وضع بصماته على العديد من القضايا المهمة الداخلية والخارجية على السواء رغم أن الاشارة إلى عملية السلام في الشرق الأوسط كانت خاطفة وعلى مبدأ رفع العتب.
وهذه اللهجة يفترض أن توحي أيضا بأن إدارة أوباما ستتعامل مع جميع القضايا الخلافية والعالقة بافتراض حسن النية لدى الآخرين قبل اطلاق التهديد والوعيد ضدهم كما فعل سلفه جورج بوش وأدخل البلاد في مواجهة دامية مع العالم باسم الحرب على الارهاب ومسميات أخرى بات الجميع يعرفها.
حديث بايدن وقبله زيارة مبعوث أوباما للسلام جورج ميتشيل التي جاءت على وقع قصف آلاف الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وعلى وقع التهديدات الاسرائيلية بمزيد من القتل والدمار في غزة يجب أن يرتبط بمبادرات على أرض الواقع، من الضروري أن يتم التحضير لها مسبقا لتقترن الأقوال بالأفعال ولاسيما بعد الاشارة أيضا إلى إيجاد حل لإقامة دولتين كحل للصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية من جهة، ويشكل عهد أوباما قطيعة حقيقية مع عهد بوش من جهة ثانية ليكون بطل سلام لارئيس حروب ويعمل على تغيير الصورة الأميركية التي اتشحت بالسواد على مدى ثماني سنوات خلت، وبالتالي ينتقل بأميركا من استراتيجية البوارج والحروب الاستباقية إلى الدبلوماسية وسياسة اليد الممدودة للحوار والسلام، ففي ثاني خطاب له حدد أوباما ملامح سياسته تجاه الشرق الأوسط بشكل واضح لكنه لم يهدد بالجرائم الاسرائيلية في غزة وتجاهل الشهداء والجرحى والمشردين واللاجئين والثكالى، وكأنه اختار أن يبلور موقفه بهذا الشأن لاحقا وربما حسب ما ستؤتيه ثمار الانتخابات الاسرائيلية.
والسؤال هل يعتقد أوباما أنه يكفي القيام بعمليات شكلية لتجميل وجه أميركا؟ فإذا كان ذلك سيكتشف بعد وقت قصير أن مهمته باءت بالفشل لأن هذا الوجه لم يتشوه بسبب معتقل غوانتانامو وأبو غريب وباغرام.. فاللوحة الأميركية مرسومة، واختلطت فيها الألوان القاتمة منذ مأساة ملجأ العامرية قبل 13 عاما ومرسومة في فلسطين منذ عشرات السنين بقمع الاحتلال المستمر للسكان هناك، والمجازر الاسرائيلية المرتكبة بحق الأطفال والشيوخ والنساء في لبنان بأسلحة وذخائر أميركية إضافة إلى الدعم الذي تمده لإسرائيل في مجلس الأمن من خلال حق النقض.
إذا لا الوفود البرلمانية ولا المبعوثون ولا الشعارات ولا الخطابات تستطيع تغيير الجوهر إذا لم يكن هناك استعداد من صاحبه، وإذا كان الشعب الأميركي حقق انتصارا من خلال انتخاب رئيس أسود فمن حقه إذاً أن يعيش في دولة يحترمها العالم قناعة وليس خوفا بحيث يستثمر الرئيس الأميركي الجديد قوة بلاده في خدمة الإنسانية ونصرة المظلومين بعد أن أضحى العالم عموما والشرق الأوسط خصوصا قاب قوسين أو أدنى من الانفجار بعد استباحة دماء الأبرياء في فلسطين والعراق ولبنان.
فهل يشهد الموقف الأميركي بشأن هذا الصراع على المدى المنظور تحولات جدية يمكنها أن تؤثر بشكل فعال في مسار السلام في المنطقة أم هنالك مزيد من التراجع؟ فإذا كانت هنالك تحولات جدية يجب على إدارة أوباما إرسال اشارات حاسمة لاسرائيل منذ البداية والسير في هذا المضمار وإذا كان العكس فسوف يتهيأ العالم من جديد للدوران في الحلقة المفرغة ذاتها.