صميم الشريف .. القلم النزيه الذي غادرنا
فنون الأربعاء 6-2-2013 علي الأحمد برحيل الباحث الموسيقي الأستاذ صميم الشريف تفقد موسيقانا العربية علما كبيرا في البحث الموسيقي العربي الذي أغناه بفكره وثقافته الموسيقية العالية ،
يرحل بعد أن أثرى الحياة الموسيقية العربية بمؤلفات وبحوث تناولت بعمق إشكاليات وواقع هذا الفن والخطوات الضرورية لنقله إلى عوالم جديدة ومغايرة تضعه في قلب الحداثة والتجديد كما تحافظ على روحيته الأصيلة وموروثه الإبداعي الذي دافع عنه هذا المعلم الكبير بكل نبل وانتماء لهويته وثقافته العربية .
كان على الدوام في حال من القلق والخوف على عناصر الابداع في الهوية الموسيقية العربية ولم يترك مناسبة أو منبراً ثقافياً إلا وذكر من خلاله المخاطر التي تهدد أصالة هذا الفن وكان شديد الحرص دائما على إبراز القيم الجمالية العالية في تاريخ الموسيقا العربية وفنونها التقليدية والشعبية ،ولعله من الفرسان الكبار الذين لم يستكينوا أبدا في محاربة القبح والرداءة في المشهد الموسيقي المعاصر ،فكان دائم البحث عن قيم الحداثة العقلانية والدفاع عن هواجسها ونهجها المعرفي الذي اعتبره السبيل الوحيد لتجديد بنية الحياة الموسيقية العربية المعاصرة ،ولم تكن دراساته النقدية في الموسيقا العربية إلا جزءاً يسيراً من عطاءاته المتنوعة والغنية بالفكر والثقافة (تبرز هنا دراستيه الهامتين عن الأغنية العربية والموسيقار رياض السنباطي وجيل العمالقة) في التأكيد على الدور النبيل الذي حمله هذا الباحث الكبير على عاتقه في إظهار الدور العظيم الذي قام به رواد الفن الموسيقي الجميل بدايات ومنتصف القرن الماضي ، كما في إظهار المكانة السامقة التي حازها الموسيقار السنباطي مبدع القصائد الغنائية الخالدة ،إضافة بالطبع إلى بحوثه المهمة في الموسيقا الغربية وأعلامها العظام الذين أثروا عالم الموسيقا بكل ماهو جميل وجليل .
يرحل الاستاذ صميم الشريف في خسارة موجعة بحق للبحث الموسيقي العربي ،حيث ستفتقده المراكز الثقافية والمؤتمرات العديدة،كما سيفتقده التلفزيون بشكل خاص الذي قدم عبره مجموعة من البرامج الموسيقية التي سلطت الضوء على الكثير من الفعاليات الموسيقية والغنائية وقدمتها بحس نقدي عال ،كان للعلم والمعرفة الموسيقية الغنية فيها الكلمة الأولى والأخيرة حيث لم يهادن أبدا في مواقفه الموسيقية ورأيه نحو كل ما ينشر ويشرعن البشاعات والقبح والرداءة والسطحية وخاض في ذلك مواجهات عديدة كان عبرها مثالا ناصعا للمثقف العربي الذي يحتمي بموروثه وعناصر هويته الابداعية التي كان يؤمن بلغتها الانسانية المشرقة التي تزداد ثراء وخصوبة مع المفردات الغربية الكلاسيكية التي أفادت موسيقانا بشكل كبير وفي ذلك كان يرى أن مستقبل الموسيقا العربية مرهون بالأخذ بأسباب الحداثة من منطلق الندية وليس من منطلق التبعية . رحم الله استاذنا الكبير .
|