تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«البادي غارد» ترامب يشهر فزاعة جديدة لابتزاز بني سعود..!

الثورة
دراسات
الأربعاء 3-10-2018
عبد الحليم سعود

في زحمة الجشع الأميركي والسعي المستمر لنهب ثروات العالم وجمع الأموال بأي طريقة كانت، لم يبخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ بدء حملته الانتخابية حتى لحظة دخوله إلى البيت الأبيض رئيساً

وصولاً إلى اليوم، في تقديم الأدلة والقرائن التي تثبت الطبيعة الانتهازية والمكيافيلية التي تقوم عليها السياسة الأميركية، والتي تعتبر الحلفاء والأصدقاء مجرد خزائن وبنوك للمال يتم سحب ودائعها وأرصدتها عند الحاجة وفي كل مناسبة، وإذا تعذر ذلك فليس هناك ما هو أسهل على صناع القرار الأميركي من اختراع الذرائع والأسباب التي تجعل هؤلاء الحلفاء يدفعون وهم صاغرون.‏

ففي آخر نشاطاته الخاصة بحشد الأصوات المؤيدة استعداداً لانتخابات مصيرية بالنسبة لحزبه الجمهوري في الكونغرس الشهر القادم، كشف ترامب عن تفاصيل وخفايا اتصاله الهاتفي بالعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، يقول ترامب في كلمة له خلال تجمع انتخابي بولاية فرجينيا: (أنا أحب السعودية وقد أجريت مع الملك سلمان هذا الصباح حديثاً مطولاً، وقلت له إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحده يعلم ماذا سيحدث للمملكة في حالة تعرضت لهجوم).‏

ثم موجهاً كلامه للحشد (نحن ندعم جيوشهم لذلك دعوني أسأل: لماذا ندعم جيوش هذه الدول الغنية؟ أمر مختلف أن نقدم الدعم لدول تعيش وضعاً صعباً وخطيراً مع فظائع قد تؤدي إلى مقتل الملايين، لكن عندما تكون لديك دول غنية كالسعودية واليابان وكوريا الجنوبية فلماذا إذن ندعم جيوشها؟ لأنهم سيدفعون، المشكلة أن لا أحد طالب بذلك من قبل).‏

المفارقة المضحكة هو أن الإعلام السعودي قد تطرق لهذا الاتصال الهاتفي لكنه قدم رواية مختلفة عن رواية ترامب، يقول الإعلام السعودي الذي امتهن التضليل والكذب خلال سنوات الحرب على سورية (أنه جرى خلال الاتصال بحث العلاقات المتميزة وسبل تطويرها في ضوء الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع في المنطقة والعالم، كما تم خلال الاتصال استعراض الجهود المبذولة للمحافظة على الإمدادات لضمان استقرار سوق النفط وبما يضمن نمو الاقتصاد العالمي).‏

في هذه الحادثة نحن مضطرون لتصديق رواية ترامب لأنها تتفق مع الرعونة والعنجهية واللادبلوماسية التي يحاول من خلالها قيادة العالم بحثاً عن المال والنفوذ، وهو الذي اعتاد خلال السنوات الماضية ترويج سياسته عبر التويتر بتغريدات مجنونة تشبه شخصيته، إلا أن اللافت هنا في حديث ترامب مع الملك الضعيف هذه المرة هو أنه أشهر فزاعة جديدة بوجه النظام السعودي لسحب المال من خزائنه ، ملوحاً بإمكانية تعرض المملكة «لهجوم» لا أحد يعلم تداعياته ونتائجه».‏

وقد بلغ ترامب غاية الانتهازية والجشع حين خاطب ملك بني سعود بالقول:»أيها الملك ربما لن تكون قادراً على الاحتفاظ بطائراتك، لأن السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لا نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه».‏

من الواضح هنا أن ترامب مستمر في التعاطي مع الملك السعودي ونظامه الرجعي المتخلف «كبقرة حلوب» وأن الأخير لا مشكلة لديه إزاء هذا التعاطي المذل والمهين طالما أن الثمن هو بقائه وبقاء ابنه على رأس السلطة لأطول فترة ممكنة في ظل حماية أميركية تتقن كل أساليب الابتزاز الوضيعة، وهذا ما يعطي صورة واضحة وجلية عن طبيعة العلاقة «التحالفية» التي تربط بين الإمبراطورية القوية والمشيخة النفطية الضعيفة، والتي أساسها الحماية مقابل المال، وهكذا تصبح الولايات المتحدة الأميركية الإمبراطورية العظمى مجرد «بادي غارد» أو «بلطجي» يرتزق من خلال استعمال عضلاته وقوته، بعيداً عن مبادئ الدبلوماسية والأخلاق والقوانين والأعراف الدولية.‏

ربما أخطر ما دار بين ترامب وبن عبد العزيز في الاتصال الهاتفي هو القول أن النظام السعودي سيتعرض لهجوم، ما يضطره طبعاً لطلب النجدة من إدارة ترامب التي ستأخذ المال وتقدم الدعم المطلوب، ولكن قياسا بتجارب السنتين الماضيتين من حكم ترامب فإن بني سعود سيدفعون حتى آخر دولار في أرصدتهم لأنهم اعتادوا الدفع دون تردد، إذ لا خيار أمامهم سوى ذلك، ولكن دون أن تنعدم فرصة افتعال أو إشعال فتيل حرب أو أزمة جديدة في المنطقة تطال النظام السعودي لوضعه تحت الضغط والابتزاز المستمر، وهي على ما يبدو جزء من نوايا ترامب للحصول على المزيد من الأموال السعودية، وتتعزز هذه الفرضية أكثر فأكثر مع التهديدات الأميركية والإسرائيلية المتواصلة لإيران على خلفية الاتفاق النووي والبرنامج الصاروخي وهي تهديدات مدفوعة الثمن من قبل بني سعود، وكذلك العمل الإرهابي المدان الذي تعرضت له إيران الأسبوع الماضي في منطقة الأهواز حيث أشارت المعطيات الأولية إلى أن الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم تشغلهم كل من السعودية والإمارات، الأمر الذي يتسق مع تهديدات هذين النظامين التابعين لواشنطن بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني بسبب فشلهما الذريع بحسم نتائج عدوانهما البربري والوحشي على الشعب اليمني.‏

من الملاحظ أنه منذ دخل ترامب إلى البيت الأبيض لم تتوقف صفقات ترامب مع الأنظمة الخليجية سواء ما يتعلق منها بصفقات الأسلحة أم تمويل الإرهاب العابر للحدود وصولا إلى قيام تحالفات عسكرية ممولة خليجياً..إلخ، وفي جديد الصفقات الأميركية قرب الإعلان عن «ناتو» شرق أوسطي يضم عددا من المشيخات الخليجية في طليعتها السعودية، سيكون تحت الإشراف المباشر للولايات المتحدة ومن غير المستبعد أن تنضم إليه إسرائيل التي تشهد علاقاتها مع هذه الأنظمة قفزات مستمرة باتجاه التطبيع الكامل.‏

يمكن القول باختصار ـ وهذا ما أثبتته إدارة ترامب في تعاطيها مع أوروبا وكندا والمكسيك وتركيا والأنظمة الخليجية، أنه ليس لأميركا حلفاء أو أصدقاء بل هم بالنسبة إليها مجرد دافعي أموال يجري ابتزازهم بصورة مستمرة تحت عناوين مختلفة، كما يجري اليوم مع النظام السعودي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية