فيه ويبيعون ما تيسر لهم من الخضار والألبسة والأدوات البسيطة والدخان.. بالإضافة إلى المحال التجارية المتنوعة المنتشرة على أطرافه، حيث يجد المرء كل شئ فيه كما يقال «من البابوج إلى الطربوش» ولكن سرعان ما يلاحظ الزائر لهذا السوق الفوضى في انتشار «البسطات» التي تملأ المكان وتتوسط الشارع في كثير من الأحيان مما يعرقل حركة المارة والسيارات، عدا مخالفات الباعة الموصوفة الذين يرتكبونها في «وضح النهار».
وقد قامت الثورة برصد بعض حالات تباين الأسعار بشكل واضح بين بائع وآخر، ففي أول السوق يعرض أحد الباعة بضاعته ذات الجودة الرديئة (أغلبها من منشأ صيني) و يبيع أجهزة التحكم (للريسيفر) بسعر 250 ليرة ويمارس الغش والاحتيال على المشتري ويدعي أنه «الأصلي» بينما وجدنا نفس البضاعة المعروضة عند بائع آخر بسعر يتراوح بين 100- 150 ليرة.
أما الأدوات الكهربائية عند بداية السوق فهي متنوعة من المكواة إلى ماكينات الحلاقة إلى مصففات الشعر وشواحن الكهرباء، وجميعها ذات نوعيات رديئة. بالإضافة إلى ممارسة الغش والتدليس على المشتري ناهيك عن عدم وجود أي كفالة، فإذا كانت معطلة لا يستطع المشتري إبدالها أو إعادتها إلا بعد الكثير من المشاحنات.
وبالمختصر هذه الحالات الشاذة في التجارة ازدادت خلال فترة الأزمة ودون كبحها من قبل الجهات المسؤولة لأنها غير حضارية وتسئ إلى سمعة أسواقنا التي هي جزء مهم من تراثنا الشعبي وعلى علاقة وثيقة مع حياة عامة الناس.
وبالانتقال إلى «بسطة» أخرى في السوق تبيع الخضار والفواكه، رصدنا الأسعار التالية: باقة سلق صغيرة 35 ليرة وباقة البصل بسعر 25 ليرة والبقدونس بسعر 20 ليرة بينما في سوق «الكراجات» مثلاً تنخفض تلك الأسعار إلى النصف، ويرد البائع على الزبون بشكل «فج» إذا استغرب السعر!!؟
الهدايا والألعاب
وفي ركن آخر من سوق النسوان قال صاحب محل «هدايا وأدوات أطفال وألعاب» أن أسعار البضائع لازالت تتأثر بالأوضاع الأمنية في محافظة حلب، لأن الكثير من المعامل توقفت هناك عن الإنتاج، إضافة لصعوبة النقل والتحميل إلى المحافظة بسبب العصابات التي تقوم بالسرقة واعتراض الشاحنات على الطريق، وقد حصلت الكثير من الحوادث بهذا الإطار. وباستعراض أسعار عدد من البضائع في ذلك المحل وجدنا: موتور بلاستيك كان سعره بين 350 ليرة و 550 ليرة منذ ستة أشهر وأصبح سعره 850 ليرة (صناعة وطنية)، عربة أطفال للمشي (أوبلا) بجودة خفيفة كان بسعر يتراوح بين 450 - 550 ليرة صناعة محلية وتباع الآن بسعر يتراوح بين 1000 إلى 1100 ليرة.
أما عربات الأطفال فيرتفع سعرها بشكل يومي تقريباً (المستوردة من الصين) فعربة (مشوار) صغيرة كان سعرها بين 1000 – 1500 ليرة وأصبحت حالياً بين 2000 – 3000 ليرة و عربة أطفال أيضاً ذات جودة عالية (قطعتين) كان سعرها بين 3500 – 4000 ليرة بينما سعرها حالياً 7500 ليرة.
الأدوات المنزلية بالدولار..
بدورهم أصحاب محال يبيع الأدوات المنزلية أكدوا (للثورة) بأن العديد من التجار (الكبار) باتوا لا يقبضون ثمن بضاعتهم إلا بالدولار! وهذه ظاهرة جديدة وخطيرة بنفس الوقت لما لها من انعكاسات على السوق لجهة زيادة الطلب على الدولار في السوق السوداء وبالتالي ارتفاع سعره ،وفي جانب آخر ارتفعت أجرة شحن البضائع، فالأجرة لسيارة شحن قادمة من حلب كانت 25 ألف ليرة منذ أكثر من شهر أما الآن فتصل إلى 100 ألف ليرة، وبالتالي يتم تحميل تلك الأجور المرتفعة على البضاعة لتدخل بالتكلفة النهائية مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكثير من الأدوات المنزلية من صحون وأطقم ضيافة ..الخ إلى ثلاثة أضعاف في بعض الأحيان.
حتى (القطنيات) تضاعفت40%
في نفس سوق النسوان تنتشر عدة محلات للألبسة، والملاحظ أنها غير متخصصة، فتجد فيها ألبسة الأطفال والألبسة الرجالية والنسائية معاً، وتوجد بعض المحال التي تبيع الألبسة المستوردة القديمة «البالة».
وقال أحد أصحاب محال الألبسة القطنية: الحركة هذه الأيام «خفيفة» بسبب الغلاء المستمر وبالتالي خسارة السوق لزبائنه، ومن جهة اخرى تتعرض البضائع المشحونة من مدينة حلب للسرقة في بعض الأحيان من قبل العصابات الارهابية وقطاع الطرق، وهذا ما يرفع المخاطر ويزيد التكاليف على أجور الشحن، حيث أن أجرة شحن (طرد) كانت 200 ليرة على إحدى شركات الشحن و الآن أصبحت 1000 ليرة ، مضيفا بأن أغلب الصناعات المحلية النسيجية كانت في حلب ولازال عدد منها يعمل حتى الآن، و بعض التجار لازالوا يحتفظون بمخزون كبير وبالتالي ظلت البضائع الحلبية موجودة حتى وقتنا هذا، وتشكل نسبة 80% من حجم البضاعة التي نبيعها بالمحل ومع ذلك تضاعفت أسعار القطنيات تبلغ 40%.
تعقيب المحرر
نعتقد بأن معظم أصحاب المحال يضعون الكثير من المبررات لارتفاع أسعارهم، منها ما هو حقيقي والكثير منها مبالغ به، لأن مسألة أجور شحن البضائع من حلب انخفضت في الآونة الأخيرة لعدة أسباب منها: نقل معظم الأنشطة التجارية لبعض التجار في حلب إلى محافظة طرطوس (المحافظات الهادئة) وهذا ماتؤكد عليه سجلات مديرية الاقتصاد بطرطوس التي فاقت مستورداتها خلال العام الماضي مليار و100مليون دولار .