وبين محافظات دير الزور والرقة من جهة أخرى التي تفتقر إلى المياه وقلة الأراضي الصالحة للزراعة من جهة أخرى.
وأيضاً موضوع نظام ضابطة البناء والذي يقر مركزياً لم يراع خصوصية كل منطقة.. فمدينة طرطوس مثلاً تحتاج إلى التوسع الشاقولي للحفاظ على الأراضي الزراعية والتوسع العمراني (في حال الحاجة إليه) يكون وفق محاور تنمية عمرانية وليس نطاقات حول المخطط القائم كما يمكن تنفيذه في المدن التي تفتقر إلى الأراضي الزراعية ضمنها.
وبخصوص موضوع المدن الصناعية فإن الدراسات المركزية تضع نفس الحلول لكافة مناطق القطر على الرغم من أن وضع مدن صناعية تحتوي صناعات ومعامل ضخمة ومهمة تشكل ميزة وتطوراً بالغ الأهمية لبعض المناطق فإنها في حال تنفيذها بنفس الطريقة تشكل خطراً على بعض المناطق الأخرى.. فمثلاً إقامة المدينة الصناعية في منطقة حسيا على طريق عام حمص - دمشق والتي تحتوي صناعات كبيرة كيميائية وغيرها تشكل تطوراً اقتصادياً فإن إقامة مثل هذه المدينة ( بالصناعات والمعامل المشابهة ولاسيما الكيميائية ) في محافظة طرطوس واللاذقية يشكل خطراً على الطبيعة والمزروعات والسكان .. فمحافظة طرطوس واللاذقية مؤهلتان لبعض الصناعات التي تعتمد على الثروات الطبيعية والوضع الجغرافي والمناخي التي تتمتع فيها و تساهم في تنمية المحافظتين اقتصادياً واجتماعياً.
وفي موضوع السياحة أغلب المشاريع السياحية مرتبطة بشكل كبير بالقرارات المركزية ما يؤخر في كثير من الأحيان أعمال هذه المشاريع وبشكل قسري بسبب ضرورة العودة في كل شاردة وواردة في هذه المشاريع إلى الوزارة.. فبدل أن تعالج المشكلات الطارئة ( وهذه حتمية ) مباشرة تضطر الجهات المعنية الانتظار إلى حين مراسلة الوزارة والانتظار إلى حين الإجابة وهذا ما أدى في كثير من الأحيان إلى تأخير انعكس على المردود المادي للمشروع.
ونذكرهنا موضوعاً هاماً يمس مصالح المواطنين بشكل كبير ( وينعكس في النهاية خسائر مادية نتيجة تأخير الإجراءات المركزية ) وهو تعديل المخطط التنظيمي.. ففي بعض الأحيان تضطر المدينة إلى إجراء تعديل يمس المواطنين أو مصالح الدولة والقطاع العام ففي الطريقة الحالية يحتاج أي تعديل إلى مدة لا تقل عن ستة أشهر في أحسن تقدير وقد يمتد إلى سنوات بسبب ربط هذا التعديل بالمركز في حين أنه لو وضعت آلية للتعديل المحلي فلن يستغرق في أقصى حالاته إلى أكثر من أربعة أشهر.
إلقاء المسؤوليات على المركز
ومشكلة الاعتماد على المركز أكثر من أن تعد وتحصى، حدد بعضها المهندس مظهر حسن مدير الشؤون الفنية في مجلس مدينة طرطوس قائلاً : هناك صعوبة في اتخاذ القرارات المناسبة بشكل دائم بسبب بعد متخذي القرارات عن الواقع القائم في المنطقة صاحبة المشكلة وعدم الإحاطة بها بالكامل.. وعدم ملائمة القرارات التي تأتي عامة لكافة المناطق ( قد تكون مناسبة لمنطقة معينة وغير ملائمة لمنطقة أخرى ) وتحتمل التأويل وتخضع للأخذ والرد والجدل.. والتأخير في اتخاذ القرارات بسبب الضغط الكبير على متخذ القرارات في المركز والذي سيتخذ القرارات لجميع مناطق القطر في حين أنه لو كانت القرارات محلية فإن القرار سيكون له الوقت الكافي والمعطيات اللازمة للدراسة واتخاذ القرار المناسب.. وإلقاء المسؤوليات على المركز والتهرب ( في بعض الأحيان ) من دراسة الموضوعات المطروحة.
واقترح المهندس حسن أن تصدر قرارات وقوانين تحيل أغلب الموضوعات إلى الجهات المحلية لدراستها واتخاذ القرارات اللازمة ومعالجتها خاصة أنه تتوفر الإمكانيات والخبرات اللازمة مع تحميل هذه الجهات المسؤولية عن هذه القرارات ويكون للجهات المركزية المراقبة والمتابعة.. وأن تنحصر القرارات المركزية بالموضوعات الهامة والتي تمس عدة مناطق والموضوعات الإستراتيجية والتي تخصّ القطر بشكل عام ويصعب اتخاذ قرارات محلية بها.
اشتراطات مستحيلة !!
مدير الزراعة في طرطوس المهندس غسان درويش أيضاً حدّد بعض هذه المشكلات قائلاً : فيما يخص مزارع المداجن من ناحية بعدها عن المخططات التنظيمية حدد القرار 9/ت المادة الأولى من البند الأول الفقرة الأولى أن يبعد الموقع المقترح لإقامة مزارع أو مجمعات ( باستثناء مزارع ومجمعات الجدات ) مسافة لا تقل عن /2/ كم عن حدود المخططات التنظيمية ومناطق الحماية ومناطق التوسع العمراني لمدن مراكز المحافظات ومسافة لا تقل عن /1/كم عن حدود المخططات ومناطق الحماية ومناطق التوسع العمراني لبقية المدن ومسافة لا تقل عن /500/م عن حدود المخططات التنظيمية ومناطق الحماية ومناطق التوسع العمراني بالنسبة للبلدان والبلديات والقرى ذات الشخصية الاعتبارية والمزارع وغيرها من التجمعات السكنية الواردة في نشرة التقسيمات الإدارية .
أما لجهة البعد عن حراج الدولة يجب ألا يقل بعد المنشآت عن حراج الدولة عن /15/م خمسة عشر متراً من كافة الاتجاهات.. وألا يقل بعد المنشآت الخدمية ( مداجن) عن حراج الدولة عن /75/م خمس وسبعين متراً من كافة الاتجاهات.
ولا يخفى على أحد أن هذه الاشتراطات تجعل من ممارسة هذه النشاطات أمراً بعيد المنال في طرطوس وكلنا يعرف مشكلة المداجن الموجودة حالياً والمستعصية على العلاج أقلّه حتى الآن.
«الري» هي من تمنح الترخيص
مدير الري بطرطوس حدّد بعض هذه الاشتراطات فيما يخص الترخيص لحفر الآبار فالمادة /27/ تشترط توفر أغلبية الأسهم لطالب الترخيص (1200+1) سهم .. والمادة /25/ تنص على أن الوزارة هي التي تمنح الترخيص بناء على طلب صاحب الترخيص.. وأيضاً المادة /7/ من القرار /1312/ من التعليمات التنفيذية لتحديد حرم آبار الشرب /1/كم .. والمادة /2-5/ من التشريع المائي : الحرم المباشر للمصادر المائية ومنشآت المياه العامة لايقل عن /6/م.. وأيضاً المادة /3-1-أ/ التي تحدد الحرم المباشر للأملاك المائية
وكلنا يعرف أن هذه الاشتراطات جعلت حفر الآبار مستحيلاً في سهل غارق أصلاً بالمياه .. فهل ما يطبق بالبادية السورية يمكن تطبيقه في سهل عكار مثلاً.
فمن المعروف أن الحيازات في طرطوس قليلة جداً ولايمكن مقارنتها بالمحافظات الأخرى ولا تتعدى في الكثير من الأحوال /1/دونم وفي الكثير من الأحوال هذه الملكية سهمية ولا يوجد لدى مالكيها سندات ملكية أو ما يثبت ملكيتهم.
هذا غيض من فيض الاشتراطات المركزية التي حصلنا عليها والتي تؤثر بشكل سلبي على التنمية في هذه المحافظة وننتظرأن يعاد النظر فيها خاصة بعد الانتخابات الأخيرة وفق قانون الإدارة المحلية الجديد الذي يهدف إلى تطبيق اللامركزية الإدارية.