أُقَلِّبُ التَّاريخَ يا حبيبتي
حِكايةً
حِكايةً،
وأشربُ الماضي ثُمالاتِ هوىً
عندَ جفافِ ساقيةْ،
وقفتُ بالمُهَدَّماتِ
حجراً
وحجراً
وزاويةْ،
بسورِها الطَّويلِ
بالبكاءِ
خلفَ هادِمٍ وسافيةْ،
أسألُ أهلَ البلدِ القريبْ:
أخطأتُ بالعنوانْ
أم هذهِ أفاميا؟
أجابني من فوقِ تاجٍ
كانَ بالأمسِ على رأسِ عمودٍ باسِقٍ
في «بابِ حِمصْ»
وَلَدٌ يُخرمِشُ النُّقوشَ
يرمي بالحصى قنطرةً واطِئةً،
وبالعصى ينبشُ قبرَ مَلِكٍ
أو قائدٍ
أو سُوقَةٍ
ورُبَّ قبرَ امرأةٍ جميلةٍ من «بابِ حِمصْ»،
أجابني:
على الطَّريقِ لوحةٌ تَعرِفُ مِنْ خلالها أفاميا،
إنْ لم تجِدْ
اِسألْ برأسِ الشَّارعِ الفَوَّالَ
والجزَّارَ
والبقَّالْ
فكلُّهُمْ يسألُهُ الغريبُ عن أفاميا
وإنْ أردتَ الخبرَ اليقينْ
فالمُتحَفُ - الخانُ - الذي هناكْ
أوْ سَلْ مُحِبَّاً دارِساً
أوْ زُرْ مُديرَ النَّاحيةْ.
••
كنتُ في أفاميا
أسيرُ فوقَ القمرِ المكسورِ
والقصيدةِ المُهَدَّمةْ
على شظايا من قرونٍ مُبهَمَةْ
أبحثُ عن شيءٍ منَ الاسكندرِ الكبيرِ..
ذكرى مُؤلِمَةْ،
أبحثُ عن قصيدةٍ قد رُمِّمَتْ
أو زهرةٍ مُرَمَّمَةْ،
أبحثُ عن مستَودَعٍ يُخبِّئُ الماضي
لكي لا نَرجُمَهْ.
••
كنتُ في أفاميا
رأيتُ «أفروديتَ» في شارِعِها الطَّويلِ
تمشي حافِيَهْ
تُحطِّمُ الأشواكَ بالحَفا الجميلِ
لا مُباليَهْ،
تبحثُ عن «سُلُوقُسَ» العظيمْ
يُعَبِّئُ القادةَ والجنودَ والأفيالْ
لخَوضِ حربٍ آتيةْ،
تبحثُ عن عاصِمةٍ هدَّمها الزِّلزالُ
والإهمالُ
عَبْرَ أعصُرٍ مُتَّاليةْ،
تبحثُ عن «قناةِ عاشِقٍ»
قد وُئِدَتْ معَ الذُّكورِ
يومَ كُلُّ امرأةٍ مقطوعَةِ النَّهدِ تُسمَّى:
طاغيةْ.
••
كنتُ في أفاميا
أبحثُ للقصيدةِ التي كتبتها عن قافيةْ،
سَمِعتُ صوتَ امرأةٍ يأتي مِنَ الأعماقِ:
لا تبقَ هنا
أخشى على نَومِكَ رؤيا داميَةْ،
لا تُنْهِ ما بدأتَ مِنْ كتابةٍ
ولا تعُدْ تسالُ عن مدينةٍ كانت هنا
أسميتُها باسمي..
أنا.. أنا أفاميا.