تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرحلة الحلم

الجولان في القلب
الأثنين 1/12/ 2008 م
وردتنا رسالة من متابعة لصفحة الجولان تتحدث فيها مرسلتها السيدة لمية خليفة العلي عن رحلة في الحلم قامت بها, تقول السيدة:

انطلقت الحافلة في الصباح الباكر, لبينا دعوة الجولان بعد غياب طال عشرات السنين قررنا أن نبدأ الرحلة من الشمال شمال الجولان لنقول صباح الخير للجبل الشامخ, جبل الشيخ كان يرتدي عباءته البيضاء ويحتضن عند سفحه القرى والحقول, تسلقنا الجبل فإذا بنا نشعر تحت أقدامنا مياه بحيرة طبرية والبحر الميت, ويظهر نهر الأردن وكأنه قلادة فضية. وقفنا وتأملنا ما أروع لوحة الخالق! تابعنا صعودا إلى القمة فإذا بنا أمام معبد الإله الأكبر على قمة جبل الشيخ والمدافن القديمة وتجولنا قليلا في المكان تابعنا إلى قلعة الصبيبية, وهي من أهم الحصون التي بناها العرب ومن أشهر من حارب في هذه القلعة نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي.‏

ثم انحدرنا قليلا إلى السفوح المجاورة, كان الطقس منعشا تلفح وجوهنا نسمات عليلة باردة تشعرنا بالنشوة فنرفع رؤوسنا ونعانق النسمات ونعطيها خدودنا لتقبلها, أتينا على مدينة تغفو عند السفح كانت جميلة جمال تفاحها وكرزها إنها بانياس, حيثما اتجهنا خضرة وحراج وأشجار تفاح وكرز وحقول البازلاء والفول وذلك بسبب غزارة المياه المنحدرة إليها من قمم جبل الشيخ, ولقد علمنا أنها مدينة المرأة التي شفاها السيد المسيح من نزيف الدم في كفر ناحوم كما أنه الموقع الذي صعد منه إلى جبل الشيخ حيث تجلى لتلاميذه, ثم تابعنا لزيارة مقام الخضر عليه السلام, ومنه إلى ضفة نهر بانياس حيث جلسنا ناخد قسطا من الراحة وحيث كنا نجلس كان يمتد على مرأى أبصارنا سهل الحولة وما أدراك ما سهل الحولة إنه السهل الخصيب ولأهمية السهل السياحية العظيمة قررنا قضاء يومنا الأول فيه.‏

في صباح اليوم التالي قررنا مغادرة المكان على طول الطريق كانت أشجار التفاح والكرز ترافقنا مودعة زوارها, الأشجار موازية لنافذة الحافلة, لقد سمعت حفيفها وسمعتها تقول لنا مع السلامة.‏

وفي اليوم الثاني قررنا متابعة الرحلة نحو الجنوب أقصى جنوب الجولان وفي الطريق مررنا بعشرات القرى والقرية التي توجد فيها معالم أثرية كنا نقف ونتجول ونلتقط الصور فيها.‏

من تلك القرى: عين قنية, زعورة, السماقة , راوية , الحسينية , دير سراس, ونعران. توقفنا في دير سراس ونعران وأدهشتنا الأعمدة والأديرة الأثرية وفي نعران كثرة الحجارة المنقوشة بزخارف تعود إلى العصر الروماني وبالقرب منها تمر الطرق الرومانية المتجهة إلى فلسطين وتابعنا المسير باتجاه الجنوب.. كانت الحمة مقصدنا, الحمة ذات الشهرة السياحية العالية.‏

في الحمة الينابيع المعدنية الكبريتية الأندر في العالم فمياهها تشفي المرضى, وقد كتب عنها أرسطو بعدم السماح للناس بزيارتها كي لا يستغنوا عن الأطباء, وصلنا إلى الينابيع عند الظهر كان هناك خمسة ينابيع اثنان باردان وثلاثة ينابيع ساخنة وقد وزعت على أكبر عدد من الغرف لتتسع للزوار الوافدين وما أكثرهم, قررنا أن ندخل ونستحم وقضينا فترة لابأس بها ثم توجهنا إلى المعالم الأثرية في الحمة, فأتينا على المدرج الروماني والتقطنا صورا تذكارية وقد عرفنا أن الحمة هي عقدة مواصلات هامة فهي ترتبط بدمشق عن طريق درعا وترتبط بحيفا وطبرية كما قامت شركة عربية ببناء فندق فيها وقضينا يومنا في ذلك الفندق.‏

اليوم التالي كان مخططا لزيارة البحيرات في الجولان وقد خيرنا بزيارة واحدة من عدة بحيرات, بحيرة مسعدة, بحيرة طبرية, بحيرة الحولة, سد روحيين وقد وقع الاختيار على زيارة بحيرة طبرية كانت الأروع فهي أكبر بحيرة في الوطن العربي, على نهر الأردن بمساحة 144 كم2 كثيرة الأمواج وافرة السمك, قليلة الملوحة تغذيها ينابيع جوفية في قاعها وبعد أن متعنا أنظارنا وأغنينا خيالنا, كان لابد أن نمتع أرواحنا وقد كان للروحانية مكان لم ننس زيارة الأضرحة والمعابد فبعد أن زرنا مقام الخضر عليه السلام في بانياس, قمنا بزيارة مقام النبي يونس في جبين ومقام لسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في قرية القصبية.‏

وأخيرا مقام الصحابي الجليل (أبو الفقراء أبو ذر الغفاري) رضي الله عنه في طرنجة. وقد عرفنا أن الجولان كان البوابة الجنوبية لجيوش الفتح الإسلامي المتجهة إلى بلاد الشام بقيادة خالد بن الوليد, كما كان مؤتمر الجابية الذي ترأسه الخليفة الراشدي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع قادة جيوش الفتح حيث أعلنوا انطلاق جيوش الفتح إلى بلاد الشام.‏

شارفت الرحلة على الانتهاء كانت تخالجني مشاعر مختلفة لقد غيرت الرحلة أشياء كثيرة في نفسي, الزيارة إلى أعماق الجولان كانت زيارة إلى أعماقي, وعدنا, كل إلى منزله اجتاحتني موجة من الحزن والكآبة ولحسن الحظ لم تدم طويلا لأنني غفوت بعد أن نال مني التعب والإرهاق ما ناله. استيقظت صباحا وأدركت أن الرحلة كانت مجرد حلم كانت رحلة في الماضي رحلة في أعماق طفولتي, رحلة في ذاكرة أبي وجدي رحلة إلى ما قبل عام 1967 وأفقت على حقيقة أن الجولان مغتصب وأسير, عرفت الآن لماذا كان يأبى أبي أن يشتري شبرا واحداً خارج الجولان وكان دائما يقول: (رح نرجع لبلدنا): كان آباؤنا واثقين من العودة مهما طال الزمان, والآن الجيل الشاب أصبح أكثر يقينا بالعودة لأن قيادتنا السياسية مصممة على ذلك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية