفيذ حالياً سيعيد للنهر ألقه ويريح الإخوة المواطنين مما يشتكون منه حالياً.‏

وفعلاً خلال حديث الأزهر عن آلية العمل ونسب الإنجاز والهدف من المشروع لمسنا الإجابة غير المباشرة عن عشرات الأسئلة والاستفسارات التي وصلتنا والتي نحن بصدد طرحها.‏

بداية أشار الأزهر إلى أن الفكرة وضعت على بساط البحث منذ عام تقريباً, الهدف منها تغيير وجه دمشق وإعادة الحياة والجريان لنهر بردى الذي يرتبط اسمها باسمه, وبناء عليه تم وضع دراسات ومخططات لهذا المشروع الحيوي وتمت مناقشتها بشكل مباشر مع السيد الرئيس الذي أعطى توجيهاته وأوعز بالمباشرة.‏

وفي إطار اهتمام السيد المحافظ تم عقد عدة اجتماعات لاتخاذ الإجراءات المطلوبة لتنفيذ التوجيهات وتحسين مجرى النهر وكان أبرزها الاجتماع الذي عقد بتاريخ 23/6/2008 والذي حضره وزير الإدارة المحلية والبيئة ووزير الري وحضور المدير العام للهيئة العامة للموارد المائية ومدير الموارد المائية في محافظتي دمشق وريفها وحضور المهندسين المعنيين من محافظة دمشق.‏

ونوه المحافظ إلى أهمية مشروع تحسين واقع جريان نهر بردى في المنطقة الواقعة مابين جسر فكتوريا وساحة الأمويين مؤكداً على ضرورة التعاطي مع هذه المسألة بجدية واتخاذ الإجراءات الهندسية المطلوبة لتحسين مظهر جريان النهر من خلال تنفيذ المشروع المقترح من قبل وزارة الري بما لا يتعارض مع مشروع المسار الذي سينشأ على جزء من أرض مدينة المعرض القديمة.‏

وتحسين وتجميل مجرى النهر ولاسيما في فصل الصيف حيث تم الاتفاق على تنفيذ أربع بوابات آلية لحجز مياه النهر صيفاً ورفع منسوب مياهه على أن يتم توزيع البوابات ضمن الموقع العام من أمام جسر فكتوريا وحتى المسرح القومي من خلال رفع البوابات وتنزيلها بصورة آلية.‏

آبار لرفع المنسوب‏

إضافة لحفر عدة آبار وتجهيزها بجوار نهر بردى في الموقع المذكور بحيث يتم ضخ المياه من هذه الآبار إلى مجرى النهر لتأمين جريانه وإعطائه الناحية الجمالية التي تناسب عراقة هذا النهر على أن يتم لاحقاً إعداد دراسة لإنارة طرفي النهر وقد وضعت المقترحات موضع التنفيذ.‏

ومحطات معالجة وفلترة‏

محطات المعالجة ستوزع على امتداد حرم النهر بشكل مدروس في كافة أنحاء المدينة وهي محطات معالجة وفلترة مميزة تعمل بطريقة المحافظة على سلامة البيئة دون استخدام مواد كيماوية مهمتها فلترة مياه الصرف الصحي وإعادة المياه النظيفة إلى حرم النهر مع تركيب نوافير لتحريك المياه وبذلك تتحول مياهه إلى دارة مغلقة.‏

تحويل العوالق إلى سماد‏

وهناك دراسة معالجة آلية لتعزيل النهر من خلال لفظ كل الشوائب والعوالق وإعادة تصنيع هذه العوالق كسماد للتربة وهذه الطريق تغني عن التعزيل اليدوي ويعود مردودها بالفائدة على الأرض, ووضع أسوار حماية للأماكن المكشوفة من النهر وأماكن التجمعات السكنية لأن تغطية النهر أمر غير وارد وغير صحيح, حيث يتحول بذلك إلى مجرى للصرف الصحي يصعب حتى تنظيفه في حين نسعى إلى إعادة الحياة إليه.‏

ماتم إنجازه حتى الآن‏

المباشرة بتركيب البوابات المعدنية.‏

تأمين تغذية البوابات بالكهرباء مع بناء غرفة خاصة للتحكم بالبوابات الكهربائية.‏

المباشرة بحفر الآبار حيث تم حفر أربعة آبار مع تجهيزها بمضخات ولوحات تحكم إضافة لتجهيز آبار إضافية لتأمين الغزارة المطلوبة.‏

تحسين المجرى صيفاً.‏

ومن وزارة الري التقينا الدكتور المهندس جميل فلوح الذي قال: إنه نظراً للتغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة ونظراً لتعاقب سنوات الشح المطري في حوض نهر بردى وما نجم عنه من انحسار للجريان السطحي للنهر وخاصة في فصل الصيف, قامت الهيئة العامة للموارد المائية وبمبادرة من السيد وزير الري وبالتعاون مع الشركة العامة للمشاريع المائية بدراسة تنفيذ مشروع لتحسين مظهر جريان نهر بردى في فصل الصيف في المنطقة الواقعة ما بين جسر فكتوريا وساحة الأمويين.‏

جوهر المشروع‏

جوهر هذا المشروع إقامة بوابات في عرض مسار نهر بردى وعددها أربع بارتفاع حوالي 140 سم على طول مسار المنطقة المذكورة تتحرك آلياً ولها القدرة على حجز المياه خلفها وتكوين أحواض مائية وشلالات ما يضفي على النهر مظهراً طبيعياً جميلاً ويعيد له الحياة من خلال حركة المياه المحجوزة خلف هذه البوابات.‏

ويتم تأمين المياه للنهر من عدد من الآبار المخصصة لهذا الغرض والمحفورة بمحاذاة النهر وعددها حوالي عشرة أبار.‏

تم التعاقد مع الشركة العامة للمشاريع المائية بتاريخ 1/9/2008 حيث بوشر بالأعمال بتاريخ 17/9/2008 علماً أن المدة العقدية لإنجاز المشروع هي لغاية 17/12/2008 وبلغت قيمة العقد حوالى 15,8 مليون ليرة سورية.‏

ويتم التنسيق في تنفيذ هذه الأعمال بين محافظة دمشق والهيئة العامة للموارد المائية ممثلة بمديرية الموارد المائية في محافظتي دمشق وريفها, كما تم الاتفاق على توزيع المهام بين الطرفين حيث تعهدت محافظة دمشق بحفر وتصميم وتنفيذ منظومة للنوافير المائية والإضاءة اللازمة لها وكل ما يتعلق من ملحقات على أن تتولى المحافظة أيضاً مهمة تشغيل وصيانة المشروع بكافة تجهيزاته وعناصره.‏

أما التزامات وزارة الري في تجهيز البوابات الأربع بكافة ملحقاتها وتركيبها وتسليمها لمحافظة دمشق وهذا ما تم إنجازه حتى الآن.‏

ويتم حالياً توريد الكابلات اللازمة لخط التغذية الكهربائية وتركيبها وفق متطلبات العمل.‏

ومن المتوقع إنجاز كافة الأعمال المتعلقة بوزارة الري في نهاية الشهر الحالي.‏

خلاصة القول‏

لا يختلف اثنان على أن مشروع تحسين مظهر جريان نهر بردى في مدينة دمشق هو مشروع حيوي وضروري لايعيد الحياة للنهر فقط, بل يعيد الألق لطقوس جميلة عاشها الدمشقيون ومن زار مدينتهم للسهر على ضفاف بردى والسياحة والسيران وما إلى ذلك.‏

كما يعيد المشروع للنهر نقاءه وصفاءه ورقرقة مائه وقد يتحول الحلم إلى حقيقة ويسبح السمك في جنباته, لكن ثمة تساؤلات تطرح نفسها: أولها طالما أن المشروع يتضمن تركيب العديد من محطات المعالجة والفلترة والمصدر موجود فما الداعي لحفر عشرة آبار لضخ المياه في النهر?‏

ولماذا تعدد جهات المتابعة والإشراف والكتب والمراسلات?‏

ولماذا لايترك للجهة التنفيذية ولاسيما أن مجرى النهر مسؤولية محافظة دمشق?‏

على كل حال المسألة مسألة وقت ومتابعة حثيثة نأمل أن تتسارع خطوات جميع الجهات للوصول إلى المرحلة النهائية.‏

تعليقات الزوار

حسان سوار |  hsewar@gmail.com | 01/12/2008 09:15

إن المنطقة قادمة على مرحلة تغير مناخي وبيئي وقد تجلت هذه المرحلة بالجفاف الذي يضرب المنطقة منذ عشرة أعوام ، ولكن محافظة دمشق الغراء بدلاً من المحافظة على المياه الجوفية لتكفي الاجيال القادمة لفترة اطول تحاول استفاذها بحفر الابار وضخها في النهر لابراز جمالية النهر ليس إلا مما سيؤدي الى حرمان الاجيال القادمة من هذه المياه المخزنة حيث انه من الممكن إذا استمرت موجة الجفاف لفترة أطول أن تجف هذه الابار مما سيتطلب من المحافظة حفر المزيد من الابار واسنفاذ ماقد يتبقى من المياه وتحويل منطقة دمشق الى صحراء ، والاجدى بالمحافظة البدء بوضع اللمحات الاولى لتنفيذ مشاريع جر المياه من الساحل او من نهر الفرات لدمشق لحل كافة المشاكل الناجمة عن نقص المياه . ولنا أن نتصور أن الابار المحفورة ستغذي مجرى مائي جمالياً ونظرات الالاف من المواطنين في ريف دمشق يشرون صهريج المياه غير المعروف مصدره بمبالغ طائلة ودمتم .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية