عن تجربته الذاتية القاسية ومعاناته الصعبة، التي قادته إلى العمل في مهن هامشية ليبعد شبح الجوع عنه.
يقول محمد شكري مامعناه: جئت إلى طنجة عام 1942 مع أسرتي من قرية (بني شيكر) في جبال الريف المغربي هرباً من المجاعة.
جاءت أسرتي إلى طنجة لتبحث عن الخبز، كانت سني آنذاك سبع سنوات وكل ماتبقى في مساحة ذاكرتي هو أنني كنت ألتهم مرغماً البقايا والفضلات التي ترمى في الشارع، أو في الحاوية أمام أبواب عتبات المطاعم والمقاهي.
ارتباطي بأسرتي كان خلال ساعات النوم، أعمل في النهار وأنام قليلاً في الليل كل ذلك لضمان القوت اليومي أعمل دون كرامة، أستغل كحيوان ناطق من طرف أصحاب المقاهي والمطاعم التي عملت فيها.
وهو لم يتعلم مبادئ القراءة وقواعد الكتابة، إلا بعد أن تجاوز العشرين من عمره، فكانت سيرته الذاتية التي حملت اسم (الخبز الحافي) قد أنهى كتابتها عام 1972، لتظهر في لغات عالمية قبل العربية، التي صدرت فيها عام 1982 ليعقبه فيما بعد الجزء الثاني والثالث من هذه السيرة الذاتية المدهشة التي اعتمدت الجملة الشعرية، ودقة الوصف والحرص على تحديد الزمن، من خلال الاستعادة والتركيب وتداعي الأفكار المنظم، والبوح بالأشياء الحميمة.
وفي هذا الشأن يقول محمد شكري: كتبت (الخبز الحافي) بصراحة مطلقة لأنه ليس لدي ما أخسره، ليس لدي اسم عائلي معروف أو مرموق في المجتمع أبي (حدو) وأمي (ميمونة) من يعرفهما في دنيا العرب أو في العالم؟! هما لايجيدان القراءة والكتابة، أنا لا أنتمي إلى أسرة متقدمة رأسمالية أو إقطاعية لها مكانتها الاجتماعية أو وجاهتها حتى أخشى عليها.