تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لمصلحة من تبديل عدو الأمة بآخر وهمي؟

شؤون سياسية
الخميس 12-2-2009م
جمال علي غانم

لا شك أن السياسات التضليلية الصهيو-أمريكية تهدف ومنذ زمن بعيد إلى استمرار خلق التوتر والعداء في العلاقات العربية الإيرانية وهذا ما ظهر واضحاً في الحرب العراقية الإيرانية

ويظهر جلياً اليوم من خلال العمل على تشويه حقيقة امتلاك إيران للمفاعلا ت النووية وتخصيب اليورانيوم وامتلاك الطاقة النووية للشؤون المدنية والسلمية ،الأمر الذي ترافق ولا يزال مع نشاط أمريكي مكثف من خلال الزيارات المتتالية للمنطقة في السنوات القليلة الماضية وإلى الآن لكبار المسؤولين الأمريكيين لتصوير ذلك بالخطر الكبير على أمن واستقرار المنطقة، ما يوجب قيام التحالفات والتعاون ضده حتى إن بعض العرب تناغمت أحاديثه وتساوقت مع السياسات الأمريكية في هذا الاتجاه عندما أشاروا إلى خطر تشكيل ما سموه بالخطر الإيراني كذلك عندما أشار البعض الآخر إلى مخاطر السياسات الإيرانية ودورها المزعوم في زعزعة استقرار المنطقة.‏

إن الكيان الصهيوني كان ولا يزال يشكل بمشروعه الاستيطاني والعدواني وبالتكامل مع المشروع الأم المشروع الأميركي الخطر الحقيقي والوحيد على مستقبل ومصير ووجود أمتنا العربية وحقوقها وإذا ما كانت إيران تشكل تهديداً للعرب ومستقبلهم فهذا كان صحيحاً فقط عندما كانت تلك الدولة منطلقاً وقاعدة للإمبريالية الاستعمارية الصهيو-أمريكية العالمية حيث لعبت دور الشرطي والحارس لمصالح تلك الإمبريالية لعشرات السنين والتي كانت تتلقى فيها أنواع المساعدات كافة ولا سيما منها العسكرية وبالأنواع الأحدث منها في ظل حكم الشاه محمد رضا بهلوي (دون أن يعتبره الكثيرون مصدر خطر عليهم).‏

لقد جاءت الثورة الإيرانية بكل الدعم للحقوق العربية ما يوجب على العرب مبادلتها الوفاء بالوفاء والتأييد لمواقفها وحقوقها ولا سيما في امتلاك الطاقة النووية للأغراض المدنية والسلمية والإبقاء على بوصلة تحديد العدو الحقيقي من العدو المزعوم والوهمي بحيث تبقى تلك البوصلة تشير إلى المشروع الصهيوني بكيانه العنصري اللقيط وما يشكله من أخطار حقيقية علينا خاصة في المجال النووي الذي يعرف العالم كله حقيقة امتلاك الصهاينة لأكثر من مئتي رأس نووي الأمر الذي أكده مؤخراً الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عندما تحدث عن الترسانة النووية الصهيونية واعترف بامتلاكهم لأكثر من مئة وخمسين رأساً نووياً فهل يمكن بعد هذا أن يبرر لأي أحد من العرب بقبول التعاطي مع الحملة التضليلية المنظمة لتصوير إيران على أنها العدو الحقيقي للعرب والتغاضي عن التاريخ العدواني العنصري الصهيوني والمجازر الوحشية المستمرة بحق الحجر والبشر والشجر فوق أرضنا العربية؟.‏

وربما لا نضيف جديداً عندما نقول: إن سورية كانت السباقة إلى القراءة السليمة والصحيحة للسياسة الإيرانية ومنطلقاتها برؤية استراتيجية سمحت لتحديد موقف مؤيد وداعم ومتعاون مع الحليف والصديق الجديد والقوي للحق العربي فأدانت الحرب العراقية عليها وحرصت على عدم توسيع الحرب وامتدادها ودعت بقوة العرب جميعهم إلى الاستفادة من المتغيرات الإقليمية بعد الثورة الإيرانية لزيادة منعة العرب وقوتهم ولا تزال تدعم وتؤيد وتتعاون بقوة مع إيران التي أصبحت تشكل بعداً استراتيجياً في معادلة الصراع العربي الصهيوني لا يمكن تجاهله وهو ما لعب دوره ولا يزال في سياسة التضليل والتخويف والضغط الإقليمي والدولي عليها لإضعافها وإعادتها إلى الحضن الإمبريالي الاستعماري حيث لن تعود حينها مصدر خطر على أحد ولو امتلكت آلاف الرؤوس النووية.‏

إن قوة إيران وتناميها لم توظف في يوم من الأيام ومنذ ثورة شباط 1979 ضد العرب بأي شكل من الأشكال بل كانت دائماً لدعم المقاومة العربية ودعم الحق والنضال العربيين أي بعبارة أخرى هي لصالح العرب وحقهم لا عليهم ولا يمكن مقارنتها أو تشبيهها بالكيان الصهيوني بأي حال من الأحوال فقوى الصهيونية المدعومة أمريكيا وظفت ولا تزال لقتل العرب وتدميرهم وتهجيرهم وارتكاب ما يستطيعونه من جرائم بحقهم للقضاء على حاضرهم ومستقبلهم، ما يوجب على العرب جميعاً عدم الانجرار وراء السياسات العدوانية الهادفة إلى إبدال العدو الحقيقي والاستراتيجي للأمة العربية بعدو وهمي حتى ولو كانت هناك بعض قضايا الخلاف والتنازع معه لأنه لا يمكن أن يكون مبرراً وتحت أي ذريعة تغليب صراع الوجود المصيري على خلاف الحدود القابل دوماً لإيجاد الوسائل والسياسات لحله وتجاوز سلبيات آثاره وسحب ذرائع القوى الصهيونية والعدوانية، ذلك أن العدو الحقيقي والخطر الحقيقي كان ولا يزال وسيبقى هو الكيان الصهيوني العنصري.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية