ترخي بثقلها على المنطقة والعالم,ورغم ان العرب كانوا ضحية العدوان الإسرائيلي في الخامس من حزيران,الا انه من الصعب أن تجد دولة مهما بعدت أو قربت من ميدان وساحات تلك الحرب العدوانية الاسرائيلية,لم تتأثر بها بهذا الشكل أوذاك ولا سيما أن معظم دول العالم أدانت اسرائيل باستخدامها القوة العسكرية لاحتلالها المزيد من الاراضي العربية تفوق مساحة فلسطين المحتلة عقب نكبة,1948لقد رفض العالم منطق القوة والعدوان الذي لجأت اليه اسرائيل,وقامت الكثير من دول العالم آنذاك بقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية وحتى الاقتصادية مع هذا الكيان العدواني,الذي ظهر للعالم أجمع انه منبع الخطر الدائم على السلام والاستقرار والأمن في الشرق الاوسط والعالم,ولاسيما أن اسرائيل ومنذ قيامها وحتى اليوم مازالت تشكل الخطر الرئيسي على السلم العالمي وعلى شعوب المنطقة والعالم,وعلى الرغم من أنها حاولت استثمار عدوانها بفرض اتفاقيات ومعاهدات على بعض الاطراف العربية,إلا أن جوهر الاحتلال لم يتغير,فاسرائيل لم تنسحب فعليا من الاراضي التي احتلها في عدوان حزيران عام ,1967ويشهد على ذلك قطاع غزة والضفة الغربية,والاستيطان وخطط الانسحاب الأحادي وإعادة الانتشار وسياسة تحييد بعض العرب حيال الصراع العربي الاسرائيلي,حتى بعض الانظمة العربية التي لم تحتل أرضها في ذلك العدوان,نازعا عن هذه الانظمة صفة المشاركة في قومية المعركة مع الكيان الصهيوني,علما بأن الشعوب العربية وفي أي مكان من دنيا العرب,رفضت منطق الاستسلام والتصالح مع اسرائىل لرفضها بالمطلق إعادة الحقوق العربية الضائعة قبل وبعد عدوان حزيران عام .1967
ان منطق الاستسلام وليس السلام الذي قبلته بعض الأنظمة العربية مهد عمليا لإعادة علاقاتها مع الكيان الصهيوني التي قاطعته عقابا على عدوانه على العرب,ومهد الأرضية المناسبة لإسرائيل للتمرد على القرارات الدولية التي صدرت بحقها والتي كان من المفترض ان ترغم على تنفيذها,إحقاقا للحق والعدالة,إلا أن العالم الحريص على السلام والعدل كان أَضعف من القدرة على فرض ارادته على اسرائيل وارغامها على الاستجابة وتنفيذ تلك القرارات التي لو قيض لها التنفيذ لكانت المنطقة اليوم وشعوبها تنعم بالسلام والاستقرار.
وتداعيات عدوان الخامس من حزيران ما زالت تتفاعل حتى اليوم وتتخذ اشكالا أكثر خطورة على مصير المنطقة والعالم,وإذا كانت اسرائىل ومن وقف ويقف وراءها داعما ومؤيدا ومشجعا على العدوان,تهدف إلى اسقاط الانظمة الوطنية التقدمية بوصفها انظمة تمثل مصالح العرب الوطنية والقومية في الحرية والتحرر والاستقلال,إلا أنها فشلت في تحقيق هذا الهدف,واذا استطاعت تحييد بعض الانظمة إلا أن سورية العربية الصامدة مازالت تشكل قبلة الوطنيين العرب في كل مكان,لرفع الظلم والعدوان الاسرائيلي والذي اضيف اليه الاحتلال الاميركي للعراق,عن كاهل الشعوب العربية. وسورية التي أصبحت دولة الممانعة الاساسية في المنطقة لم تساهم فقط بمنع اسرائيل من تحقيق ماكانت تطمح إليه من وراء عدوان حزيران,بل وافشلت جميع المشاريع والمخططات الغربية والاميركية والصهيونية المرسومة للمنطقة وابقى صمود سورية الأمل باستعادة الحقوق العربية الضائعة وافشل سعي اسرائيل للتحول إلى جزء من نسيج المنطقة. وفقدت المشروعية جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها اسرائيل مع بعض الدول العربية ومع بعض الاطراف الفلسطينية لكون هذه الاتفاقيات مناقضة لقرارات الشرعية الدولية.
ولأنها لم تعد الحق لأصحابه الشرعيين ان كان في الأرض أو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ان تمسك سورية العربية بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي,تعبير عن حرصها على ان يسود السلام والاستقرار والأمن في المنطقة,وعلى المصالح العربية العليا,هذه المصالح التي تناقض التنازلات المجانية,التي كانت بمثابة مكافأة لإسرائيل على عدوانها الغادر في الخامس من حزيران,وفي الوقت الذي كان من الحق والعدل معاقبتها ومقاطعتها وحتى حصارها,لأنها كيان عدواني ارهابي,لم يتوقف يوما عن انتهاك الأمن والسلام ان كان داخل فلسطين أم على المستوى العربي,ومما خدم التمرد الاسرائىلي على قرارات الشرعية الدولية,التغيرات الدراماتيكية في العالم,التي سمحت لإسرائيل بالاستمرار في التعنت بمواقفها وسياستها العدوانية ومعاداتها للمجتمع الدولي وقراراته الخاصة بحل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي وخاصة القرارات 425,195,338,242وغيرها.
ان عدم تطبيق قرارات الشرعية الدولية,جعل الشرق الأوسط يستمر في معاناته من فقدان الأمن والاستقرار فالتغيرات العالمية رغم اليافطات المنافقة مثل الديمقراطية والحرية والسيادة,اتخذت طابع احتلال الأوطان ومنها العراق الذي انتهكت حريته وسيادته واستقراره جراء الاحتلال الاميركي له.
وباحتلال العراق وقبله افغانستان ويوغوسلافيا,والدعم الاميركي اللامحدود لإسرائيل في سياستها العدوانية,جعل المشهد السياسي العالمي محكوما بسياسة الكيل بمكيالين وترسيخ شريعة الغاب في العلاقات الدولية وجراء عدم حل مشاكل الشرق الأوسط المعقدة,استمرت سياسة التآمر على سورية العربية,وهذه المرة عن طريق لبنان,في محاولة لنزعه عن محيطه العربي وتحويله الى مقر وممر للتآمر على سورية بدعم كامل من قبل الولايات المتحدة والقوى الاستعمارية الغربية الاخرى,وارتكبوا جريمة اغتيال الحريري لكي يلصقوها بسورية انتقاما من موقفها الوطنية المبدئية أملا في التأثير على قرارها الوطني الحر المستقل,وفسحوا المجال لعملائها في الداخل اللبناني لإطلاق تصريحات لم يتجرأ على البوح بها علنا أعتى الخونة لشعوبهم وأوطانهم في التاريخ القديم والحديث والمعاصر,فهل لوطني ان يصرح وعلى الملأ بدعوة أمريكا لاحتلال سورية بالدبابات والطائرات ?وهل لوطني حريص على حرية شعبه وسيادته واستقلاله أن يشيد بديمقراطية أمريكا في العراق?وقد وصل بهم الأمر الى حد وصف سلاح المقاومة بسلاح الغدر. عن أي حرية وسيادة يتحدث هؤلاء الذين بتصريحاتهم هذه يهينون مشاعر الشعب اللبناني,الذي يقدس المقاومة التي حققت انتصارا من أعظم الانتصارات على العدو الصهيوني في عصرنا وطردته من الجنوب اللبناني رغما عنه!!
يتهجمون على سورية التي انجزت انتصارات تشرين التحريرية والتي كانت الرد الطبيعي لنكسة حزيران عام ,1967هذه الحرب التي اعادت للعرب كرامتهم وهويتهم ومكانتهم في التاريخ المعاصر.
ان ارادة المناضلين الوطنين التي عجزت نكسة حزيران عن كسرها,تنهض من جديد راسمة مسارات المستقبل لما فيه خير ومصلحة الشعوب العربية في الحرية والاستقلال والسلام العادل والشامل.
فهذه الارادة حولت نكسة حزيران الى ذكرى عابرة في التاريخ العربي!!.