لم تتعظ الإدارة الأميركية من غوصها في المستنقعات من الشرق الأوسط إلى شبه الجزيرة الكورية مروراً بأزمات ملتهبة كثيرة، ولم تغير من سياساتها القائمة على نشر الفوضى الهدامة بل أعادت عبر كلمات ترامب النارية والحربية سيرتها الأولى في التهديد والوعيد والثبور وعظائم الأمور ضد كل من لا يتماهى مع مخططات أميركا وأجنداتها في العالم.
المفارقة المثيرة للسخرية في خطاب ترامب إياه أنه في الوقت الذي كان يتغنى فيه بالديمقراطية وفضائل القيم الدولية والإنسانية المشتركة ويدعو إلى عالم خال من الأزمات ويتباكى على المهجرين واللاجئين فإنه كان يطلق عبارات الحروب والغزو والتدمير في سابقة خطيرة من على منبر هذه المنظمة الدولية.
يتباكى على المناخ ويعظ العالم ويقدم نصائحه له ثم تراه في اللحظة نفسها ينذر كوريا الديمقراطية ويتوعدها بالتدمير الشامل، يذرف دموع التماسيح على اللاجئين وفي اللحظة ذاتها يدعم التنظيمات الإرهابية المسؤولة عن مأساتهم بألف طريقة وطريقة، يتحدث عن عالم يسوده السلام، وفي السطر نفسه يهدد بالتملص من الاتفاق النووي مع طهران، يدعو إلى عدم التدخل بشؤون الآخرين وإذا به يتدخل بتفاصيل شؤون سورية وفنزويلا وكوبا.
لم تتوقف أضاليل ترامب عند هذه المنحدرات الخطرة فقط بل تابع سيرة أميركا الأولى في اتهام حركات المقاومة بالإرهاب ومساواتها بتنظيم القاعدة الإرهابي، وليس هذا فحسب بل اعتبار الكيان الإسرائيلي الذي اغتصب الأرض وشرد الملايين وقتل مئات الألوف كياناً مسالماً وبريئاً ومعتدى عليه من قبل جيرانه في لغة دجل لا سابقة لها.
كل هذا بكفة وموجة التصفيق لهذه الترهات والأكاذيب والغطرسة بكفة أخرى فقد أبى المصفقون لأميركا وأدواتها الرخيصة إلا أن يعبروا عن تبعيتهم المطلقة لها في مشهد قل نظيره من على منبر المنظمة الدولية التي يفترض بها أن تكرس مصطلحات الأمن والسلام والاستقرار.