تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من ينقذ حراج الرقة? .. 22عاماً من الجهد والتعب. ومهددة بالموت عطشاً!

مراسلون
الاثنين 1/9/2008
محمد جاسم الحميدي

تحتضر الأشجار الحراجية التي قمنا بتحريجها منذ عام 1986 وحتى الآن..! إنها تموت ببطء أمام عيوننا, ونحن ننظر إليها وكأننا لا نملك أن ننجدها, فليس للأشجار الحراجية أي مبلغ لريها أو تقليمها أو العناية بها.

اعتنينا بها بشكل جيد من قبل, كنا نزرع مساحات واسعة بزمن قليل,‏

وكنا مستعجلين لكي نراها تنمو أمام أعيننا, تنهض ونحن ننظر إليها, وكأنها معجزة.‏

لقد نمت بالفعل كما نما أطفالنا كل شبر بندر, أحببناها, ورعيناها وصبرنا عليها حتى تحولت أشجارنا إلى غابات حقيقية في مواقع التحريج المختارة, وأغلبها على ضفاف بحيرة الأسد, ومن أهمها جعبر1 وجعبر2 والنشابة وأبو صخرة والطويحينة والصفرة والواسطة, والكرين الأول ومحمية الثورة, والكرين الثاني والثالث, وأبو هريرة, وأبو عاصي, وشعيب الذكر, وغزالة وفخيخة... وهذه على ضفاف البحيرة, إضافة إلى مواقع أخرى هامة منها تشرين 340 هكتاراً وميعزيلة 169 هكتاراً, وبغديك 127 هكتاراً, والسلحبية 126 هكتاراً.. وقد بلغت المساحة المشجرة الكلية نحو 14839.4 هكتاراً, ما عدا الحراج الطبيعية المحدودة بحوائج الفرات وبعض ضفاف نهر الفرات.‏

تحتضر الأشجار الآن والسبب الأساسي عدم وجود مبالغ مخصصة للأشجار التي يتجاوز عمرها ثلاث سنوات, فالموت الذي كان يزحف بطيئاً منذ عام 2000 على المواقع الحراجية, سرّع خطاه, وأصبحت خطواته ثقيلة وأكيدة في السنة الماضية حين ساد الجفاف, وظل الصقيع مقيماً نحو خمسين يوماً.. فهل نكتفي بتوديع الأشجار? هل نكتفي بالبكاء عليها كأننا نبكي على الأطلال? أم أنه ما زال لدينا إمكانية لإنقاذ تلك الأشجار التي صرفنا نحو 22 سنة في تكوينها, 22 سنة مملوءة بالآمال العريضة, والمال الثمين , والجهد الكبير والوقت العزيز الذي لايمكن تعويضه..?‏

أشجار لا تلائم البيئة..!‏

كانت انطلاقتنا في عام 1986 وقد بدأنا بحماسة وبعمليات تحريج واسعة ولم يكن في محافظة الرقة أيامها سوى مشتل واحد للأشجار لذلك كنا نستجرها من المحافظات الأخرى لتلبي احتياجاتنا, وهكذا جلبنا الصنوبريات والزيتون والنخيل وأنواعاً أخرى.. وأغلب هذه الأشجار لا توافق منطقتنا الجافة, علما أن نظام الحراج يقضي أن تروى الشجرة الحراجية منذ غرسها حتى ثلاث سنوات, ثم تفطم, وكحد أقصى يمكن ريها حتى خمس سنوات لكن ما حدث أننا مازلنا منذ عام 1986 نروي أشجارنا الحراجية..! وحين توقفنا عن ذلك بسبب عدم وجود مخصصات للري بدأت الأشجار تموت وخاصة أن سنوات الجفاف توالت وراء بعضها, وكانت السنة الماضية قاسية من حيث الجفاف والصقيع..!‏

مشاريع التحريج لحماية البحيرة‏

تهدف مشاريع التحريج لحماية بحيرة الأسد من انجراف التربة وتلوث المياه والبيئة المحيطة ولتحقيق تلك الأهداف علينا ألا نحرث الأرض, ولا نسمدها ولا نقلم الأشجار ذلك أن حراثة الأرض تعني انجراف التربة ,والتقليم يعني التلوث.. وهذا يعني أن زراعة الأشجار المثمرة مع الأشجار الحراجية يعقد الأهداف الأساسية لمشاريع التحريج, بل يتناقض معها, فإذا كنا نريد أن نستفيد من الأشجار المثمرة لابد أن نقوم بحراثة الأرض كما نقوم بالتسميد والتقليم, وحتى لو احتج البعض وقال: سنستفيد من الدخل الذي تحققه الأشجار المثمرة في التوسع في مناطق التحريج, فإن الفوائد لاتعادل الأضرار التي تلحق بالأهداف.. إن أشجار النخيل الثمري حاليا وخاصة في الكرين, حيث يصل عددها الى نحو 15 ألف شجرة, وبعضها من النخيل الثمري الممتاز, بحاجة إلى التقليم, إنها تبدو كأنها ميتة.. ودون تقليم ستموت حتماً..‏

مشروعات خلبية‏

إن مشاريع الري الحديثة التي جرى تنفيذها في السنوات الأخيرة في الحراج زادت الطين بلة بدلاً من أن تساهم بإحياء الأشجار, فالمشروعان المنفذان أحدهما في موقع الدواجن والثاني في موقع السحل والهامة وهما مشروعان للري بالتنقيط, وقد صرفوا الملايين على المشروعين, وهما حالياً في يد الجهاز المركزي للرقابة المالية الذي بيّن أنه تم نهب الأموال التي ربما وصلت إلى نحو 19 مليون ل.س دون جدوى.‏

يقول العاملون: إن الجفاف وخمسين يوماً من الصقيع أثرا على الكينا والصنوبر والزيتون والنخيل تأثيراً سلبياً, بل إن الصنوبريات أصيبت بمرض فطري وخاصة في غابة تشرين, كذلك ساهم التقصير بالعناية مثل العمالية غير الكافية وقلة المحروقات في موت الأشجار... ولا يقتصر موت الأشجار على غابة تشرين, إنما تشمل أغلب المواقع, ولكل موقع أسبابه الخاصة, إضافة إلى السبب الأساسي حيث لا تتوفر للأشجار من سن 3 سنوات أي مخصصات لريها..!‏

فهل من سبيل لإنقاذ 22 عاماً من الضياع..?‏

يقول المهندس جمال الفراج الذي يشغل حالياً شؤون دائرة الحراج: لم تدرس الأشجار من حيث ملاءمتها للبيئة, وإلا لما تعرضنا لما تعرضنا له الآن.. والحل هو استبدال الصنوبريات لأنها غير ذات جدوى, ونحن لا نبدأ من الصفر, بل نقوم بعمليات ترقيع مستمرة, وأثناء الترقيع نزرع الأشجاء الملائمة للمنطقة مثل البطم, نزرعها تحت الأشجار السابقة.. وكلما نمت هذه الأشجار ألغت تلك.. حتى نصل إلى المرحلة الملائمة.. علماً أن خططنا الاستثمارية انخفضت بحيث لا نستطيع أن نقوم بالعديد من المهام, فخطتنا الاستثمارية هذه السنة تعادل 60% فقط من خطة العام السابق.وبدرونا نقول: يحاول هذا الكلام أن يخفف وقع المصيبة علينا, إنما النتيجة المختصرة تقول بوضوح: علينا أن ندّمر ما اشتغلناه سابقاً, بحيث نلغي كل الأشجار التي لا تلائم بيئتنا, وهذا يشمل كل الأشجار المزروعة سواء أكانت حراجية أم مثمرة.. ولكن من يضمن أننا لن نكرر الأخطاء نفسها.. ثم ما الأشجار الملائمة للبيئة? هل تمت دراسة أصناف متعددة, أم إن الأمر يقتصر على شجرة البطم..?‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية