تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عـــروض ســــينمائية مســــــــتمرة... فــي حيـــاة الجمهــور الســــوري..

ثقافـــــــة
الخميس 29-12-2011
آنا عزيز الخضر

حراك سينمائي سوري عبر أكثر من تظاهرة وأكثر من نشاط في أكثر من صالة سينمائية هنا وهناك وأفلام كثيرة ومتنوعة يقصد بها حضور العروض السينمائية واستمراريتها في المشهد الثقافي السوري،

وإن تم تأجيل مهرجان دمشق السينمائي حيث لم يمض فترة وجيزة عن عروض أفلام شكسبير حتى بدأت عروض جديدة وهي أفلام لم نشاهدها في سينما الكندي في دمشق وحضرت فيها مجموعة من الأفلام العالمية المتنوعة الأساليب والمدارس السينمائية والبلدان، وقد بدأت بفيلم عصور الحب للمخرج جيوفاني فيرو نيس ودار الفيلم بقصصه المختلفة وأحداثه المتشعبة وأماكنه المتنوعة حول الحب تلك الحالة الأبدية المرافقة للإنسان أينما وجد وكيفما وجد مهما كانت ظروفه وأحواله فهي مرتبطة به دوما،‏

وقد تعامل الفيلم بأسلوبية بسيطة وعفوية تعبر عن تلك الحالة بدقة متناهية ويعبر بعوالمه كيف تأتي ظروف وتذهب تأتي مصاعب وتذهب تحضر شروط وحالات كثيرة تتغير وتتطور ويبقى الإنسان ويبقى الحب دوماً مرافقاً ومتلازما معه هذا ما عمل عليه العرض السينمائي عصور الحب حيث تكمن عظمة الفكرة في بساطتها وحياتيتها، خصوصا انه عرف عن نفس المخرج اهتماماته الخاصة ونجاحاته المتألقة بكل ما يخص الحياة الاجتماعية تلك التي تختزل كل مساحات الحياة الأخرى في تفاصيلها الكبيرة كما الصغيرة، إذ تصبح العلاقات الاجتماعية والمشاعر الإنسانية والشخصيات بتركيبتها وبنيتها مرآة تعكس كل المجالات الأخرى وتدلل بدقة عن الكثير من الأشياء المختبئة بين السطور وعن كل ما يعيشه المجتمع وإن لم يظهر جلياً، إذ تتلخص فكرة الفيلم ببساطة شديدة عبر شخصياته على أنواعها وتعددها، لذلك استطاعت أن تتعمق وتصل إلى أبعادها المرجوة رغم مفرداتها الحياتية البسيطة وهذا بفضل مهارة صانعي الفيلم الذين كثفوا الفكرة المحورية وجسدوا مركزيتها بدقة حيث كانت الأساس للأسلوب والثيمة وتنوع الحكايا وتغير الأزمنة والأمكنة فجسدتها ببراعة متقنة رغم اختلاف الحكايا والقصص حيث الاختلاف المتعمد الحضور كي يدعم المشهد ككل الذي تضمن جملة وتفصيلاً حالة الحب، فكوادرها المختلفة وأبطالها المختلفين وتغير المسافات بقي الحب المحور الأساسي التي دارت حوله كل الحكايا وإن اختلفت تفاصيلها وشخصياتها المعبرة عن اختلاف الحياة ككل كما اختلاف علاقة البشر معها فقصة الحب الأولى رحلة خاصة تجبر صاحبها على العيش في تناقض مع نفسه يعيش تلك التجربة تتغير حياته وأسلوبه التقليدي تتصارع مشاعره ويعايش حالة الحب بأحاسيسه بعمق شديد وقد جذبته تلك الفتاة الجميلة جداً والمثيرة فيؤخذ بها ثم لايلبث أن يتراجع عن ذلك الحب فيعود لحبيبته الأصلية لكن بعد أن تجاذبته أمواج تلك المشاعر العاتية ثم أحبطته بعد أن اكتشف أن حبيبته متزوجة فيعود إلى رشده وحبه الأول لكن بعد أن تغيرت حياته وأسلوبه بسبب الحب، أما القصة التالية أيضا يحركها الحب ويوجهها نحو وجهات لم يكن ذاك الرجل ليخطط لها أو يفكر بها فقد وقع المذيع الناجح بحب امرأة ادعت أنها طبيبة نفسانية كي تتقرب منه، ثم بدأت بتهديد حياته الأسرية وقد نجحت في ذلك وكادت أن تدمر حياته المهنية أيضا لولا أن تلك المرأة تتراجع عن موقفها الأناني وتسلمه وثائق كانت تهدده بها فهذه تجربة حب أخرى قد تختلف عن الأولى إلا أنها تقدم نماذج مختلة وشروطاً أيضاً ليتوسع الفيلم في حالات إنسانية معاشة فيضيء مساحات وأشكال من الحب، القصة الثالثة كان الحب الحاضر فيها مداواة للجراح فذاك الفنان العريق والكبير في السن تتخلى عنه زوجته بعد مرضه وبعد فترة يلتقي بإحدى النساء المحبطات فيجتمعان عند نقطة الحب رغم الجراح التي تثقل روحيهما لكن عبر حالة الحب يصلان إلى الانعتاق من الآلام والجراح ويقدمان خلاصة جميلة لحالة الحب وتتكثف،‏

فكرة الفيلم هنا بعد كل تلك المعالجات والقصص المختلفة انه حالة حاضرة في كل مكان وزمان وعندما تتألق وتصل إلى ذروتها تتجاوز كل العقبات وتتربع ملكة متوجة على عرشها، فالحب الحقيقي لم يقف عند أي عائق لا المرض ولا الإحباط ولا العمر بل يرتبط بالإنسان ويساعده على الانطلاق والتحرر من كل الصعوبات، لذلك الحب الحقيقي هو عالم آخر تزدهر فيه الروح وقد تقصد الفيلم استحضار أشكال الحب والنماذج والظروف المختلفة ويصل في النهاية إلى أجمل الحالات وأرقاها فأوصل فكرته بأسلوب خفيف وممتع عاشه كل من رأى الفيلم بتنوع قصصه وحكاياه وتنوع المشاعر الإنسانية التي صورها، فوصل إلى خلاصة رائعة اكتنز في دواخلها عمق إنساني خاص استطاع الفيلم النفاذ إليها بكل عناصره الفنية المختلفة فتألق في حالة الإمتاع الفني كما هو التألق في تقديم مقولة إنسانية على غاية من الدقة، فالمهم هنا في هذه الحالة الإبداعية ظهور إمكانيتها في الوصول بمهارة أسلوبية منقطعة النظير.‏

يذكر أن فيلم عصور الحب من بطولة:روبرت دينيرو, مونيكا بيلوتشي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية