وهي لن تعدم الذرائع الواهية لتنفيذه، ومتى كانت طوال تاريخها الأسود لا تقدم الحجج والمبررات المفبركة للعدوان؟! فهي منذ قيامها أي قيام كيانها العنصري في فلسطين، تعتدي وتتوسع وتحتل مزيداً من الأراضي العربية وتشرد مئات الآلاف من الفلسطينيين والعرب.
لقد دان العالم ممارسات «إسرائيل» العنصرية ضد الفلسطينيين في غزة المحاصرة، فما تقوم به من تجويع وقتل منظم يفوق الوصف وهو بالتأكيد يندرج في إطار الإبادة الجماعية والدوس على حقوق الإنسان الذي تصادف الإعلان العالمي عنه مع ذكرى احتلال فلسطين.
والطغمة الحاكمة في «إسرائيل» ومنذ قيامها وحتى اليوم تسعى لابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية دون أن تعطي شيئاً سوى الوعود «بالسلام» ورغم تاريخ طويل من المحادثات والمؤتمرات واللقاءات التي عقدت لإنهاء ما اصطلح على تسميته أزمة الشرق الأوسط، فكان المطلوب دوماً أن يتنازل العرب عن حقوقهم مقابل أوهام تقدمها «إسرائيل» بقرب حلول السلام وهكذا فكلنا يتذكر ما قاله رئيس وزراء «إسرائيل» الأسبق اسحق شامير في مؤتمر مدريد للسلام من أنه مستعد لأن يطيل عمر التفاوض لعشر سنين دون الوصول إلى نتائج.
إن التعاطف الدولي مع مأساة غزة الإنسانية هو أمر جيد بطبيعة الحال، وهي تعبر عن صحوة ضمير الرأي العام العالمي تجاه مأساة الشعب الفلسطيني وخصوصاً في القطاع المحاصر لكن هذه المشاعر وهذا التحرك الدولي الذي تجلى في السفن التي حملت المساعدات الرمزية والتعاطف والتأييد لسكان القطاع المحرومين من أبسط حقوق العيش من ماء وغذاء وكهرباء ودواء.
وبالعودة إلى اتفاق التهدئة الذي دفنته «إسرائيل» منذ الإعلان عنه نجد أنها قد خرقته وحسب الاحصائيات الموثقة 195 مرة وقتلت خلال الفترة الممتدة من 19/6 وحتى الأول من كانون الأول الحالي 43 فلسطينياً، أما معبر رفح فقد ظل مغلقاً وخلال فترة التهدئة 128 يوماً، وقد فتح لمدة 6 أيام فقط، علماً أنه المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه «إسرائيل» كلياً، أما بقية المعابر والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة فحدث ولاحرج، فإسرائيل منعت جزئياً ومعظم الوقت كلياً مرور الوقود والغذاء والدواء كمساعدات إنسانية إلى سكان غزة البالغ عددهم مليون ونصف المليون، رغم النداءات الدولية ورغم أصوات الاستغاثة الصادرة عن الأونروا وغيرها.
وحتى في حال فتح بعض هذه المعابر جزئياً ولوقت قصير ومحدد فقد تم إدخال بعض المواد والمساعدات الإنسانية ومنع معظمها من الوصول إلى السكان المحاصرين في القطاع.
بالمقابل نجد أن الحكومة الإسرائيلية تشجع الاستيطان والمستوطنين وتدعم مخططات الاستيطان وتواصل بناء الجدار العنصري، وبطبيعة الحال لم يسلم فلسطينيو الضفة الغربية من الاعتداءات الإسرائيلية ومن مواصلة إسرائيل لتهويد القدس.
فهل يبقى أمام الفلسطينيين ما يخسرونه أكثر من ذلك إذا رفضوا تمديد اتفاق التهدئة؟! فأي تهدئة هذه التي تجوع وتقتل وتزيد عذابات السكان الفلسطينيين.
وصوت تسيبي ليفني يصم الآذان مطالباً بتهجير فلسطيني الـ48 واقتلاعهم من أرضهم وأي تهدئة مع عدو غاشم لا يرى في المحادثات والمؤتمرات والاتفاقات سوى فرصة سانحة لتثبيت احتلاله وتوسعه السرطاني.
واليوم يسعى حكام تل أبيب لتبرير عدوانهم الجديد ضد غزة ويهيئون الأجواء لتنفيذ مخططاتهم وجرائمهم ضد الفلسطينيين، وطبعاً لا يمكن فصل ما يجري عن الوضع العربي العام الذي يتخاذل أمام عدوانية «إسرائيل»، ويطالب الغزوايين بضبط النفس، وكأن من يتحصن في أرضه ويدافع عن حقه بالحياة هو المعتدي, المشهد أكثر من مأساوي، فالمطلوب الوقوف بحزم إلى جانب الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وحقهم بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وهذا يعني انسحاب «إسرائيل» من جميع الأراضي العربية المحتلة ومن ثم يقوم السلام العادل والشامل أما غير ذلك من دعوات فهو لذر الرماد في العيون والتستر على جرائم «إسرائيل» والسكوت عن ممارساتها العدوانية العنصرية.
إن الطغمة الحاكمة في «إسرائيل» لن تعدم الذرائع والخدع لتبرير عدوانها المرتقب على غزة المحاصرة والجائعة وهي مدعومة من إدارة بوش المغادرة غير مأسوف عليها تتهيأ لشن هذا الهجوم البربري المسلح، لكن بالمقابل فإن غزة لن تستسلم وستجد الطرق الملائمة لصد المعتدين، كما فعلت دائماً دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس، صحيح أن الثمن سيكون غالياً وهو ضريبة لابد منها، ومتى كان الدفاع عن الأوطان وتحريرها لا يحتاج إلى تضحيات كبيرة؟ بل على العكس من ذلك فإن التاريخ يعلمنا أن الدفاع عن الأرض والوطن يتعمد بالدم وهي مقولة ثبتت صحتها على مر الأزمان.