تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التوازنـات الداخليـة وجـبهـة الـوطــن الـواحــــد

دراسات
الأثنين 24-2-2020
بقلم: د. فايز عز الدين

لا يزال رهان حلف أعداء سورية قائماً على سياسات تدمير الدولة،

‏‏‏

وتفكيك المجتمع وصولاً إلى إعادة رسم الخريطة الوطنية السورية بما يفتح الطريق للكيان الصهيوني في التهويد للأراضي العربية المحتلة، ولمدّ المجال الحيوي «لإسرائيل» الكبرى حسبما وردت في الترهات التلمودية، وبناء عليه استمر حلف الأعداء باستثمار الإرهابيين ولو تحت لافتة الحرب ضدهم، فالمعروف أن الغطرسة الغربية الصهيو-إمبريالية لا يمكن أن تنسحب بقواتها من بلادنا ومشروعها قد فشل بل ستعمل على إدامة الحرب الإرهابية مهما كلّفها الأمر ضناً منها بأن ظروفاً ميدانية قد تستولد بيئة سياسية يتم استثمارها في ضخ الدم بالمخطط الذي شُنّت على أساسه الحرب الإرهابية على بلدنا، ومن الملاحظ أن كل مرحلة من الإنجاز الميداني لجيشنا وحلفائه كانت تقابلها أضاليل كيمياوية، وحين لا تنفع هذه الأضاليل، تُفتتح مسرحية المدنيين رغم أن هؤلاء أسرى تحتجزهم المجموعات الإرهابية وتتحكّم بهم كما تشاء وتقتلهم متى تشاء، لكن حلف العدوان على سورية لا يملك عيوناً لترى حالة المختطفين دروعاً بشرية وكل ما تملكه من رؤية ينصبُّ فقط على اتهام الجيش العربي السوري يقتلهم.‏‏‏‏

والترّهة الأخيرة أن حلف العدوان يدعي حرصه على المدنيين دون أن يقبل سؤالاً لماذا يحاصرهم اقتصادياً ويمنع عنهم أسباب العيش الكريم طالما يوجد لدى الحلف الملعون هذه الغيرة على المدنيين الذين هم مكون الشعب السوري؟! وعلى الرغم من فرحة التقدّم الميداني اليوم في غرب حلب، وجنوب شرق إدلب، وفتح طريق حلب-دمشق وتأمين مطار حلب، وحلب المدينة جاء حديث السيد الرئيس بشار الأسد المتلفز الذي هنّأ فيه جماهير حلب على انتصارهم من خلال إرادتهم الوطنية المخلصة ومن خلال تجديد الحقيقة التاريخية لحلب بأنها دوماً أرض الصمود والإباء والعزّة، وأهلها احتضنوا جيشهم الذي حماهم، ودافع عنهم، وخلّصهم من الحاقدين الأغيار الذين استولوا لفترة على زمام حياة الناس ودمّروا البشر والحجر في بلادنا تطبيقاً لتعاليم الظلامية السلفية، والتطرف الإرهابي المقيت، والصهيونية صاحبة الكونترول.‏‏‏‏

وفي تقدم جيشنا الميداني لفتح طريق حلب- اللاذقية ننظر إلى الوكيل الحصري للصهيونية أردوغان كيف يضع جيشه في مواجهة هذا التقدم في ظروف إقليمية ودولية مشتبكة حيث ما زالت أحابيله ولعبه على أكثر من حبل تشغل بال الجميع بدءاً من شعبه في الداخل الذي عبّر عن استيائه باستمرار على سياسة الطاغية أردوغان في إدخال العلاقات السورية التركية هذه الحالة من المواجهة، وحتى حينه لم يخدم بها سوى أعداء الشعبين: السوري والتركي. وقد صار معلوماً لأطراف «سوتشي وآستنة» أن هذا الدجل الأردوغاني، وهذا التنصّل من كل ما تمّ الاتفاق عليه ولا سيما وحدة الأرض السورية، والسيادة والاستقلال صار فرضاً بأردوغان ومع ذلك يُدخل المزيد من القوات ويهدّد دون شعور بالمسؤولية، ويعتقد بأنه قادر على فرض ما يأمره به أعداء سورية باعتباره الوكيل الحصري في شنّ الحرب على بلدنا.‏‏‏‏

وبناء عليه تبرز مقتضيات مهمة دعماً لتقدم جيشنا وحلفائه، والرئيس الأسد قد أشار إلى عوامل النصر الكامل أنها لا تقف عند نهاية الحرب على الإرهاب، ولا تعني سقوط المخططات فقط، كما لا تعني استسلام الأعداء وحسب لكنها تستدعي تداعيات وطنية تتشكل فيها التوازنات الداخلية الحاملة لعملية إنجاز النصر الكامل، وما نراه في الحسكة، وفي حلب من اجتماعات شعبية ومن توافقات وطنية دليل على رفض الوجود الأجنبي في بلادنا، ويظهر استعداد الشعب للتحالف في جبهة الوطن الواحد حتى يتم إنجاز النصر الكامل الذي يحرر سورية من كافة مظاهر الوجود الإرهابي أو وجود الأصلاء داعميه، وهذه المهمة الاستراتيجية تستدعي التلاحم والتكاتف الوطني على منهج مقاومة موحدة، فالوطن يواصل بجيشه وحلفائه مهام التحرير، والشعب ليس السند وحسب بل من المفترض أن تتشكل جبهته الداخلية بأخلاقية وظائف خوض الحرب مع جيشنا البطل ودفع الراية الوطنية نحو النصر الكامل، وإذا قلنا: إن جيشنا جيش الشعب يعبّر في أدائه عن إرادة الشعب وكبريائه السيادي فلا بدّ للشعب من أن يعيد تنظيم أحواله الاجتماعية، والاقتصادية، والتعبوية بما يجعل منه الكتلة التاريخية الصلبة التي تنتصر ولا تُهزم.كما تجعل من الجيش متزوداً بمعنويات شعبه العالية واستعداد الجميع لتخليص الوطن من العدوان عليه، ومع تقديرنا للنموذج الذي عشناه مع شعبنا منذ 15/03/2011م حتى اليوم، لكن لكل صيغة من العمل الوطني تجديدٌ وفق مقتضيات الحالة التي وصل الوطن إليها، وحالتنا اليوم أصبحت مقروءة بأن حلف العدوان الإرهابي لن يقبل بالنصر الذي حققناه، ولن يسلّم لنا فيه، وما يحدث في إدلب دلالاته واضحة لكل ذي بصيرة وطنية مخلصة، ومن الواجب اليوم أن تكون الهندسة الاجتماعية لحراك الشعب باتجاه خلق مكوّنات عملية في التعاضد الوطني، ودفع عجلة الإنتاج التي تغطي احتياجات الراهن الوطني الذي يشهد هذا الحرص على التوازن الداعم للنصر.‏‏‏‏

ما نحتاجه اليوم- على ضوء المعركة الوطنية العادلة التي نخوضها- هو إعادة النظر في الأدوار الاجتماعية، والاقتصادية، والوطنية على صعيد الشعب، وأن نعمل على أهداف اجتماعية تقرّب الناس من منظومة العمل الوطني المتكافل، والمتعاضد، والمتآزر، وهذا لا يعني أن تأخذ الإدارات بالمزيد من البيروقراطية بمقدار ما يجب أن تنحو نحو المزيد من دمقرطة العمل الوطني في إطار التلاحم بين الشعب في جبهة النصر الواحدة. ومن الطبيعي أن نقف الآن لنراجع كامل المتطلبات التي تمكّن شعبنا من أن يتحالف أكثر فأكثر ويهيّء ظروفه الوطنية للمزيد من المقاومة الشعبية ضد الإرهاب وداعميه الذين تدخّلوا في شؤوننا الداخلية بغطرسة لا مثيل لها على كافة المواثيق الدولية؛ لكن الحق الصريح لنا لا بد من قوة شعبية تحميه، وهذا ما يقتضي رسم التوازنات الوطنية بعقلية مهام الوطن وحسب.‏‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية