وكان هذا التقرير واحداً من أكثر التقارير السنوية أهمية لكونه يصف هذا العام بأنه الأكثر سوءاً في مجال الانتهاكات ضد الإنسان الفلسطيني.
حيث يصف التقرير هذا العام بأنه كان بامتياز الأكثر سوءاً في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي على مستوى جرائم الحرب وخرق مواثيق حقوق الإنسان.
وعلى مدار عام يؤكد التقرير أن قوات الاحتلال واصلت جرائمها بحق السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية, بما في ذلك أعمال القتل العمد وتشديد إجراءات الحصار وتدمير الممتلكات والتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي لمصلحة جدار الفصل العنصري في عمق الأراضي الفلسطينية.
ويبرز التقرير الاستخدام المفرط للقوة, وجرائم القتل وانتهاكات الحق في الحياة التي واصلت سلطات الاحتلال اقترافها طوال العام الماضي, وأكد أن 672 مواطناً فلسطينيا استشهدوا على أيدي قوات الاحتلال.
وذكر التقرير أن من بين الشهداء نحو 500 مدني سقطوا في ظروف لم ينشأ في أغلبها تهديد لحياة جنود الاحتلال.
وتطرق التقرير إلى جرائم الإعدام خارج إطار القانون أو القضاء - الاغتيال - مشيراً إلى أن هذه السياسة تحظى بتأييد من قبل الحكومة الإسرائيلية, ومباركة وتغطية من قبل جهاز القضاء الإسرائيلي, حيث سقط 142 شهيداً خلال العام الماضي في 49 جريمة اغتيال بينهم 23 طفلاً.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا الاغتيال بحق الناشطين الفلسطينيين منذ بدء الانتفاضة في عام 2000 إلى نحو 721 شخصاً في الضفة الغربية وقطاع غزة بما يساوي 19% من مجمل الضحايا المدنيين الذي سقطوا على أيدي قوات الاحتلال خلال الانتفاضة.
ويؤكد التقرير أن عام 2006 شهد تصعيداً ملحوظاً في اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على الطواقم الطبية الفلسطينية ومعظمهم في قطاع غزة.
ووفقاً لتوثيق المركز فقد بلغ عدد المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال في قطاع غزة 860 منزلاً, فيما تم في الضفة الغربية تجريف 122 منزلاً سكنياً و 65 منشأة مدنية تستخدم لأغراض زراعية أو تجارية أو صناعية في مختلف محافظات الضفة الغربية.
وأوضح التقرير أن قوات الاحتلال اتبعت منذ تموز 2006 منهجاً جديداً في تنفيذ جرائم هدم منازل المواطنين الفلسطينيين وذلك من خلال إنذارهم بوساطة الهاتف ومطالبتهم بإخلائها خلال وقت قصير من قصفها بوساطة الطائرات المروحية, وتم توثيق هذه السياسة في 73 منزلاً في قطاع غزة.
إضافة إلى ما سبق أشار المركز إلى وجود نحو 11500 فلسطيني يرزخون في سجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلي مع نهاية عام 2006 بينهم 389 طفلاً و 142 امرأة.
أما بخصوص التعذيب فذكر التقرير عدة أساليب تستخدمها أجهزة الأمن الإسرائيلي ضد المعتقلين منها: عصب العينين بصورة متواصلة, ضرب السجناء في جميع أنحاء الجسم, خنق المعتقل بطريقة تؤدي إلى إحداث صعوبة كبيرة في التنفس من خلال وضع كيس من قماش سميك على الرأس ذي رائحة نتنة.
كذلك نزع شعر لحية المعتقل بقوة وبطريقة تحدث آلاماً شديدة, وتعليق المعتقل من رجليه ووجهه إلى الأرض وربط المعتقل على الكراسي وشد الأيدي والأرجل بوثاق من البلاستيك والشبح على الحائط مع إجبار المعتقل على ثني ركبتيه بزاوية 90 درجة.
أما في المجال الاقتصادي فقد أكد التقرير استمرار الحصار وانتهاك الحق في حرية الحركة والتنقل ضمن الأراضي الفلسطينية موضحاً أن قوات الاحتلال فرضت قيوداً أكثر تعقيدا على الحركة وذكر أن القيود الداخلية تتمثل في وجود ما يزيد على 528 حاجزاً عسكرياً ومانعاً إسرائيليا مقامة داخل المدن والقرى الفلسطينية والطرق الرئيسية.
وأكد التقرير أن إسرائيل وقوات احتلالها الحربي والمستوطنين واصلوا إقامة المستوطنات وبؤر استيطانية جديدة وتوسيع القائم منها والتهام المزيد من الأراضي الفلسطينية لأغراض التوسع الاستيطاني وإنشاء الطرق الأمنية.
وفيما يتعلق باعتداءات المستوطنين على السكان الفلسطينيين أكد المركز أن عدد السكان المدنيين الذين قضوا على أيدي المستوطنين منذ بداية الانتفاضة وحتى الآن وصل إلى نحو 39 مدنيا فلسطينيا بينهم 10 أطفال. وعلى الرغم من التصعيد المستمر في الجرائم التي تقترفها سلطات الاحتلال بحق السكان المدنيين أشار التقرير بوضوح إلى أن إنكار العدالة للضحايا الفلسطينيين هو أمر متأصل في النظام القضائي الإسرائيلي بشكل عام.
ومن خلال تجربة طويلة فإن هذا القضاء يستخدم لإعطاء الغطاء القانوني لاقتراف الجرائم بحق السكان المدنيين معتبرا إياه ليست سوى أداة امتصاص من أجل عدم الولوج في إجراء العدالة الدولية بصورة مباشرة تحت حجة قضاء وطني إسرائيلي عادل!!
وفي ظل جرائم الاحتلال المتواصلة, وأمام هذه المعطيات وبسبب استنفاد آليات التقاضي المحلية (وفي هذه الحالة الإسرائيلية) ذكر التقرير أن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عكف على استخدام آليات دولية لملاحقة مجرمي الحرب أمام القضاء الدولي, وذلك بالتعاون مع مؤسسات حقوقية وقانونية دولية.
*صحفي وباحث فلسطيني