تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الوجود الأميركي غير الشرعي في سورية والذرائع الكاذبة

الثورة - The American Conservative
دراسات
الأربعاء 3-10-2018
ترجمة ليندا سكوتي

أدلى المسؤول الأميركي عن الملف السوري جيمس جيفري بتصريح مفاده أن الولايات المتحدة ستعمل من أجل الحفاظ على وجود قواتها في سورية، مع احتمال أن تعمد إلى توسيع مهمتها العسكرية فيها

والاستمرار في ذلك لحين قيام إيران بسحب جنودها والقوات التي بعثتها إلى هذا البلد، ويعتقد المسؤولون الأميركيون بأنه لا يمكن تحقيق النتائج المرجوة إلا بعد تلقي دعم القوى العالمية لاتفاق ينهي الحرب.‏

نستشف من تصريح جيفري بأن الولايات المتحدة عازمة على توسيع مهمتها إلى نطاق أوسع الأمر الذي يفصح في طياته عن رغبات تسعى إلى تحقيقها وأهداف أكثر مما سبق الإعلان عنه، وهذا يعني بداية لمهمة جديدة مختلفة غير مرتبطة بالأهداف السابقة التي ترمي بها إلى الاحتفاظ بقوات عسكرية في سورية إلى أمد غير محدود.‏

لا ريب بأن التذرع باستمرار الوجود الأميركي في سورية حتى يتحقق انسحاب إيران أمر في غير محله، إذ ليس لدى طهران أي سبب يدعوها للانسحاب تلبية للرغبة الأميركية، كما أن الوجود الأميركي أصلاً يتسم بعدم المشروعية ولا يمثل ضغطاً على إيران لكي تنسحب، خاصة وأن وجودها جاء بناء على طلب من الحكومة السورية، وعلى النقيض من ذلك، فإن استمرار الوجود الأميركي غير القانوني في سورية لن يدفع بإيران لسحب قواتها بل سيمنحها حافزاً ودافعاً إضافياً للتمسك بوجودها للقيام بالمهمة التي قدمت من أجل تحقيقها، ولكون الانسحاب الإيراني قد يعطي الانطباع بأنه قد جاء تلبية لرغبة الولايات المتحدة وانصياعاً لأوامرها فإن آخر أمر تفكر به الحكومة الإيرانية الانصياع للرغبة الأميركية.‏

إضافة إلى عدم شرعية الوجود الأميركي، فإن ما يثير الدهشة والاستغراب هو ما نراه من أن المهمة التي تدعيها واشنطن لا صلة لها على الإطلاق بأمن الولايات المتحدة أو الدول المتحالفة معها، وعلى الرغم من المزاعم الأميركية التي ترى بأن الوجود العسكري الإيراني في سورية أمر غير مرغوب به، إلا أن مغادرة القوات الإيرانية لسورية ليست بالضرورة أن تحقق أمن الولايات المتحدة أو المتحالفين معها، ومن المعلوم للجميع أن إيران وسورية دولتان متحالفتان منذ عدة عقود وتربطهما علاقات وثيقة، وقد بدت تلك العلاقة أكثر وضوحاً من خلال الدعم الإيراني للحكومة السورية الأمر الذي وثق عرى علاقات التعاون بين الطرفين، وما لم تطلب الحكومة السورية مغادرة القوات الإيرانية لأراضيها السورية فليس ثمة سبب لدى طهران يدعوها للخروج من سورية، وليس لدى الحكومتين أي سبب أو مبرر للخضوع لإملاءات واشنطن وتلبية مطالبها.‏

إن سياسة الإدارة الأميركية الخرقاء حيال إيران والحرب غير الشرعية التي تخوضها ضدها شكلت سببين لخلق التزام يمكن وصفه بالمتهور والمحفوف بالمخاطر يفضي إلى استمرار وجود القوات الأميركية في جزء من سورية لفترة طويلة، ذلك لأن الإبقاء على قوات أميركية في سورية انتظاراً للانسحاب الإيراني منها مهمة قد يطول أمدها لعدة سنوات.‏

يرى أحد الدبلوماسيين الغربيين بأن طهران قدمت المساعدات العسكرية واللوجستية لدمشق وقد فقدت عدداً من المقاتلين إبان الحرب على هذا البلد، حيث قال الدبلوماسي ـ الذي فضل عدم الكشف عن هويته ـ إذا أصرت الولايات المتحدة على الاحتفاظ بوجودها العسكري في سورية طوال فترة وجود الإيرانيين فهذا يعني بأنها ستبقى إلى أجل غير معلوم وربما يطول أمر هذا الوجود لمدة تنوف عن عقود من الزمن.‏

يبدو بأن الولايات المتحدة لا ترغب بإنهاء مهمة بعثاتها العسكرية المفتوحة في شتى أصقاع العالم، وإذا استمر ترامب بنهجه الخاطئ المتعلق بإبقاء قوات عسكرية غير شرعية في سورية، فإنه من المرجح أن تستمر هذه المهمة لفترة طويلة من الزمن حتى بعد مغادرته البيت الأبيض، لذلك نرى بأنه حان الوقت لوضع حد لبقاء القوات الأميركية في الخارج، ومن الضرورة بمكان، العمل على عودتها إلى البلاد عاجلا وليس آجلا، ذلك لأنه بعد سنوات قليلة أخرى ستصبح السياسة غير الشرعية التي تنفذها الولايات المتحدة على نحو صارخ أمراً مقبولاً في الداخل بشكل مشابه تماماً لسلسلة الحروب الرئاسية غير الشرعية.‏

في نهاية المطاف لا يسعنا إلا أن نقول بأنه ليس لدى الولايات المتحدة أي تفويض يتيح لها البقاء في سورية لأي سبب كان، وإن استمرار ترامب في سياسته ونهجه ليس في واقعه إلا انتهاكاً للقوانين الدولية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية