حلب الجريحة
لم تنته حلب القلعة الصامدة من لملمة جراحها وهي تحاول إصلاح ما دمرته يد الإهاب في أحيائها وشوارعها.. إلا وامتدت يد الإرهاب ثانية إليها لقذائف صاروخية حاقدة على جامع حلب بينما يقدمون امتحاناتهم في أول يوم لهم حاصدة أرواح العشرات ومدمرة لكل المباني الواقعة ضمن الجامعة.
فهؤلاء الطلبة لم يفكروا أن يداً حاقدة ستسلب حياتهم فالبرد القارس لم يمنعهم من تقديم امتحاناتهم في هذا اليوم من كانون الثاني البارد.. ولكن أيضاً لم يمنعهم من تقديم أرواحهم أيضاً قرابين على مذبح الوطن لتروي دماؤهم الطاهرة تراب هذا البلد الذي أحبوه وعشقوه والذي الآن يلف أ جسادهم الطاهرة مانحاً لهم الدفء الذي افتقدوه وهم أحياء في برد كانوني قارس .
حنين إلى الدفء
هذا الشتاء افتقد السوريون الدفء الذي اعتادوا عليه في السنوات ما قبل الأزمة الذي لم نكن نشعر بأننا نبحث عنه (بالسريج والفتيلة) في كل قطعة أو جمر.. والسعيد الحظ الذي يجده في كمية من المازوت بالكاد حصل عليه ولم يكن هذا البرد الذي نحس به الآن نتيجة للإرهاب الذي له اليد الطولى به وذلك عن طريق تخريب أنابيب النفط والغاز وحتى الكهرباء لم تسلم من تخريب المسلحين عبر تحطيم المحولات والأعمدة والأسلاك الكهربائية فهو كالأخطبوط أذرعة تطول كل شبر من سورية لتعمل فيها الخراب والدمار ولتسرق الفرح والدفء من السوريين؟ بل هناك أياد أخرى لا تقل قذارة عن المسلحين وهم التجار الذين يمصون دم المواطن عبر بث نار الغلاء في المواد والسلع الضرورية للمواطن ليسدوا طمعهم وجشعهم غير آبهين بزرع البهجة على الوجوه بوقوفهم إلى جانب المواطن بمواجهة وحشين في آن معاً.. الإرهاب.. والغلاء ونقول.. (ارحموا من في الأرض ليرحمكم من في السماء..)
الحياة ستسير رغم كل شيء
الجميع يواصل حياته الطبيعية بالذهاب إلى العمل كل يوم لا يفكر إلا في القيام بواجبه تجاه حبيبته سورية ولكن هذا المشوار اليومي يقف في وجهه عقبه الوقوف في زحمة سير خانقة وخلال هذا الوقوف الطويل نرى الجنود يقف بعضهم حول منقل أو (تنكة) والنار تلتهب ضمنها والأيدي ممدودة فوقها لتأخذ أكبر قدر ممكن من الحرارة في هذا الجو القارس ولأول مرة نحسدهم على هذه النعمة التي ينعمون بها؟
السوريون الآن أحوج من أي وقت مضى إلى المحبة والألفة إلى التعاون والتكاتف وإلى الرحمة لأن الإرهاب الأسود الحاقد لم يدمر الأبنية والشوارع.. والحدائق فقط بل دمر كل شيء جميل في حياتنا.. دمر تلك القيم الفاضلة التي تغنينا بها طويلاً قبل الأزمة تلك القيم التي كانت تعيش بيننا في حياتنا وحارتنا وهي التي تعطي الحرارة.. حرارة العلاقات الإنسانية التي كنا نتنفس عبرها الهواء النقي الخالي من الغش والطمع..
عودة الإشراق والجمال
اللون الأسود من الألوان التي تتصف بالرقي والنبل ولكن الإرهاب أرادوه لون حقد وكره يحاولون به طمس ألوان سورية الزاهية المشرقة ولكن هيهات منهم ذلك لأن ألوان سورية ستبقى ساطعة رغم السواد.. وستبقى هي الجمال والرونق بذاته..
رغم الأيام الباردة التي نعيش فيها هذه الأيام والتي تمنعنا حتى عن الكتابة من شدة برودتها إلا أننا سنزداد قوة رغم كل هذا الصقيع والتجمد من أجل بلدنا الحبيبة والغالية سورية ومن أجل جيشنا العظيم الذي يسطر في هذه الأثناء أروع ملاحم البطولة والفداء في كل شبر من أرض الوطن لإعادة الأمن والأمان والدفء إلى زوايا حياتنا وأيامنا.
سورية ستظل صامدة
عامان مرّا على سورية.. أرادوا فيها سورية الذليلة الخانعة، والسوريون صامدون ومصرون علي أن تبقى سوريتهم عزيزة.. كريمة.. شامخة شموخ جبل قاسيون الشاهد أبداً على عظمة الشام وأهل الشام..
فهنيئاً لك يا سورية بأهلك وشعبك وجيشك القوي والشريف والجبار الذي يقف بصمود لا مثيل له وبقائدك الصابر والحكيم متحدياً الصقيع بكل أشكاله واضعاً نصب عينيه.. النصر.. والنصر القريب بإذن الله....