عازفون على درجة عالية من الأهمية والحضور في العالم بعد أن أثبتت تميزها في بيئتها المحلية، وفي محاولة للوقوف على إبداعات المشاركين نقدم في ما يلي مقاربة من شأنها أن تزيد من أفق التلقي وتطمح هذه المقاربة لأن تجعل الأماسي الموسيقية أكثر حضوراً في ذاكرة المستمع، سواء كمقطوعات ذات أثر مديد أو كمؤلفين.
زيد جبري..أغان بلا كلمات
هو من مواليد دمشق 1975. درس آلة الكمان في سورية تحت إشراف عازف الكمان السوري رياض سكر.
درس في أكاديمية الموسيقى في كراكوف , قسم التأليف و النظريات, تحت إشراف البروفسور زبيغنيف بويارسكي وحصل بإمتيازعلى ماجستير في الفنون, تخصص تأليف موسيقي, عام 2003. وهو يعد حالياَ للحصول على شهادة الدكتوراه في الفنون, تخصص تأليف موسيقي, تحت إشراف البروفيسور كشيشتوف بندرتسكي.
حصل على الجائزة الأولى في مسابقة (آدم ديدور) للتأليف الموسيقي عام 1997على عمله (أغنيتين لسوبرانو وأوركسترا وترية), وفي عام 1999 شارك في ورشات عمل عالمية للمؤلفين في مدينة بوكوف الألمانية.
في عام 2008 دعي زيد كأستاذ زائر إلى جامعة بيلجي في اسطنبول /قسم التأليف الموسيقي/ ضمن أيام الموسيقى البولونية.
عزفت أعماله في كلٍ من بولونيا (مهرجان خريف وارسو, مهرجان مؤلفي كراكوف), ألمانيا, مصر, تونس, فرنسا, إيطاليا, أرمينيا (من قبل الأوركسترا السيمفونية الوطنية الأرمنية), سورية (من قبل الفرقة السيمفونية الوطنية السورية). سلوفاكيا, أوكرانيا (مهرجان الموسيقى المعاصرة في مدينة كييف, مهرجان كونتراست في مدينة لفييف), هولندا, بريطانيا (من قبل فرقة الحجرة الإنكليزية).
وقد عزفت له الفرقة السيمفونية الوطنية في حفل افتتاح الملتقى قطعة موسيقية بعنوان (أغنية بلا كلمات رقم3) وهو عمل ضمن سلسلة من الأعمال المؤلفة لآلة منفردة وأوركسترا، الأول كان للتشيلو وأركسترا سيمفونية، الثاني لآلة كلارينيت وأركسترا وترية، وفي هذا العمل ترافق آلة التشيلو أوركسترا وترية. حيث تؤدي في هذه السلسلة الآلات المنفردة دوراً يشبه دور الصوت البشري في الغناء وذلك من دون وجود كلمات.
كتب زيد جبري هذا العمل خلال فترة العدوان على غزة وقد كانت صور الحرب تداهم خياله بشكل مستمر حتى سيطرت على المشاعر التي تولدها هذه المقطوعة.
يقول المؤلف الموسيقي أنطوني لازاركييفيش واصفاً (أغنية بلا كلمات 2) وهي من نفس روح القطعة التي قدمت في حفل الافتتاح: جعلتني مقطوعة (أغنية بلا كلمات) أفهم ما الذي قد يعنيه هذا العنوان الذي غالباً ما يستخدمه المؤلفون بشكل غير مسؤول. شعرت حقيقة بالكلمات غير المنطوقة وبهذا الصوت غير المغنى في هذه المقطوعة الجميلة والحزينة والمرعبة في آن واحد، مما جعلني أتخيل دراما طاقة حيوية دفينة ومكبوتة.
حسان طه..أوركسترا بمقامات شرقية
درس في المعهد العالي للموسيقى بدمشق وتخرج العام 1998باختصاص آلتي الهورن والعود، في العام 2003 تابع دراسته في التأليف الموسيقي المعاصر بهولندا، وهو حاليا عازف في الفرقة الوطنية السمفونية وأستاذ مادة التوزيع الأوركسترالي في المعهد العالي للموسيقى بدمشق.
عزفت له الفرقة السمفونية الوطنية عددا من مؤلفاته كان أحدثها الحفل الذي كرس بأكمله لمقطوعات من تأليفه بدار الأوبرا التي دعته لتسجيل اسطوانة من أعماله.
ألف موسيقى تصويرية لعدد من المسرحيات منها الأيام المخمورة تأليف سعد الله ونوس، وعدو الشعب لهنريك ابسن.
مؤخراً قاد القائد النمساوي إيفالد دونهوفر مقطوعة من تأليف بعنوان ماري للقانون والأوركسترا.
أما عن المقطوعة التي عزفتها الفرقة السيمفونية في حفل الافتتاح لحسن طه فهي بعنوان (مقام فونيّة) لأوركسترا وترية مع آلتي ناي وآلات إيقاع وفيها يعالج المقام العربي معتمداً على الجانب اللوني المزاجي للمقام, وهذا في الواقع ما اهتم به الموسيقيون الشرقيون والعرب القدماء, إذ أنهم كانوا يطلقون تسميات إيحائية لكل مقام مع اختلاف درجات عزفه أو غنائه. حتى هذه اللحظة يسمى المقام في المغرب العربي باسم الطبع (أي الطبع الإنساني واختلافاته بحسب الحالة النفسية).
ينقسم عمل (مقام فونيّة) لثلاث حركات موسيقية, الأولى يسيطر على بدايتها صولو لآلة التشيلو يحاول أن يحاكي أسلوب الريشيتاتيف ولكن بشكل إيقاعي يعطي إحساساً بالاعتباطية وعدم الانتظام الإيقاعي, يقابله بطريقة معاكسة صولو لآلة كمان يعتمد على عقد ثلاثي من مقام البيات وبأسلوب غنائي بعيد عن الحالة الإيقاعية التي يكون عليها صولو التشيلو.
الحركة الثانية سريعة وحيوية ذات طابع وحشي مع أنها مبنية على عبارة لحنية من مقام (صبا) الذي يتميز بطابعه الشجي الثقيل.
الحركة الثالثة بطيئة تحاول أن تحاكي أسلوب التقاسيم العربية وهي تدور في أجواء مقام الراست. تطرأ تحولات موسيقية في سياق هذه الحركة التي تنتهي بآلة ناي تعزف بأسلوب فلوتر مع مرافقة أوركسترالية توحي بالتشويش والاعتباطية.
شفيع بدر الدين.. شمس لأطفال غزة
تخرج من المعهد العالي للموسيقى 1997 على آلتي العود والكلارينيت، تابع دراساته العليا في فرنسا حيث تخصص في نظريات الموسيقى من معهد ليون مركزاً عمله على التأليف الموسيقي والأليكتروأكوستيك. ويعمل حالياً مدرساً في المعهد العالي للموسيقى بدمشق.
ألف مجموعة من القطع التي عزفتها العديد من الفرق في أوربا كفرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا بالإضافة إلى تركية وسورية.
دعاه مهرجان الخريف بباريس لتأليف مقطوعة موسيقية حيث عزفتها فرقة (NIEUW) وقبل أسابيع استضافه مهرجان الفارابي بلندن.
عزفت له الفرقة السيمفونية في حفل الافتتاح مقطوعة بعنوان (شمس) مهداة إلى أطفال غزة وهو عمل مؤلف من حركة واحدة، تسيطر عليه حالة لااستقرار وتوتر شديدين يتخللها حالات من النزوع إلى الهدوء المشوب بالحذر. أما بنائياً، فالعمل يحتوي على ستة أجزاء يميزها التباين في السرعة والطابع، هذه الأجزاء البنائية مصاغة بقالب ثلاثي يحوي بين جناحيه التباين العام مع الوسط، حيث أن القسم الثالث عبارة عن ملخص لجميع الموضوعات المطروحة في القسمين السابقين، وهذا التلخيص إما عن طريق عرض الشخصية العامة للموضوع أو إعادة الموضوع نفسه بشكل مراثي.
أما فكرة العمل فيقول عنها الموسيقي شفيع بدر الدين: شمس، طفلة عراقية، لم أقابلها يوماً ولم أكلّمها، فقط شاهدت على شاشة التلفاز فتاة ربما لم تتجاوز الخامسة..كان وجهها مشوهاً، وكانت تلتمس طريقها بين حطام المنازل المدمرة.... لقد سرقوا عيني شمس الصغيرة تاركين في ذاكرتها من الصور أقساها ومن الألوان أشدها حمرة.
هذا العمل مهدى إلى الأطفال الذين أصيبوا وإلى أرواح الذين قضوا على يد الأعداء وغير الأعداء وآخرهم مئات من الأبرياء... إلى أطفال غزة.
نوري اسكندر..كاهن الموسيقى السورية القديمة
تخرج الموسيقي نوري اسكندر من المعهد العالي للموسيقى في القاهرة، خرّج من تحت يديه أكثر من جيل من أساتذة الموسيقى في معهد إعداد المدرسين في حلب.
له عدة تجارب مع الآلات الموسيقية مستخدما المقام العربي والبوليفونية والهارموني وتداخل الأجناس.
عزفت له الفرقة الوطنية السمفونية مؤخرا مجموعة من المؤلفات تحت عنوان (حوار المحبة). كما ألف العديد من الأعمال الموسيقية التصويرية منها موسيقى تصويرية لمسرحية باخوس للكاتب الإغريقي يوربيدس والتي قدمتها فرقة (Z.T Hiollandia)
عرف عن الأستاذ نوري عمله على توثيق الموسيقى السورية القديمة وخصوصا السريانية منها حيث اجتهد بكتابتها وفق نظام التدوين الحالي.
أما المؤلف الذي عزفته الفرقة السيمفونية في حفل الافتتاح فهو ثلاثي وتري مكون من ثلاثة مقاطع تبدو مستقلة ولكنها في الواقع تشكل عملا واحدا.
إنها أعمال تجريبية في الموسيقى العربية الشرقية تحاول مشاركة الفعل العقلي إلى جانب الاستماع، وهي ليست سردية، ولا تسير في مقاماتها بموجب خط يد المقام حسب المفهوم التقليدي، بل تنتقل في المقامات بحرية وبين أجناس موسيقية متعددة. يستفيد هذا العمل من قوانين البوليفوني الخاصة بالمقامات والأجناس، كما يعطي الإيحاء باستخدام كتل صوتية بمثابة الأكوردات، وهذه الكتل متشكلة في تركيب الجنس الموسيقي والمقام.
تهدف هذه المحاولات إلى خلق حواريات بين الأفكار الموسيقية الأساسية والثانوية بأسلوب درامي وتفاعلي للوصول إلى مفاهيم موسيقية جديدة غير تقليدية.
كما تحتوي هذه القطعة على بعض العزف الحر (المرتجل) الموظّف ضمن سير العمل بشكل عام وهذا الارتجال الصغير يخلق جواً من السحر داخل القطعة.
يطمح العمل إلى إضافة ألوان سمعية جديدة ومضامين جديدة غير موجودة في الموسيقى الشرقية التقليدية. إلاّ أن هذه التجربة لا تقصد تقليد الموسيقى الغربية في بعض توجهاتها بل هي محاولة للاستفادة من بعض معطيات الموسيقى الغربية بهدف تطوير موسيقانا.
أيمن الجسري..الوتر في تجلياته
في أمسية أمس الاثنين قدم عازف العود السوري أيمن الجسري أمسية لفتت الأنظار لهذا العازف المهندس المعماري الذي تتلمذ على يد أكثر من موسيقي منهم والده أحمد ظافر جسري وسيف الدين زين العابدين اللذين يعرفهما جمهور الذواقة في حلب جيدا.
إبراهيم كيفو..سرياني..آشوري..أرمني وكردي
موسيقي شاب درس الموسيقى في معهد إعداد المعلمين بحلب على يد الأستاذ نوري اسكندر وغيره، اهتم بدراسة الأنماط الموسيقية السورية القديمة السريانية والأشورية والحزكية بالإضافة إلى التراث الأرمني والكردي. حيث يؤدي هذه الألحان بلغاتها الأصلية.
إبراهيم كيفو استضافه بيت ثقافات العالم في فرنسا بالإضافة إلى مجموعة من المشاركات في مهرجانات موسيقية.
وهو يؤدي الأغاني الشعبية السورية القديمة حيث حصل على جائزة الأورنينا في مهرجان الأغنية السورية بحلب.
ويعمل حاليا بتدريس الموسيقى في معهد إعداد المعلمين بالحسكة.
عود وقانون من العراق
وأخيرا نلفت النظر إلى كل من العازفين العراقيين على العود خالد محمد علي وحسن فالح اللذين سيقدمان حفلتهما معا اليوم أيضا في مسرح الدراما بدار الأوبرا.
أما خالد محمد علي فهو من مواليد مدينة الموصل 1960 وتلقى مبادئ العزف على آلة العود على يد الفنان أكرم احمد حبيب، ثم درس العزف على آلة الكمان على يد العازف العراقي الشهير احمد عبد الهادي الجوادي، وعمل في فرقة الإذاعة والتلفزيون والفرقة الموسيقية للفنون الشعبية والفرقة العربية للتراث الموسيقي التي أسسها الموسيقي الراحل منير بشير، وقد مثل العراق في المهرجانات الفنية في العديد من العواصم مثل موسكو وصوفيا وتونس وعمّان وطرابلس ودبي بتقديم حفلات العزف المنفرد على العود. عمل كمدرس لآلة العود في المعاهد الموسيقية في الأردن وتونس والإمارات العربية المتحدة، فضلا ًعن تدريسه لسنوات في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد.
أصدر ستة البومات موسيقية منها (أوتار حائرة) و(حديث الأوتار) و(عيون شاردة) و(محطات عراقية) فضلا ً عن أعمال موسيقية منفردة مثل (ثنائي العود والقانون) و(العود مع الرباعي الوتري) و(العود والاوركسترا) و(إرتجالات على العود) وغيرها، وقد حازت أعماله على جوائز وشهادات تقديرية منها جائزة المنبر الموسيقي العربي للتأليف الموسيقي المنعقد في تونس العام 1999، وجائزة التأليف الموسيقي العربي في مسابقة توفيق الباشا الدولية التي نظمها المجمع العربي للموسيقى في جامعة الدول العربية عام 2008.
حسن فالح
ولد الموسيقي العراقي حسن فالح العام 1963 تخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد وحصل على الشهادة الجامعية في الموسيقى من معهد البصرة للفنون الجميلة ودرس العزف على آلة القانون وقاد مجموعة من الفرق الموسيقية التي جالت دول أوروبا والوطن العربي لتقدم المقطوعات الموسيقية، وهو أحد أبرز العازفين في فرقة المطرب كاظم الساهر.
نال الجائزة الأولى في العزف على آلة القانون في المسابقة الدولية الثالثة للعزف التي أقامها اتحاد الموسيقى العربية في القاهرة العام 2001.
موسيقى هندية وإيرانية
سيحظى من يحضر أمسية العزف والغناء مساء غد الأربعاء بحصيلة وافرة من المتعة حيث سيقدم عازف السارود الهندي بارثو ساروتي مجموعة من مقطوعاته الأصيلة لجهة علاقتها بالموسيقى الهندوسية المعاصرة، حيث يعد أحد أبرز ملامح الموسيقى الهندي وذلك بفضل دراسته للموسيقى على يد مجموعة من كبار الموسيقيين الهنود المعروفين نذكر منهم بهرات رنتا باندت الذي يعد أحد أعظم موسيقيي الهند.
دعي ساروتي للعزف في عدد من المهرجانات حول العالم منها القاعة الملكية في لندن وقصر الكريملن في موسكو.
ومن ايران يستضيف ملتقى (مساحات شرقية) المغني مظفر الشافعي الذي تربى على الغناء الديني مع والده ومن ثم مع المغني الشهير إسماعيل مهرتاش إلا أن دراسته للغناء لعقد ونصف على يد الفنان الشهير محمد رزا شاجاريان طوبته مغنيا متفردا في التراث الإيراني. وأقام العديد من الحفلات في أوربا.
وفي أمسية الغد سيقدم البرفسور الفرنسي جان دورينغ المتخصص بالموسيقى الصوفية الفارسية مجموعة من المقطوعات المتنوعة.
جان دورينغ هو مدير الأبحاث في المركز الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا له أكثر من اثني عشر كتابا عن الموسيقى التقليدية وثقافات آسيا، أصدر نحو أربعين اسطوانة موسيقية مليئة بالدراسات والملاحظات النقدية والتحليلية. أتقن العزف على آلة السارد على يد قبائل البالوتشي وسط آسيا المرتبطة بطقوس التملك والعزف الصوفي.نال جائزة (كالتشر فرانس) العام 2007 باعتباره أحد المؤلفين الغربيين القلائل المتخصصين بالتأليف على المقام التقليدي.
الشيخ حسن حفار ابتهالات النور
تختتم الأمسيات الساعة الثامنة من مساء الخميس بحفل إنشاد لحسن الحفار وفرقته القادمة من حلب والتي باتت إحدى الأشكال التقليدية للإنشاد والابتهالات الدينية السورية في العالم حيث قدمت الفرقة مجموعة من الحفلات على قلتها لكنها تركت أثرا عميقا في وجدان كل من سمعها.