افتتح الندوة الدكتور ثائر زين الدين مشيراً إلى الجهود التي تبذلها اللجنة لتمكين اللغة العربية ليس فقط على ألسنة أبنائنا بل في ضمائرهم ووجدانهم، حيث انها أصدرت بالتعاون مع الهيئة العامة السورية للكتاب نحو ٣١ كتاباً ضمن سلسلة قضايا لغوية في مختلف مجالات اللغة العربية.
يوم اللغة الأم
تحت عنوان «أعياد العربية ودور سورية في رعايتها» أشار الدكتور موفق دعبول عضو مجمع اللغة العربية إلى أن للغة العربية ثلاثة أيام يحتفى بها.
اليوم الأول أقرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة كلغة سادسة إلى جانب الفرنسية والإنكليزية والروسية والإسبانية والصينية، واليوم الثاني فقد أقرته منظمة اليونيسكو, أما اليوم الثالث هو اليوم العربي الذي صدر عن الجامعة العربية والذي أوضح نقاط الضعف التي يجب معالجتها.
تحدث عن المخاطر التي أصابت بعض اللغات والتي بدأت آثارها بعد ظهور العولمة، فكثير من اللغات لم تعد موجودة إلا أن اللغة العربية لا يمكن استئصالها لأنها عميقة في جذور الأمة، فضلاً عن ارتباطها بالبعد الديني فهي لغة القرآن الكريم.
أشار دعبول إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والتربية لتمكين اللغة العربية في المدارس والجامعات، مؤكداً على الاهتمام الذي تحظى به اللغة العربية لدى المواطنين السوريين والجهات الرسمية لاسيما أن تمكين اللغة العربية في نفوس الأبناء ينطلق من منازلهم، فإذا صلح البيت صلحت اللغة.
التشريع اللغوي.. ضرورة
رأى الدكتور عبد الناصر عساف عضو مجمع اللغة العربية الذي جاءت مشاركته تحت عنوان « في أدب التشريع اللغوي» أن الشعوب التي تعتز بذاتها وهويتها وثقافتها تعتز بلغتها بما يحفظها ويحقق لها البناء والتطور قولاً وفعلاً، ومن وجوه اهتمامها إصدار قوانين وضوابط تعنى بكل ما من شأنه حمايتها من كل اعتداء، والتشريع اللغوي ضروري للحفاظ على سلامة اللغة، وصونها من العبث والفساد، وليكون سنداً للعاملين في حقلها، ودعماً للمجامع والمؤسسات ووسائل الإعلام.
تناول عساف تجارب بعض الدول التي وضعت تشريعات لغوية خاصة وعامة، وهي جملة من الضوابط والأصول والأحكام. من هذه الضوابط تلك التي تضبط مسألة التعريب وبناء المصطلح والفتاوى اللغوية التي تتصدى لبيان الرأي فيما يستعمله الناس من وجوه القول، فأضاء على عدد من النقاط مستنداً إلى كتاب (النقد اللغوي بين التحرر والجمود) للدكتور نعمة رحيم العزّاوي كالتمسك بالأفصح ورفض الاشتقاق والتطور الدلالي...
أشار عساف أنه من المفيد للغة ومستخدميها أن تجري الفتاوى اللغوية وحركة النقد والتصحيح اللغوي على صور ومنارات يبدو بعضها شروطاً لا مناص منها، وبعضها من آداب العلم والقول الذي قد تنزل من الشيء منزلة الشرط والأصل منه، كالتجريد من العقد والأفكار الخاطئة والابتعاد عن إصدار الأحكام والقرارات الارتجالية والعاجلة قبل تصور الحقائق والاستقراء والاستدلال، إضافة إلى تضييق دائرة الحكم بالوجوب والمنع والتغليق في غير ماكان فيه عند العرب والعلماء. فالتصدي للفتوى اللغوية والتصحيح اللغوي صنعة دقيقة تحتاج إلى علم صحيح ومنهج محكم ودراية وحكمة.
الحرف الشريف
تحت عنوان التغريب اللغوي، استعرضت الدكتورة منيرة فاعور تجارب بعض الدول ممن يتمسكون بلغتهم الأم ويحافظون عليها كالصين واليابان وفنلندا وروسيا...
و أكدت أن اللغة العربية لغة أكثر من ٤٢٢مليون عربي وتحتل المرتبة الرابعة بين لغات العالم الأكثر انتشاراً في العالم بل و تتقدم عليها بعدد المفردات التي تجاوزت الاثني عشر مليون مفردة.
وللغة العربية تأثير كبير في عدد من اللغات كالفارسية والعبرية والتركية والاندوسية.إضافة إلى أن بعض الدول غير العربية تتمسك بالحرف العربي ويسمونه الحرف الشريف كإيران والباكستان وأفغانستان.
وأشارت الى أن أكثر ما يهدد لغتنا وثقافتنا هو التغريب اللغوي الذي باتت مظاهره واضحة في استخدام ألفاظ أجنبية دخيلة على لغتنا كنوع من الدلع أو إبراز الثقافة وأخطرها ظاهرة العربيزي (كلمة عربي وكلمة انكليزي), لتأتي أشد المحاولات خطراً لطمس هويتنا وانحلالها في الثقافة المستوردة كتابة الأحرف العربية بأحرف لاتينية.
فضلاً عن الإعلانات التي نراها موغلة في العامية إضافة إلى بعض البرامج التلفزيونية التي تعتمد في برامج المنوعات العامية.
كل ذلك يقود إلى انحدار اللغة وإضعافها لتكون ذريعتهم أنها الأقرب إلى جمهور العامة وتضيق المسافة بين المتكلم والمتلقي وقد فاتهم أن العامة تقرأ القرآن الكريم أو تستمع إليه وتفهمه، وتتابع نشرات الأخبار الفصيحة من كل أقطاب العرب وتستوعبها وتصغي إلى الأغاني وترددها.
وقد برع الطفل العربي في مجاراة برامج الأطفال فقد كان يردد الكلمات والتعابير بلسان فصيح وبلا عناء أو مشقة. لكنهم يريدون للعامية أن تنتشر على المستوى المحلي والعربي ليصبح لكل مدينة لهجتها بهدف التقسيم اللغوي والتاريخي.
وختمت فاعور بالوقوف على بعض الجوانب المضيئة في واقعنا السوري من أهمها أن سورية لاتزال تتزعم البلاد العربية في تعليم العلوم والطب باللغة العربية.