تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحماقة الأميركية

ترجمة
الأثنين 1/12/ 2008 م
ترجمة : ليندا سكوتي

تشير مختلف المعايير إلى أن الولايات المتحدة تمر بأزمة اقتصادية خانقة تحتاج معالجتها في المدى القريب إلى تريليونين من الدولارات لإنقاذها من المأزق المالي الذي تعاني منه في الوقت الحاضر,

ولاريب بأن مثل هذا المبلغ يثقل كاهل أي بلد حتى لو كان بوضع اقتصادي ومالي صحي, فما بالك لو كان أصلاً مثقلاً بالديون والالتزامات المالية التي تجعله على شفير الإفلاس, علماً أن عدم الحصول على قروض من الخارج تعادل ذلك المبلغ سيلزمها طباعة مبالغ نقدية, وإطلاقها بالتداول,‏

الأمر الذي سيفضي بها إلى مرحلة متقدمة وعصيبة من التضخم النقدي من الأمور الطبيعية أن يلجأ المدين وذو الحاجة للاقتراض إلى مناشدة الجهات المقرضة بمد يد العون والمساعدة له وأن يبذل قصارى جهده لترتيب واقعه المالي المتردي لكن إدارة بوش لم تأخذ لذلك سبيلاً بل إنها هدرت مبلغ 600 بليون دولار حتى الآن في حربها على العراق ويتزايد هذا المبلغ ساعة إثر ساعة فضلاً عما ستعانيه من التكاليف المستقبلية التي ستجابهها, تتمثل بالعناية في المدى الطويل للجرحى والمعوقين وتكليف الاعتدة المستهلكة وفوائد القروض التي حصلت عليها جراء تلك الحرب والأموال والقوى البشرية التي هدرت فيها المقدرة تكاليفها بمبلغ ثلاثة تريليونات دولار قابلة للزيادة, ومع ذلك فإن هذا المبلغ سيبدو ضئيلاً إذا ما قورن بالتكاليف التي قدرها ريتشارد لاماوتتينه في شهر تشرين الثاني عام 2008 والتي ستنجم عن لجوء الكثير من العراقيين المسلمين إلى الولايات المتحدة الذين ستأخذ أعدادهم بالتزايد تباعاً.‏

هذا ولو أخذنا باعتبارنا الموقف الأميركي الداعم باستمرار لإسرائيل ضد العرب والمسلمين فإن تزايد عدد المسلمين سيشكل مصدر قلق للدولة وخاصة في ضوء وجود حكومة جعلت من الإرهاب هاجسها, الأمر الذي سيجعل من إدعاء الخشية على الحريات المدنية, ومكافحة الإرهاب مبرراً لأحكام الرقابة والمتابعة ما سيفضي إلى زيادة في الأعباء المالية للدولة وإزاء ذلك وتجنباً لعقابيل الهجرة إلى الولايات المتحدة تدعو الضرورة إلى وضع حد لهذه الحرب, والسعي في الحصول على القروض التي تمكنها من انقاذ الاقتصاد المتردي للبلاد.‏

بلغت التكاليف السنوية المهدورة في الحرب العراقية مبلغ 150 بليون دولار وهي قابلة للتزايد باطراد فضلاً عن العجز القائم في الميزانية الذي يتطلب الحصول على قروض خارجية , لذلك فإن أي عاقل سيجد أن الضرورة ملحة للانسحاب من العراق لأنه لا يوجد أحد يرغب باستمرار هذا الوجود ولأن هذا الانسحاب سيفضي إلى إنقاذ الاقتصاد المتردي الذي نجم عن الإنفاق غير المجدي في هذه الحرب لكنه بدلاً من ذلك نجد الحكومة الأميركية تبذل جهوداً حثيثة مع الحكومة العراقية للتوصل إلى اتفاقية تضمن بقاء قواتها في هذا البلد دون أن تأخذ باعتبارها مئات البلايين من الدولارات التي تنفقها وتثقل كاهلها, الأمر الذي يجعلنا نستذكر الحرب الكورية التي انتهت منذ 55 عاماً ومازالت القوات الأميركية معسكرة فيها, وانتصار الحلفاء على ألمانيا عام 1945 وبقاء القوات الأميركية فيها منذ ذلك التاريخ.‏

يتعين على من يسعى إلى الحصول على القروض والاستدانة من الغير أن يتخلص من الإنفاق العسكري السنوي الضخم الذي يبلغ 700 بليون دولار قبل السعي في الحصول على قروض من الآخرين لكن العجرفة الأميركية تحول دون القيام بذلك, الأمر الذي قد يقودها إلى طباعة النقود الورقية لسداد التزاماتها.‏

لقد آن للولايات المتحدة أن تتجاوز عجرفتها وتكبرها لأن الآخرين قد يعمدون إلى اذلالها وعدم منحها ما تحتاجه من قروض ما يجعلها لا تتمكن من تغطية عجز الميزانية, ومعالجة واقعها التجاري ولا ريب بأن العالم لا يرغب بانهيار الاقتصاد الأميركي حرصاً على الدائنين على حمل أموالهم المودعة بالبنوك الأميركية. لذلك فعلى الحكومة الأميركية أن تتقدم ببرامج تؤكد أنها لا ترغب بالهيمنة على العالم وتقدم ميزانية تخفض بها مبالغ كبيرة من العجز المالي عن طريق إنهاء الحروب في العراق وأفغانستان, وإغلاق القواعد العسكرية فيما وراء البحار, وتحديد الإنفاق العسكري ووضع نظام ضريبي جديد مناسب.‏

إن وضع خطة لمعالجة تلك الأمور ستبين للعالم أن الولايات المتحدة تحترم سيادة وطموحات البلدان الأخرى, وأن لديها الرغبة بالتعامل الندي مع الآخرين وأنها تسعى للحد من زيادة القروض وتسديد ما يترتب عليها.‏

إن تقديم الولايات المتحدة لتلك الخطة للدائنين سيبعث الارتياح في نفوسهم وفي العالم أجمع وسيفضي إلى حل المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الأميركي وسيزيل الخشية من حدوث التضخم النقدي وما ينجم عنه من معضلات, وأن التوصل إلى تلك النتائج يتطلب بالضرورة أن تتخلص الحكومة الأميركية من أوهامها بإمكانية هيمنتها على العالم أجمع.‏

الإنترنت عن موقعinfor mation‏

cleacing house‏

بقلم بول كريغ مساعد وزير خزانة سابق‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية