تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأمم المتحدة.. من حفظ السلام إلى فرضه!

دراسات
الأثنين 1/12/ 2008 م
محمد كشك

تشير معطيات الأحداث عبر التاريخ إلى أن المتغيرات الدولية ألقت بظلالها القاتمة على جوانب كثيرة في أرجاء المعمورة والتي تسببت فيها الدول الغربية حين سعت في تسعينيات القرن العشرين إلى إجراء تعديلات كبيرة في عمليات السلام التي تقودها الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية,

حتى تتمكن هذه الدول من التدخل بالقوة في النزاعات الداخلية, وشملت هذه التعديلات مفهوم السيادة حتى تكون هناك سيادة مطلقة للدول.‏

وتم ذلك من خلال أربعة تقارير رئيسية هي: بطرس غالي 1997, وتقرير الابراهيمي عام 1997 وتقرير الألفية عام 2000, وتقرير مسؤولية الحماية وبموجبه لاتتمتع الدول بالسيادة وعلى هذا جاءت كل عمليات الأمم المتحدة منذ 1990, وبناء على آخر تجربة خاضتها القوات الدولية طورت هذه الدول فكرة جديدة وهي: post conflect reconstruction وهي تعني أن هناك مهام أكبر تنتظر المجتمع الدولي والقوة المتدخلة لتحقيقها بعد نهاية الحرب وتشمل بناء السلام وإعادة الإعمار وتسريح المقاتلين ودمجهم في المجتمع والبحث عن الأطفال المفقودين ونزع الألغام, وهذه الأدوار تضطلع بها منظمات دولية تتغلغل في خلايا المجتمع وتبقى لأطول فترة من السنوات.‏

لقد اتسمت حروب العقد الأخير من القرن العشرين بالعنف والوحشية وإلحاق الدمار بمؤسسات الدولة والمجتمع والقضاء على مقومات الدولة.‏

والتحدي الذي يواجه المجتمع الدولي يتمثل في كيفية مواجهة هذه الأزمات وتحديداً في إيجاد نظام استجابة مقبول للرد والتعامل مع النزاعات المسلحة.‏

وتفيد المعلومات أن العالم قد عرف نظام حفظ السلام في الخمسينيات كبديل لنظام فرض السلام الذي تضمنه ميثاق الأمم المتحدة إلا أن هذا النظام تعطل بسبب تنازع المصالح بين المعسكرين آنذاك - خلال الحرب الباردة - ولم ينتقل إلى حيز التطبيق قبل العام 1990, إلا في فترة الحرب الكورية 1950 - 1953 عندما تغيّب الاتحاد السوفييتي عن اجتماعات مجلس الأمن احتجاجاً على احتلال تايوان لمقعد الصين الدائم في مجلس الأمن, فانتهزت الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة لتمرير قرارين مهمين 82 - 83 يفوضان الولايات المتحدة تنظيم الكوماند لقوات دولية, شاركت فيها حوالي عشرين دولة, وقامت بإجلاء قوات كيم ايل سونغ من سيول إلى خط العرض 36 الذي يفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وفي فترة التسعينيات كان ميلاد جيل ثالث من العمليات تختلف ملامحه كثيراً عن قوات المراقبة, ودفع انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط سور برلين وحرب الخليج إلى ميلاد نظام عالمي جديد بشّر به في حديثه للكونغرس جورج بوش الأب, وكذلك إعلان الدول العظمى في لندن 1991 وتمت ترجمته إلى خطة عمل في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي, والتحول المهم الذي اعتمده تقرير بطرس غالي والذي ينص على أن مبدأ احترام سيادة الدول ينبغي ألا يقف عائقاً أمام التدخل الدولي.‏

تعرض مبدأ الحياد ومبدأ موافقة الدولة المضيفة التي ظلت تحكم عمليات حفظ السلام حتى الثمانينات لتغييرات كبيرة ولم تعد تمثل شروطاً ملزمة لقوات الدولة المشاركة, ولعل التحولات الأكثر أهمية جسدتها تجارب هاييتي وسيراليون وتيمور الشرقية وأفغانستان, ففي هاييتي تم التدخل بذريعة إعادة الديمقراطية والحكومة المنتخبة, وهاييتي أول سابقة حيث كانت قضايا الحكم في كل دولة تعد من صميم شأنها الداخلي.‏

وفي سيراليون قامت بريطانيا بإرسال البواخر العسكرية التي تحمل 180 ألف جندي إلى فري تاون بحجة حماية المواطنين البريطانيين المقيمين.‏

وقادت استراليا قوات متعددة الجنسية تحت رعاية الأمم المتحدة للتدخل في تيمور الشرقية وتعيش أفغانستان وضعاً استثنائياً حيث جاء التدخل الأميركي عقب أحداث الحادي عشر من أيلول 2001.‏

وأخيراً يعلم العالم أجمع التدخل الأمريكي في العراق واحتلاله..وهكذا تتوالى - ولاتزال - المتغيرات الدولية في ظل المنظومة الجديدة الغريبة الأطوار والأهداف!!‏

كاتب سوداني‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية