وكأنه يتحدث لمجلس أميركي محلي، وليس لهيئة دولية تمثل جميع دول العالم بكل توجهاتها وإراداتها ومصالحها المختلفة.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث لم يحترم دونالد ترامب المحفل الأممي الذي أقيم أساساً لإشاعة السلم والأمن في العالم بعد سنوات من الحروب والفوضى، بل امتطى منبره بكل وقاحة وفجاجة ليكيل الاتهامات لبعض الدول مهدداً إياها بتغيير أنظمتها، وكأنه هو الآمر الناهي في هذا العالم، غير مستوعب ما يجري حوله من تحولات ومتغيرات دولية جعلت الهيمنة الأميركية في خبر كان.
الخطاب الأميركي لا يتوافق مع حقيقة الواقع الدولي الراهن، بدءاً من محاربة الإرهاب التي تتشدق بها واشنطن، مروراً بالمساعي المبذولة لحل المشكلات العالقة في الساحة العالمية ومنها الأزمة في سورية، وصولاً إلى قضايا الحد من التسلح الذي لم تلتزم به الإدارات الأميركية المتعاقبة قبل غيرها من الحكومات.
وأمام المشهد الذي توهم ترامب نفسه فيه بأنه بطل العالم، يتبادر لذهن أي مراقب بأن الرئيس الأميركي قادم إلى هذا المؤتمر الأممي ليس من أجل تقديم رؤية سياسية تسهم في حل أي قضية من القضايا الدولية، بما يحفظ السلم والأمن الدوليين، بل هو آت ليصب الزيت على النار.
وطريقة حديثه عن محاربة الإرهاب الذي دعمه الأميركيون بالسر والعلانية، وملف الصواريخ الكورية الديمقراطية، والاتفاق النووي الإيراني، وكذلك الموضوع الداخلي الفنزويلي، كل ذلك يشي بأن ترامب منفصل عن الواقع، وإلا كيف لرئيس يقول أمام العالم كله أن بلاده أولاً، وبالوقت نفسه يطالب الآخرين بأن يجعلوا مصالح بلادهم ثانياً وثالثاً وآخراً؟