فالرجل فقد كل أنواع اللياقة السياسي والتوازن العقلي والأخلاقي وتحول إلى كابوي أخرق في أحد مراعي تكساس وهو يتشدق "بمنجزات" الولايات المتحدة الأميركية عالميا ويشيد بالدستور الأميركي الذي يفيض بعنصرية جماعته البيض المفضوحة بحق أخوتهم وشركائهم في الوطن من أصحاب البشرة السمراء.
تدمير كوريا الديمقراطية، التهديد بنسف الاتفاق النووي مع إيران، التدخل بشؤون سورية وفنزويلا وكوبا، الإساءة لروسيا والصين، والهجوم على الفكر الاشتراكي، اتهام حركات المقاومة بالإرهاب ومساواتها بتنظيم القاعدة الإرهابي، اعتبار النظام الصهيوني المجرم بحق البشرية نظاما مسالما بريئا.. هي بعض مفردات وتفاصيل هذا الخطاب غير الأخلاقي الذي ألقاه الكابوي الأميركي أمام قادة العالم، لكن الشيء الأكثر سخرية من الخطاب نفسه هي عاصفة التصفيق التي تلت الخطاب من إمعات وأدوات أميركا ومرتزقتها في القاعة وكأن الخطاب هو في الكونغرس الأميركي وليس في الأمم المتحدة.
تحدث ترامب عن فضائل أميركا على أوروبا في الحرب العالمية الثانية وعن مشروع مارشال الذي أعاد اعمار أوروبا، وتجاهل الحديث عن الفظاعات التي ارتكبتها بلاده في الحرب حيث استخدمت القنابل النووية لأول مرة في التاريخ البشري لإبادة الإنسان وتدمير المدن والحضارة في هيروشيما وناغازاكي، ولم يأت على ذكر ملايين الضحايا الذين قتلتهم أميركا في كوريا وفيتنام ويوغسلافيا وأفغانستان والعراق وسورية واليمن وليبيا والصومال والسودان وبلدان أخرى كثيرة حول العالم، ولم يتحدث عن حصار العراق وكوبا وإيران وآلاف عمليات القتل والاغتيال والعمليات القذرة على يد الاستخبارات الأميركية وعملائها، بل حاول تقديم بلاده كما لو أنها جمهورية أفلاطون الفاضلة التي توزع الخير والبركة والسلام في أرجاء المعمورة..!
ترامب في خطابه الأرعن البعيد عن الحقيقة اتهم إيران بدعم الإرهاب وإشعال الحروب في المنطقة وخاصة في اليمن، ونسي أو تناسى أن من أشعل هذه الحرب هي أميركا ومن يشنها اليوم هم حلفاء أميركا وأدواتها في الخليج وبأوامر منها ودعم مباشر بكافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، كما تطاول ترامب على حزب الله واتهمه بالإرهاب وساواه بتنظيم القاعدة المصنوع أميركيا وسعوديا، فقط لأنه يعادي ويقاتل إسرائيل ولم يعترف له بإنجازاته في مجال محاربة الارهاب وهو الذي قهر داعش وجبهة النصرة في العديد من الجبهات بالتعاون مع الجيش العربي السوري، وتناسى مقاومة حزب الله المشروعة للكيان الصهيوني البغيض الذي يحتل أراضي عربية ويشرد ويقتل ويهدد شعوبا ودولا عربية في محيط فلسطين المحتلة، تحدث ترامب عن السلام والاستقرار في العالم وتناسى أن أكثر من هدد ويهدد أمن العالم واستقراره هو خروج الولايات المتحدة على الشرعية الدولية وضربها بعرض الحائط كل المواثيق والمعاهدات والقوانين المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
لم يتحدث ترامب عن مجازر أميركا في سورية وغاراتها على المدنيين ودعمها للجماعات الارهابية المسلحة، وسعيها لإضعاف الدولة السورية وتدمير بناها التحتية ومؤسساتها ومحاولة إنشاء كيانات عرقية وطائفية تضر بوحدة سورية ومصالح شعبها، بل هاجم إيران وروسيا لأنهما تساعدان الدولة السورية على إرساء الاستقرار والأمن وحماية المؤسسات وتحاولان إنهاء الحرب ومساعدة السوريين على حل أزمتهم بأنفسهم ومن خلال حوار سوري سوري، وهذا يعكس السياسة الأميركية التي يتبناها ترامب وإدارته الشريرة.
إذا هو خطاب مليء بالمغالطات والشر ومن الضروري الرد عليه وتفنيده من قبل روسيا والصين وسورية وإيران وكوبا وفنزويلا وكوريا الديمقراطية وإيقاف هذا الجنون الأميركي عند حد معين، لأن من شأن هذا الخطاب أن يرفع وتيرة الارهاب والعنف والفوضى في المنطقة والعالم، وأن يقضي على فرص السلام والاستقرار وحل الأزمات.
لقد أظهر ترامب بخطابه المفخخ أميركا على حقيقتها العارية دون أقنعة أو تزييف كدولة تهديد وعدوان واستفزاز وتطاول على الشرعية الأممية وحقوق الأمم والشعوب والدول، ما يجعلها الخطر الأكبر على السلم والأمن الدوليين طوال ما تبقى من ولاية ترامب طالما بقي هذا الرجل طليقا.