تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الذكرى الثالثة لوفاة المنجد..أبــــو المخطوطــــات وصنــــو قاســـــــيون

ثقافـــــــة
الأحد 27-1-2013
في الذكرى الثالثة لوفاة الباحث والمحقق التاريخي السوري صلاح الدين المنجد نجد أنفسنا أمام علم من أعلام التراث العربي في القرن العشرين نذر عمره الذي ناهز تسعين عاما لخدمة هذا التراث من خلال ثقافة واسعة ومتنوعة وعميقة

أدهشت الكثيرين مخلفا مايزيد على مئة وخمسين عملا مابين نصوص تراثية محققة وبحوث ودراسات أكاديمية مختلفة عدا مئات المقالات المنشورة في المجلات والصحف العربية والأوروبية.‏

وعندما كان يسأل كيف استطاع تحقيق وانجاز هذا القدر المتنوع في شتى العلوم.. يجيب الباحث الراحل.. لقد ملكت المفتاح الأول للتحقيق والتأليف بعد أن حرصت على تنشئة نفسي على العلم وعلى تنوع ثقافتي وأخذت من كل علم بطرف وساعدني على ذلك انني ملكت مكتبة ضخمة كانت توفر لي كل ما أحتاجه إضافة إلى التردد على المكتبات العامة.‏

بدأ المنجد المولود في حي القيمرية بدمشق عام 1920 حياته المهنية وهو في العشرينيات من عمره بالكتابة في الأدب ناهلا من التراث العربي والأجنبي وظهرت مقالاته في مجلتي الرسالة والثقافة بالقاهرة.. واتصل في تلك الاونة بمحمد كرد علي مؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق فوجهه الى ملازمة المكتبة الظاهرية بدمشق القديمة والتي تضم بين جنباتها سبعة آلاف مخطوطة وكتب مطبوعة وفيرة.‏

وارسل المنجد في بعثة إلى جامعة السوربون في باريس فنال منها درجة الدكتوراه في القانون الدولي والتاريخ وكانت عينه الأخرى تتابع دروسا في علم المكتبات وعلم الخطوط الباليوغرافيا الذي أفضى فيما بعد إلى علم المخطوطات الحديث في أوروبا.. وعين بعد عودته مديرا لمعهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية ودخل عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1956 والمجمع العلمي العراقي ببغداد وفي معاهد علمية هندية وأوروبية وشارك في مؤتمرات دولية عديدة وشغل استاذا زائرا في جامعة برنستون الأمريكية وجامعات عربية واسلامية وأوروبية أخرى.‏

انتقل بعد ذلك الى بيروت وأنشأ دار الكتاب الجديد واخذ ينشر فيها ما ينجزه من تحقيق وتأليف الا ان الحرب الأهلية في لبنان انذاك أدت إلى إحراق مكاتب الدار ومكتبته المحتوية على ثلاثين ألف كتاب فانتقل إلى مدينة جدة وحاضر في جامعة الملك عبد العزيز.‏

ودرج الباحثون على تصنيف أعمال الباحث المنجد الذي رحل في العشرين من كانون الثاني عام 2010 حسب الموضوعات مثل السير الذاتية والخط والتاريخ والجغرافيا وغيرها ومنهم من صنع جريدة لانجازاته مرتبة وفق سنوات صدورها في أول طبعاتها ومنهم من صنف أعماله التراثية تصنيفا مبنيا على ربطها بعناصر ثقافته مايكشف للدارس جوانب شخصيته ومعرفة بعض مفاتيحها.‏

وتكشف أعمال المنجد عن اعتزازه بمدينته دمشق ووفائه لها فأصدر عنها أحد عشر عملا ما بين نصوص محققة ودراسات عن دور القران فيها وقصر أسعد باشا العظم وأبنيتها الأثرية وتاريخ المسجد الأموي والوراقات الدمشقية وخططها وولاتها وقضاتها ووزرائها وتاريخها في العهدين السلجوقي والعثماني.‏

وقام المنجد بتشجيع من العلامة محمد كرد علي بتحقيق كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر الدمشقي وهو كتاب ضخم يقع في ثمانين مجلدا وفي كل مجلد الف صفحة وقدم لها بمقدمة حول قواعد تحقيق النصوص ودراستها،ونال هذا العمل اعجاب كثير من العلماء العرب والمستشرقين.‏

واستفاد الباحث الراحل من دراسته للقانون في تحقيق مخطوطة نادرة بعنوان رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة للحسين بن محمد الفراء ونال عليها جائزة المجمع العلمي العربي بدمشق لأحسن نص قديم محقق.‏

وفي مجال علم الخطوط الباليوغرافيا اهتم في انجازاته بتاريخ الخط العربي وتطوره ومدارسه وأنواعه وأدواته وأشهر الخطاطين والخطاطات والناحية الجمالية والحضارية فيه ومن أعماله الوراقات الدمشقيات واسهامات المرأة في مجال الخط العربي ووضع معجما للخطاطين والنساخين والمصورين والمزوقين في الاسلام.‏

وطاف صلاح الدين المنجد العالم بحثا عن المخطوطات العربية فلم يدع بلدا أو مكتبة الا زارها ما أثرى خزائن معهد المخطوطات العربية في القاهرة بمصورات للمخطوطات النفيسة.. كما أصدر عام 1955 مجلة المعهد وهي أول مجلة أكاديمية عربية متخصصة في شؤون المخطوطات والتعريف بها وبأماكنها ورصد ما نشر منها وكان يكتب فيها علماء من العرب والمسلمين والمستشرقين.‏

وللباحث المنجد تجربة واسعة في فهرسة المخطوطات العربية في كل من اسبانيا وايطاليا وبيروت وفلسطين ومكتبة الكونغرس بواشنطن.. وختم هذه التجربة بوضع كتاب في قواعد فهرسة المخطوطات العربية أصدره عام 1973 عالج فيه قضية مستعصية من قضايا التراث وكان رائدا في مؤلفه ومنارا لكل من يريد أن يتعلم فن فهرسة المخطوطات.‏

ويعد المنجد من أوائل من نبه إلى غربة المخطوطات العربية عن أصحابها وأماكن تأليفها اذ رأى الالاف منها في بلاد الغربة متوجها باللوم إلى التجارالذين باعوها بأثمان بخسة جاهلين بقيمتها وقال ان الحل هو تنمية الاحساس بقيمة هذا التراث للحفاظ عليه وخدمته بالصيانة والترميم والتصوير والفهرسة والتحقيق والدرس.‏

وقال أحد أصدقائه العلامة اللغوي مازن المبارك ان المنجد صنو قاسيون وكلاهما جبل دمشقي فقاسيون جبل من حجر الا ان المنجد هو جبل من العلم والمعرفة والثقافة.‏

وعرف الباحث الراحل بأنه أبو المخطوطات وانه من شوامخ المحققين في التراث العربي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية