غالباً ماتشوه الحقيقة الحلم, خاصة بعد أن يتحول الحب إلى حقيقة وقد تشعر بادىء الأمر بنشوة غريبة, إذ نجد رجلاً تنعكس روحنا في روحه وتلتقي رؤيته للحياة مع رؤيتنا, عوارض ذلك الجنون الخاص المعروف بالحب حتى سليمو العقل والبنية لايتمتعون بمناعة ضد هذا المرض الخاص, لنأخذ مثلاً ليلى, امرأة متزوجة من ابن عمها ولديها ابنتان في الغربة لم تقو على الاحتمال فأقدمت على الطلاق ورجعت إلى أرض الوطن هي وأولادها لكي تربي الأولاد فتعرفت على شاب عازب أحبته كثيراً مع أنها تكبره سناً إلا أن هذا العائق لم يكن مرئياً بالنسبة لهما وبقيا 26 عاماً متواصلاً من الحب العنيف وهي الآن امرأة في الخمسين أنهت تربية أولادها وهي الآن لا تستطيع الارتباط بأحد بسبب حبها العنيف تجاه الشاب الأعزب فهي لاتتصور نفسها مع شخص آخر مع كل المحاولات التي تعترضها.
لماذا أوقعت ليلى نفسها في مأساة كهذه? ربما لأنها كانت تتوقع ماهو أكثر من الحب ربما وجدت ليلى في حبيبها كل ما كانت تطمح للوصول إليه في يوم من الأيام ولقد التزمت بنظام مختار من المعتقدات التي وقعت من خلاله السيدة في جاذبية حبيبها وفي لحظة ضعف نفسي أعطته القوة والسلطان المطلق على نفسها وعلى معنى وقيمة وجودها فهي أشبه بالغريق الذي يسعى لاهثاً إلى النجاة ما بين الحب والهواجس العاطفية.
بالنسبة لرشا عكست الهواجس الرومانسية تكراراً اضطرارياً لبعض الحالات العاطفية التي نختبرها في علاقتنا العائلية.
وقد عاشت رشا مثل هذا النوع من العلاقة الغرامية حين وقعت في هوى شاب موهوب وحساس, لكنه أبعدها كلياً عن حياته الخاصة, فلم يعرفها بأصدقائه, كما حرص على ألا تستمع إلى شيء من مكالماته الهاتفية , أو أن تلقي نظرة على بريده الخاص, لقد أشبع رغباته الجنسية, لكنه لم يفلح في التعبير عن حنانه وحبه لها. غير أن رشا ظلت لمدة طويلة مسحورة به وأسيرة سيطرته وسلطانه التام, وفي نهاية المطاف حدث ماكان متوقعاً فتحت تأثير الغضب أقفلت رشا السماعة في وجهه فانقلب السحر على( الساحر وانتهت العلاقة, وأثناء هذه الصدمة المؤلمة أدركت أنها اختارت ذلك الشاب لأنها أرادت أن تطفىء ظمأها لعاطفة افتقرت إليها في طفولتها, وقد عانت معه الحنين وخيبة الأمل ذاتها التي عانت منها مع والدها, وبعد أن اكتسبت معرفة صادقة عن ذاتها, رغم عدم اعترافها بحاجتها الطبيعية إلى الحب, وفقت إلى اختيار رجل مختلف تماماً في المرة التالية.
الحب والقلق
ولسوء الحظ الكثيرات منا, فإن العلاقة التي تداعب عواطفنا, هي العلاقة الأكثر الزاماً وأكثر تشويقاً, وتوضح الدكتورة لبنى درويش قائلة: إن الكثيرات يخلطن بين الحب والقلق, وذلك بسبب الشوق الطاغي علينا, فبرأيها أن المرأة تحب طريقة اللعب التي صممتها لنفسها أكثر من حبها للشخص الذي وقع عليه اختيارها إلا أنها تستمر في زيادة الأعباء المفروضة عليها.
فبذلك تقع فريسة الهواجس وتختلط عليها الأمور وتقع في دوامة المعاناة من وحدة كئيبة قد تتحول إلى انقباض أو كره للذات, وتنصحها بالنسبة لصاحب الشخصية القوية الذي يحاول إذكاء جوعك العاطفي وإحكام السيطرة عليك فإن أفضل طريقة للتخلص منه هو رميه وراء ظهرك, وطرح كل مايذكرك به وحالما توافقين على عدم رؤيته ثانية ستقدرين على رؤية نفسك بوضوح أكثر.