تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من عنف الفضاء إلى الواقع... من يقف وراءه ويسوّقه..؟ الطفل والمرأة أكثر المتأثرين به

فضائيات
الأربعاء 6-2-2013
سجيع قرقماز

ظاهرة العنف موجودة عند الإنسان منذ بداية الخلق دينيا ً، في «سفر التكوين» من الكتاب المقدس، ولم يغب العنف عن مكونات الأديان سماوية ً، أو وثنية ً أو طقسية،

ولكل ٍ منها أسباب ٌ لهذا العنف، وأهداف ٌ له ـ وعظات ٌ - في أحيان أخرى. هذه الظاهرة تتطور وتعيد تشكيل نفسها بشكل ٍ طبيعي ٍ، تبعا ً للمجتمعات التي تحصل فيها، وتلك التي تنتقل إليها،‏

أما في ظل تطور وتحديث النقل التلفزيوني وتعميمه ومباشرته، وخاصة ً البث المباشر والفضائي، فقد صار العالم “ قرية ً صغيرة ً كونية ً “ تشاهد حدثا ً ما في نفس الوقت رغم الفارق الزمني بين نهار هذا البلد وليل ذلك الآخر. وصار هذا العالم معرضا ً للظواهر التي تنتشر مع انتشار البث، ويتعلم أفراد المجتمعات المختلفة، أو يقلدون، أو يتأثرون بهذه الظواهر، وخاصة ً الحسية منها والتي تغذيها غرائز الإنسان وربما كان العنف أهمها.‏

الأخطر في ظاهرة العنف هذه إصابة اضعف حلقتين في المجتمع بهما، وهما الطفل، والمرأة، وبما ينعكس في النهاية على المجتمع كله.‏

تبدأ التأثيرات على الطفل من الأفلام الكرتونية التي تعتبر وجبة ً سريعة سهلة ً ودسمة ً له، وهي التي تغذي السلوك الفردي للأطفال أثناء تكونهم كمراهقين، ومن أنواع العنف الذي يرافقهم في كرتونهم : العنف اللفظي الذي يفوق العنف البدني، من سب وشتم، وقذف، وتهديد بالقتل، وشروع بالقتل، وخطف،وسرقة مع التهديد والقتل أحيانا، كما يتأثر سلوك الأطفال بهذه الأفلام، ليصبح سلوكا ً عدوانيا ً يتمثل في تقليد بعض الشخصيات العدوانية مثل : سلاحف النينجا، أو غرندايزر، التي تعتبر من مصادر العنف ذات الاتجاه السوبرماني تليها أفلام الصراع من أجل المخدرات والمافيا والجريمة المنظمة، والقاتل المتسلسل، والقسوة في التعامل مع الأطفال والنساء.‏

في أحد الاستطلاعات نرى أرقاما ً مخيفة، حيث يشاهد الأطفال 2000 إلى 5000 مشهد عنف كل سنة، إضافة ً إلى 14000 مشهد جنسي من مختلفا الأنواع. وقد عرضت ٍ فضائيةٌ عربيةٌ 300 جريمة قتل ٍ في أسبوع ٍ واحد ضمن برامج الأطفال. مما يزيد من حالات العنف عند الأطفال وخاصة ً في مراهقتهم حيث يحاولون في هذه المرحلة إثبات رجولتهم من خلال التصرفات الخاطئة.‏

أما الحالات العامة،والتي يتأثر بها الجميع،ومنها القتل والاغتصاب، والتعويد على المواد الكحولية والتدخين ومن ضمنها المواد المخدرة فتؤكد معظم الدراسات على العلاقة الجدلية بين هذه المشاهدات وتنامي العنف في العالم. يضاف إلى ذلك العنف الأسري ضد المرأة ، والذي يعتبر أهم مكونات العنف الاجتماعي بشكل ٍ عام. وما ينعكس عليه من نتائج على المرأة وعلى الأطفال، وخلق هذه الصورة الذهنية السيئة للمرأة يعتبر عنفا ً أكثر حدة ً وخطورة ً على المستوى الاجتماعي بشكل ٍ عام.‏

ولا يخفى أن هناك عنفا ً ضد الرجل من المرأة- في المقابل - وإن كان هذا غير شائع في مجتمعاتنا .‏

يمنعها عن مجتمعاته‏

صار واضحا ً أن البرامج التلفزيونية التي يصدرها الغرب وخاصة ً أمريكا، تحمل كل ألوان التطرف والعدوانية مغلفة ً بشعارات ٍ براقة ٍ من الديموقراطية والحرية والعدالة. وبينما يلحظ بعض متابعي هذه القضية ازديادا ً في نسبة تصديرها إلينا، والعنف فيها، فإنها بالمقابل تشهد انخفاضا ً في عرضها في المحطات الأمريكية والأوروبية استجابةً لرأي الباحثين النفسيين والاجتماعيين عندهم .‏

مسؤولية من ؟‏

إن المسؤولية في مواجهة هذه الظاهرة مشتركة بين الدولة، والمجتمع، والأسرة، كل ٌ له دوره، والكل لديه مسؤولية في ذلك، ويجب أن يقوم الجميع بدوره في هذا المجال، إضافة ً إلى العمل على توثيق صلة المجتمع بتراثه وثقافته، وترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية وتكريس ثقافة التسامح والعدالة. وإحياء الروابط الاجتماعية والثقافية ونشر الأفكار والأهداف النبيلة.‏

كل ذلك لا يعفي القائمين على وزارات الثقافة والإعلام، والتربية، وغيرها، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية المعنية والمختصة، بمتابعة الإنتاج الفني السينمائي والتلفزيوني من أفلام وألعاب يتم تداولها، ولا مانع من فرض رقابة ٍ دائمة ٍ وشديدة ٍ خصوصا ً فيما يتعلق بالأطفال، ويؤثر على شخصيتهم ونموها، و ينعكس أخيرا ً على المجتمع كله.‏

قد يعترض البعض معتبرا ذلك نوعا من الرقابة ويدعو إلى حلول قطاع ٍ خاص، يهتم بهذه العملية، هنا لابد من التأكيد أن سيطرة الدولة وعدم فتح المجال أمام الأفراد لملكية وإدارة التلفزيون والبث الفضائي، ستكون لصالح الفرد – طفلا ً أو امرأة - رغم إيجابية ذلك في مجال تعدد الآراء والديمقراطية. وهذا يقودنا بدوره إلى الحديث عن مسألة القيم، والمعايير المعتمدة من هذه الجهة أو تلك، والفرق بينها وبين الدولة التي غالبا ً ما تلتزم معايير حادة، وضرورية، تتعلق بالجوانب الاجتماعية والدينية والثقافية، وكذلك السياسية والاقتصادية.‏

يقول أحد المنشغلين بهذه القضية : «ساهمت الفضائيات في خلق النموذج التخيلي للمرأة في ذهنية الرجل، والذي قد لا تنطبق مواصفاته على زوجته، مما كرس سلوكه العدواني تجاه زوجته، للتعبير عن احتجاج ٍ غير معلن ضدها».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية