تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كلمات وأشياء أصالة

ملحق ثقافي
24/2/2009م
_ عقبة زيدان

استطاع الغربي أن يفرض نمطه الموسيقي على كثير من الملحنين والموسيقيين العرب، حتى إن الجمهور العربي قد اعتاد على تلك الألحان، واختلطت لديه الأمور، ولم يعد يدرك أيها الموسيقى التي تخصه وتعود بتاريخها إليه.

ومنذ زمن هوت الألحان العربية، وانزوى الملحنون الكبار والأصيلون والقادرون على التجديد الفعلي جانباً، وراحوا يعملون بصمت أمام الهجمة الهابطة من الموسيقى التي احتلت كل الوسائل الإعلامية.‏

ليس هناك من شك في أن الموسيقى هي لغة العالم، وأن جمال الموسيقى يجعلها تخترق الحدود وتعبر القارات من دون إذن. وليس من شك أيضاً أن الموسيقى، كباقي الفنون، تتجدد من خلال تواصل مبدعيها في كل مكان من العالم. وهذا يعني أن التطور واجب وحتمي، وإلا سيكون النسيان مصير الفنون التي لا تريد شعوبها أن تطورها.‏

تمتلئ الساحة العربية اليوم بعدد كبير من الملحنين غير الموهوبين، الذين يمتهنون الموسيقى من دون أي هاجس تجديدي حقيقي، ولهذا تبدو الساحة الموسيقية العربية، شبه خالية من الموسيقيين الكبار، أولئك الذين نهضوا بالموسيقى العربية، وأوصلوها إلى كل ركن في العالم.‏

أصبح الموسيقيون المستسهلون اليوم يبتكرون ألواناً سهلة التأليف، متشابهة وهزيلة وغير قادرة على أن تتميز بهوية خاصة، وهذا ما جعل الأغاني أيضاً على النمط الموسيقي نفسه، وعلى السوية نفسها: متشابهة وسهلة ومتأثرة فقط وفوضوية. وببساطة هي موسيقى بلا دراسة جدية ولا تحمل هوية واضحة.‏

كيف تخرج الموسيقى العربية اليوم من عزلتها؟ هو السؤال الذي يجب أن يبقى أمام الموسيقيين المبدعين والحقيقيين، الذين يدركون أن الخروج عن المألوف واجب وأساسي لتطوير الموسيقى، وفي الوقت نفسه فهم يدركون أن هذا الخروج يجب أن يتلازم مع الأصالة، ويصب في خانة الوصول إلى موسيقى راقية.‏

الموسيقى العربية اليوم هي موسيقى صاخبة بامتياز، موسيقى لا تهمها الموسيقى، بل الدخول في السوق العالمية كأي سلعة تحتاج إلى ترويج لتدرّ مالاً وبسرعة كبيرة. لذلك فإن شركات الإنتاج اليوم، تشتري المؤلفين الموسيقيين مع المطربين، من دون اكتراث لموهبة أي منهم، ومن دون أي إحساس بالذنب من ترويج الصخب والرداءة.‏

هناك من يدرك كل هذا، وهناك أيضاً من يعمل على الحفاظ على الموسيقى الأصيلة، ويجهد كي يطورها. ربما هؤلاء قلائل، ولكنهم موجودون، وما تزال أسماؤهم، عند ذكرها، تتخمنا بإحساس جميل وبتفاؤل كبير.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية