المسألة لا تختصر بتعويض ألف لتر مازوت وعبوة غاز
اقتصاديات الأحد 9/9/2007 المهندس عصام تيزيني حين نتحدث عن سياسة اقتصادية جديدة في سورية تتبنى مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي فإننا حكماً نتحدث عن تغير قادم في النمط المعيشي للمجتمع السوري. بمعنى أن المواطن السوري أصبح أمام ثقافة إنتاجية واستهلاكية جديدة تحتم عليه البحث بكل الوسائل عن مصدر للإنتاج وزيادة الدخل. كذلك عليه أن يبحث عن طرق عديدة يرّشد من خلالها استهلاكه ويخفف مصاريفه.
من خلال هذه المقدمة أردت القول إنه خلال العقود السابقة كانت الدولة ولا تزال تقوم بحماية المواطن من تبدلات الأسعار التي تطرأ على كل المشتقات النفطية. إلا أن هذا الأمر يثقل كاهل الدولة ويحملها ضغوطاً مالية هائلة, أما وقد أصبحنا في ظل اقتصاد السوق فقد صار هذا الأمر (الدعم) منافياً لمنطق الأمور ومناقضاً لاتجاهها الجديد بالتالي أصبحت فكرة إعادة توزيع الدعم وإن جاءت متأخرة حسب اعتقادي أصبحت ملحة الآن ولكن بشرط أن تتم وفق منهج التدرج والاستيعاب. إذ لا يمكن أن ننقل مجتمعا كان حتى في ظل وجود الدعم لديه تحفظات كثيرة على موارده (التي هي في كثير من الأحيان لا تتوازن مع مصاريفه) لا يمكن أن ننقل هذا المجتمع إلى مرحلة الشكل الجديد للدعم بشكل سريع دون تدرج حتى لو قدمت له هذه المعونات التي اقترحتها الحكومة, فالقضية ليست كما يقول البعض إن المواطن السوري يستهلك سنوياً ألف ليتر مازوت وعبوة غاز شهرياً وخلافه حتى تعوض بقسائم أو مبالغ نقدية سنوية إنما هناك استهلاك غير مباشر مرتبط بمعظم الموارد الغذائية المنتجة محلياً وبالصناعة بمفهومها الشامل وبالنقل و.. فالعملية أشبه ما تكون بالفطام لا بد كي يمر بسلام أن يكون حنوناً إن صح التعبير وبالتالي فإنه وفقاً لما سبق نصل إلى نتيجة أنه إذا أردنا أن نحافظ على المستوى المعيشي للمواطن السوري (وهذا أضعف الإيمان) فإن الاقتراح هنا أنه إذا تضاعف مثلاً سعر المشتقات النفطية. فلابد من مضاعفة المعدل الوسطي للدخل الشهري للعاملين في الدولة وفي القطاع الخاص مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون هناك دراسة متأنية لوضع العاطلين عن العمل من خلال إجراء دراسة إحصائية موثقة تشارك فيها كل المنظمات الأهلية والحكومية لنحمي هذه الشريحة, كأن تقدم لها رواتب شهرية ثاتبة تساعدها على تأمين الحد الأدنى للمعيشة كما هو الحال في الدول المتقدمة لنكون بذلك استطعنا تحقيق مفهوم (الاجتماعي) المرتبط باقتصاد السوق وبشكل عملي فهل نعمل بشكل متأن وننجح في هذا الاختبار.
مهمة صعبة لا شك, واقتصاد السوق بمفهومه الاجتماعي أمام امتحان صريح, الآن نرجو للقائمين على صناعة القرار التوفيق في تجاوزه.
*عضو مجلس إدارة غرفة صناعة حمص
|