تتواصل لاعطائه صورة شبيهة بالمحققين الاسطوريين كما نراهم على شاشات السينما مثل كوجاك وكولومبو والمفتش كادجيت.
لكن مسيرة المحقق الدولي الذي سبقته هفوات وسقطات في تحقيقات تغيرات ألمانيا اخذت تتهاوى وتتساقط امام اسئلة اساسية لم يمتلك ميليس حتى الان مجرد طرحها فكيف بالاجابة عليها.
واول هذه الاسئلة لماذا لم يحقق ميليس بالظروف والدوافع والاسباب التي جعلت الرئيس الحريري حتى قبل استلامه رئاسة الحكومة ومباركة سورية في شهر تشرين الثاني 1990 يقيم حوله ترسانة ضخمة من الحماية فممن كان الرئيس الحريري يحمي نفسه بهذا الحذر الكبير وبهذه القوى الاستثنائية وقبل ان يقع اي خلاف مزعوم او مفترض بينه وبين سورية.
والسؤال البديهي هنا ان الرئيس الحريري قبل ان يدخل عالم السياسة كان يحمي نفسه من مخاطر وتهديدات قوى سبق لصحيفة لوموند الفرنسية ان اشارت اليها عبر ترجيحها بأن تكون هناك مافيات عالمية ودولية هي وراء جريمة الاغتيال فهل اجهدميليس نفسه في التركيز على هذا الملف بدلا من ان ينساق وراء اوكار دبابير السياسة اللبنانية المحلية مكتفياً باحتجاز قادة الاجهزة الامنيةحاصرا نفسه بالتركيز عليهم ولعل ابرز ما قيل في هذا المجال ان القوى الكبرى التي خططت ونفذت جريمة الاغتيال ليست عاجزة بالطبع عن تركيب اتهامات لمجموعة اشخاص لبنانيين يبدون الآن في نظر الرأي العام وكأنهم البداية والنهاية لجريمة الاغتيال الدولية.
وهذا في وقت سيستمر السؤال الى متى يجري احتجاز اشخاص لم تثبت عليهم حتى الان اي تهم مقرونة بدليل ولاحتى بقرينة فكيف بالشبهة وقد قال عنها الامام علي بن ابي طالب بانها شبه الحق وهي ليست حقاً.
وحتى عندما يصدر ما يسمى بالقرار الظني وهو عادة ثمرة مسلسل طويل من التحقيقات يبقى اسمه الظن وفي الاحاديث ان بعض الظن اثم فما الذي يدعو ميليس الى عدم الاعتراض على توقيف اشخاص هم جوف القانون وتقاليد القضاء اللبناني ابرياء حتى تثبت ادانتهم وهذا على صعيد أشخاص فكيف على صعيد دولة عربية بقدها وقديدها بحجم سورية وقد استسهل البعض ومن خلال تلميحات من ميليس هنا وهناك واشارات مبطنة من بعض وسائل الاعلام فلا شك ولاريب انها ممولة من جهات لايسأل ميليس لماذا تمول وبهذا الشكل كي تعكس الحقائق على طريقتها وتحول البراءة الى اتهام خصوصاً ان سورية صممت على الفور على التعامل الكلي والكامل مع لجنة التحقيق الدولية وهي اللجنة التي دعمها وايدها الرئيس لحود منذ البداية معبراً بذلك عن ثقة كاملة بأن أيدي الاتهام يجب أن توجه إلى جهات غير الجهات التي وضعها ميليس في خانة الاتهام.
لماذا لم يبين ميليس من المستفيد من هكذا جريمة, وأهمها إسرائيل التي تستطيع تنفيذ مثل هذه الجريمة بما لديها من قدرات بالغة التقنيات وهي التي سبق أن اغتالت وباعتراف منها أشخاصاً عدة ومنهم كمال عدوان وكمال ناصر ومحمد يوسف النجار وقد شارك يهودا باراك شخصياً في عملية الاغتيال متنكراً بزي امرأة يضاف اغتيال إسرائيل الى حسن سلامة وتفاخرها بهذه الجرائم التي تثبت أن إسرائيل ضالعة في الاغتيال في لبنان ومنذ عشرات السنين. يضاف ما تقوله صحيفة معاريف أخيراً في عدد 2/10/2005 مستبقة نتائج تحقيقات ميليس بطريقة تحريضية معبرة أن النظام في سورية سيكون في وضع حرج عند ظهور النتائج وكل هذه المعطيات لم تدفع المحقق ميليس إلى تكليف نفسه في التحقيق مع أي مسؤول إسرائيلي ضارباً في ذلك عرض الحائط بالحد الأدنى من قواعد التحقيقات الجنائية التي تركز عادة وفي الدرجة الأولى في البحث عن السؤال الأساسي: من المستفيد?
يضاف أيضاً أنه لا يمكن حصر التحقيقات في طرف واحد من الأطراف السياسية اللبنانية فيما هناك اشارات واحتمالات وأسئلة ذات أهمية تشير إلى إمكانية استفادة أطراف سياسية لبنانية أخرى غير الأطراف التي جرى التحقيق معها ولأهداف محلية تتعلق بالصراع السياسي مع الرئيس لحود وبالحملة التي قامت بها أطراف لبنانية عدة على سورية وبأشهر بل بسنوات قبل جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ونقول الشهيد لأننا نعرف أن الرئيس الحريري لا يمكن أن يوضع في الخانة التي وضعته فيها أطراف سياسية لبنانية عندما ركزت هذه الأطراف على اتهام سورية وكأن هذه الأطراف تشير مواردها الى أن الرئيس الحريري كان يعمل في خدمة مشروع معادٍ للعروبة ولتوجهات سورية الرافضة للصلح مع إسرائيل بأي ثمن.
كل هذه المعطيات وسواها قفز فوقها الثعلب الألماني الذي بدأت أخباره تتوارد أخيراً حول حياة البذخ التي يعيشها على اليخوت ومعاقرته النبيذ وغرقه في بهرجة الحياة اللبنانية التي تجعله يفقد موضوعيته وسعيه الجدي في الوصول الى الحقيقة وأهمية القضية التي أخذ على عاتقه توليها ومن ذلك تصرفاته الغريبة أخيراً في أحد شواطئ البترون في منتجع بونيتا حيث أربك الناس بقدومه فجأة برفقة كلاب حراسة وعناصر من ال FBI مدججة بالسلاح ما أوجد حالة حرج في المطعم والجوار ما أثار التساؤلات حول مدى شخصيته (استولى) على كامل المطعم وخرج الرواد منه هولاً وذعراً. وهذه كأنها نقطة من بحر غرق فيه ميليس عبر قضية أكبر هي الرواية المنسوبة إلى المسمى زهير محمد الصديق والذي زعم بناءً على تحريض من قوى سياسية لبنانية وسورية في الخارج بأن الضباط الأمنيين الأربعة اجتمعوا في شقة في حي معوض ثبت فيما بعد أنها قصة ملفقة لا أساس لها من الصحة فما كان فبركة أجواء استهدفت عن طريق النيل من حزب الله كما ثبت أن (الصديق) كذب عندما ادعى أنه ضابط في المخابرات السورية فيما ثبت فيما بعد أنه مجرد سوري فار من وحدة سورية عادية لم ينتم يوماً الى رتبة مجند وأنه زور إحدى البطاقات العسكرية وضع عليها اسم محمد إبراهيم صافي.
وفوق ذلك ثبت أن على الصديق تسع وستين دعوى احتيال مقامة ضده بحجم صندوقين تم تزويد ميليس بهما لدى زيارته سورية وأمام المأزق أو المقلب الذي وقع فيه ميليس لم يكن أمام أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان إلا أن يسارع إلى حفظ ماء وجه ميليس بإرسال تيري رود لارسن مزوداً بأحدث وسائل الاسعاف لاخراج المحقق الدولي من غرفة الانعاش.
إعلامية لبنانية*