من فرضيات نظرية أو اجتهادات فقهية لأساتذة القانون الدولي وإنما نشأت وتطورت عبر حربين عالميتين مدمرتين كلفتا العالم ملايين الضحايا والدمار، لذا جاء المثياق معبراً عن قلق ومعاناة العالم وما حل به من دمار وأحزان يعجز عنها الوصف.
لم تقصر الجمعية العامة في هذا الصدد فقد اهتمت كثيراً بمكافحة الارهاب والمؤيدين والممولين والمحرضين عليه فأصدرت العديد من القرارات المهمة في هذا المجال.
فقد شجبت الجمعية العامة استمرار جميع الأعمال الارهابية بما في ذلك الأعمال التي تشترك الدول في ارتكابها بشكل مباشر أو غير مباشر والتي تشيع العنف والارهاب القرار (42/159) الذي اتخذته الجمعية العامة في الجلسة (94 في 7 كانون الأول 1987 ) وتكرر المعنى ذاته في إدانة الأعمال الارهابية في القرار (44/29 الجلسة العامة 75 في 4 كانون الأول 1991) كما دعت الجمعية العامة جميع الدول إلى اتخاذ جميع التدابير المناسبة على الصعيد الوطني بغية منع اعداد وتنظيم أعمال في أراضيها موجهة ضد الدول الأخرى وطلبت من جميع الدول أن تفي بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي بالامتناع عن تنظيم الفتن والأعمال الارهابية في دولة أخرى أو التحريض عليها أو المساعدة أو المشاركة فيها أو التغاضي عن أي أنشطة منظمة داخل أراضيها تكون موجهة إلى ارتكاب مثل هذه الأعمال فقرة (3و4 من القرار 38/130) الذي اتخذته الجمعية العامة في (الجلسة العامة 101 في 19 كانون الأول 1983 ) وفي المعنى ذاته تكرر ادانة الارهاب ومنعه في الفقرة (6و5) من القرار (40/61) الجلسة العامة 108 في 9 كانون الأول 1985 وكذلك الفقرة (4و5) من القرار (42/159) الجلسة العامة 94 في 7 كانون الأول 1987 والفقرة (3و4)من القرار (44/29) الجلسة العامة 67 في 9 كانون الأول 1991.
وبعد أحداث أيلول أصبحت مكافحة الارهاب من أولويات المجتمع الدولي وعلى أساس أن ارهاب هذه الفترة أصبح أكثر شمولية وعمومية من ذي قبل.
وفي 28 أيلول عام 2001 أجيز قرار 1373 في مجلس الأمن الدولي الذي يطالب جميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بتقديم تقرير مفصل بجميع المعطيات المتوفرة لديها عن الإرهاب إلى لجنة مكافحة الارهاب.
وتوطيداً وتحسيناً لهذه الأنشطة بدأت الدول الأعضاء مرحلة جديدة في جهودها الرامية إلى مكافحة الارهاب بالاتفاق على استراتيجية عالمية لمكافحة الارهاب.
وتمثل هذه الاستراتيجية التي اعتمدت في 8 أيلول 2006 وأطلقت رسمياً في 19 أيلول 2006 المرة الأولى التي تتفق فيها البلدان في مختلف أنحاء العالم على نهج استراتيجي موحد لمكافحة الارهاب وتشكل الاستراتيجية أساساً لخطة عمل محددة.
الإرهاب هو ارهاب، طالما استهدف السكان المدنيين الأبرياء العزل وإن هناك فرقاً كبيراً بين الارهاب والمقاومة، فالمقاومة حق مشروع تقره جميع الشرائع السماوية والوضعية وتقره قواعد القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقاتها لعام 1977 وخصوصاً برتوكول جنيف الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة ولا يمكن تحت أي حجة من الحجج انكار حق المقاومة وخصوصاً البلدان التي تعاني شعوبها من الاحتلال ومن التبعية ومحاولات الضم أو الالحاق أو الاجتياح وهذا الحق يكفله القانون الدولي.
وحاولت الولايات المتحدة الأميركية أن توظف موضوع مكافحة الارهاب بعد أحداث 11 أيلول بالتأثير على الأمم المتحدة بإصدار ثلاثة قرارات خطيرة:
1- القرار 1368 في 11 أيلول 2001
2- القرار 1373 وهو أخطر قرار تصدره الأمم المتحدة على الإطلاق وقد صدر يوم 28 أيلول 2001 وقد أعطى الحق ليس فقط لأميركا وإنما لغيرها من الدول المتنفذة طبعاً أيضاً بحق شن حرب استباقية، والحرب الاستباقية أصلاً لا أساس لها في القانون الدولي المعاصر أو ميثاق الأمم المتحدة.
3- القرار 1390 والذي صدر في 16 كانون الثاني 2002 فخلال أربعة أشهر صدرت أخطر قوانين دولية لمكافة الارهاب ورأينا كيف جرى التطبيق العملي لمكافحة الارهاب والذي تضمن احتلال أفغانستان ثم احتلال العراق خارج إطار الشرعية الدولية.
ويفرض البند الثالث من القرار 1373 على الدول المعنية تقديم التقارير والتي تركز على أربعة ميادين يجب على الدول الافصاح عنها فيما ترفعه إلى لجنة مكافحة الارهاب وهي على الآتي
1- ما هي التشريعات ذات الصلة بالارهاب المتخذة أو التي ستتخذ في إطار الحملة الدولية لمكافحة الارهاب
2- ما التحرك العملي الذي اتخذ أو سيتم اتخاذه في هذا الإطار.
3- ما المبادرات الأخرى إن وجدت والتي قامت بها الدول المعنية لتنفيذ نص وروح القرار 1373
4- ما الخطوات التي اتخذت أو من المتوقع اتخاذها لتعزيز التعاون الدولي في المجالات التي يشملها القرار.
وسعياً إلى تنشيط عمل اللجنة اتخذ مجلس الأمن في عام 2004 القرار 1535 بانشاء المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الارهاب بهدف توفير مشورة الخبراء إلى اللجنة في جميع المجالات التي يتناولها القرار 1373
وخلال مؤتمر القمة العالمي المنعقد في الأمم المتحدة في أيلول 2005 اتخذ مجلس الأمن الذي اجتمع على مستوى رؤساء الدول أو الحكومات للمرة الثالثة فقط في تاريخه القرار 1624 عام 2005 الذي يتعلق بالتحريض على ارتكاب أعمال الارهاب.
وقد جاء في الجلسة العامة الرفيعة المستوى للجمعية العامة أيلول 2005 بضع نقاط من ضمنها:
- نحن نرفض الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وتلتزم بإقرار وتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة الشاملة لمكافحة الإرهاب التي اقترحها الأمين العام، مع المراعاة الكاملة لضرورة التصدي للعوامل التي قد تسهم في الإرهاب، ومن بينها الفقر والظلم السياسي والاقتصادي والاحتلال الأجنبي.
- نحن ندعو الأمين إلى مواصلة التشاور مع الجمعية العامة ومجلس الأمن من أجل تعزيز قدرة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والدول من أجل منع الإرهاب.
- نحن سنسعى جاهدين إلى إبرام اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب أثناء الدورة الستين للجمعية العامة، ولكن في موعد لا يتجاوز حزيران 2006.
- نحن نتفق على توقيع الاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي بهدف التبكير ببدء نفاذها، وعلى الانضمام في أقرب وقت ممكن إلى الاتفاقيات الدولية الأخرى الاثنتي عشرة المضادة للإرهاب.
- نحن نقر بأهمية التقيد بمبادئ الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في مكافحة الإرهاب.
- 8 أيلول 2006 تقرر اتخاذ التدابير التالية الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، ومن بينها، على سبيل المثال: الصراعات الطويلة الأمد التي لم تحل بعد، وتجريد ضحايا الإرهاب، بجميع أشكاله ومظاهره، من إنسانيتهم، وغياب سيادة القانون وانتهاكات حقوق الإنسان، والتمييز على أساس الانتماء العرقي والوطني والديني، والاستبعاد السياسي: والتهميش الاجتماعي والاقتصادي، مع التسليم بأنه لا يمكن أن تشكل أي من هذه الظروف ذريعة أو تبريراً لأعمال الإرهاب:
1- مواصلة تعزيز قدرات الأمم المتحدة واستخدامها على أفضل وجه في مجالات من قبيل منع نشوب الصراعات والتفاوض والوساطة والتسوية القضائية.
2- مواصلة وضع ترتيبات، في ظل مبادرات الأمم المتحدة وبرامجها، لتعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين الحضارات والثقافات والشعوب والأديان.
3- الترويج لثقافة السلام والعدالة والتنمية البشرية، وللتسامح العرقي والديني والوطني ولاحترام جميع الأديان.
4- مواصلة العمل على اتخاذ ما قد يكون ضرورياً ومناسباً ومتفقاً مع الالتزامات المنوطة بنا بموجب القانون الدولي.
5- تكرار تأكيد تصميمنا على كفالة تحقيق الأهداف والغايات الإنمائية.
6- السعي إلى تحقيق وتعزيز خطط التنمية والاندماج الاجتماعي على جميع الصعد.
7- تشجيع منظومة الأمم المتحدة ككل على رفع مستوى التعاون والمساعدة اللذين تقدمهما بالفعل في مجالات سيادة القانون وحقوق الإنسان.
8- النظر في القيام على أساس طوعي، بوضع أنظمة وطنية من هذا القبيل.
- أما بشأن تدابير منع الإرهاب ومكافحته:
1- الامتناع عن تنظيم انشطة إرهابية أو التحريض عليها أو تيسيرها أو المشاركة فيها.
2- التعاون بصورة تامة في مكافحة الإرهاب، وفقاً للالتزامات المنوطة بنا بموجب القانون الدولي.
3- كفالة القبض على مرتكبي الأعمال الإرهابية ومحاكمتهم أو تسليمهم.
4- تكثيف التعاون، حسبما يقتضيه الحال، في تبادل المعلومات الدقيقة المتعلقة بمنع الإرهاب ومكافحته في الوقت المناسب.
5- تعزيز التنسيق والتعاون فيما بين الدول في مكافحة الجرائم التي قد تكون ذات صلة بالإرهاب.
6- النظر في الانضمام، دون إبطاء إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.
7- اتخاذ التدابير المناسبة، قبل منح اللجوء، بغرض التأكد من أن طالب اللجوء لم يكن ضالعاً في أنشطة إرهابية.
8- تشجيع المنظمات الاقليمية ودون الاقليمية المعنية على إنشاء آليات أو مراكز لمكافحة الإرهاب أو تعزيز الموجود منها.
9- تشجيع الدول على تطبيق المعايير الدولية الشاملة التي تجسدها التوصيات.
10- دعوة منظومة الأمم المتحدة إلى القيام، جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء بالعمل إلى جانب المنظمة الدولية مع إيلاء الاعتبار الواجب لطابع السرية واحترام حقوق الإنسان.
11- تكثيف الجهود الوطنية والتعاون الثنائي ودون الاقليمي والاقليمي والدولي.
12- تشجيع لجنة مكافحة الإرهاب ومديريتها التنفيذية على مواصلة العمل مع الدول.
13- تشجيع اللجنة المنشأة عملاً بقرار مجلس الأمن 1267 عام 1999 على مواصلة العمل من أجل تعزيز فعالية حظر السفر المفروض على تنظيم القاعدة.
14- تكثيف الجهود والتعاون على جميع الصعد حسب الاقتضاء من أجل تحسين الأمن.
15- دعوة الأمم المتحدة إلى تحسين التنسيق في مجال التخطيط للتصدي لأي هجوم إرهابي.
تبين أن التعاون الدولي ضد الإرهاب قد جاء إثر أحداث 11 أيلول 2001 منفعلاً غاضباً لذلك فإن النتائج التي ترتبت عليه كانت نتائج مأساوية ضارة، فقد جاء على إثره احتلال دولتين مستقلتين، وقد نجم عن ذلك الاحتلال مئات الألوف من الضحايا المدنيين. كما أن كثيراً من مبادئ حقوق الإنسان قد تم التضحية بها تحت شعار محاربة الإرهاب.