إلا أن المناسبة نفسها وفرت لنا طرح العديد من القضايا المتعلقة بعمل المنظمة الفلاحية بدءاً من دور الاتحاد العام للفلاحين في تنفيذ مضامين خطاب القسم للسيد الرئيس بشار الأسد وآلية العمل التي أقرت لهذه الغاية مروراً بالبنية التنظيمية للاتحاد ومدى مواكبتها لضرورات الارتقاء بالمهام والمسؤوليات ولاسيما مايتعلق بمكافحة الفساد ضمن البيت الداخلي للمنظمة.. ووصولاً إلى دور المنظمة الفلاحية في تطوير وتوسيع وتحديث النشاط الزراعي وكيف تم تقويم وقائع العمل في موسم الحبوب لهذا العام وماتفسير الاتحاد العام للفلاحين لما حدث?.
هذه القضايا وغيرها كانت محور اللقاء الذي أجريناه مع السيد حماد السعود رئيس الاتحاد العام للفلاحين.
بالعمل الحقيقي يتجسد الوفاء
> أعلنتم في الحسكة عن البدء بتنفيذ خطة عمل واسعة في جميع المحافظات لتجسيد ماورد في خطاب القسم.. ما مضامين هذه الخطة وآلية تنفيذها?
>> نحن في المنظمة الفلاحية قرأنا خطاب القسم باعتباره منهاج عمل ونسعى من خلال قراءتنا لاستنباط المهام المرحلية والاستراتيجية التي حددها الخطاب ومن ثم نحاول على ضوء المهام تحديد القضايا وفق جدول أولويات ونعمل بمنتهى الصدق والجدية لتنفيذ ماهو ملقى على عاتقنا ومسؤولياتنا.. وخطاب القسم كان خطاباً داخلياً ولذلك نحن في المنطقة عكفنا على دراسة هذا الخطاب لاستنباط المهام ووجدناها تتأتى عبر عدة نقاط أولها تعزيز حالة الوحدة الوطنية وترسيخ معاني الحب والوفاء بين أبناء شعبنا استمراراً لعلاقة المحبة التي عبر عنها شعبنا والتحامه بمسيرة التطوير والتحديث. وأيضاً اعتماد مبدأ التشاركية الذي أشار إليه السيد الرئيس في خطاب القسم بحيث يصبح كل مواطن شريكاً في رسم القرار وتنفيذه ومسؤولاً عن ذلك وكذلك الاقتداء بالسيد الرئيس في تعامله مع جماهير الشعب على أسس ثابتة من الوضوح والشفافية وتعامل المنظمة مع قواعدها وفروعها على هذه الأسس, إضافة إلى محاربة الفساد ومظاهر الكسل والتواكل وشد الهمم من خلال الحوار البناء والموضوعي بين قيادة المنظمة وقاعدتها وعدم محاباة أحد على حساب مصالح الفلاحين وقضاياهم.
لانستحي من الغسيل الوسخ
> تم مؤخراً إعفاء بعض الكوادر والاتحادات الفلاحية.. هل يأتي ذلك في سياق آلية عمل واضحة لمحاربة الفساد, ولماذا لايتم الإعلان عن أشكال الفساد وطرق معالجته وأيضاً كيف يتم اكتشاف الخلل أو التقصير?!
>> منذ مؤتمرنا العام العاشر وتجسيداً لتوجيهات حزبنا وقائد مسيرتنا السيد الرئيس بشار الأسد وضعنا نصب أعيننا محاربة ومكافحة الفساد وكان شعارنا ( نحن لانستحي من نشر غسيلنا الوسخ ) والأسباب التي أدت إلى إعفاء بعض الكوادر القيادية من مهامها في المنظمة الفلاحية تتنوع وتتعدد فمنهم من كان فاسداً ومفسداً أراد وضع المنظمة في خدمة مصالحه الشخصية فاختلس أو زور وهذه الفئة قليلة ولكنها موجودة.
والفئة الثانية هي كوادر تقاعست عن أداء واجبها ومهامها وانعكس ذلك سلباً على المنظمة الفلاحية والانعكاس السلبي قد يكون في بعض الأحيان مادياً كما هو الحال بالنسبة لاتحاد فلاحي حلب الذي تسبب في تفويت ملايين الليرات السورية على المنظمة نتيجة إهماله, أما آلية اكتشاف ذلك فجاءت من خلال طريقين الأولى هو متابعة قيادة المنظمة للعمل وبصورة ميدانية والطريق الثانية هي عبر تعزيز الديمقراطية في حياة المنظمة .. هذه الديمقراطية التي تسمح لكل فلاح أن ينتقد ويشير إلى مواقع الخطأ دون خوف.. على سبيل المثال تأتيني في اليوم رسائل كثيرة من فلاحين يشيرون فيها إلى ممارسات خاطئة بعضها قد يكون مغرضاً لكن بعضها الآخر يكون صحيحاً وكلها تلقى الاهتمام ويتم تدقيقها حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
المكاشفة عنوان علاقتنا مع الفلاح
> كيف تعمل قيادة المنظمة من أجل تمتين وتوسيع البنية التنظيمية وهل ترون أن دور المؤسسات الفلاحية القاعدية هو دور مؤثر?!
>> المنظمة الفلاحية قوية مترامية الأطراف حيث يقارب عدد الأعضاء التعاونيين مليون عضو تعاوني فينتسبون إلى 6625 جمعية وجميعهم متمسكون من خلال اختيارهم الحر والطوعي بالعمل التعاوني خاصة وأن ثمة فوائد عديدة يلمسها الفلاحون من خلال انتسابهم إلى الجمعيات.. نحن لدينا جمعيات في دير الزور شقت أقنية لعشرات الكيلو مترات وأوصلت المياه إلى أراض لم تكن تصلها.. ونحن نقوم بالتسويق الجماعي وبتأمين مستلزمات الإنتاج بشكل جماعي.. ولتوضيح الصورة مثلاً فإن الترخيص الزراعي يتم للجمعية بمعاملة واحدة بينما في القطاع الفردي يحتاج كل فلاح للترخيص لوحده.. فتصور أن لدينا قرية فيها خمسمائة عضو كما في جمعيات حلب والرقة ودير الزور كم من الوقت والراحة وفرنا للفلاحين جراء ذلك? ورغم كل ماتحقق نحن نعمل باستمرار على شد البنية التنظيمية لأننا نعتقد بأن المسألة التنظيمية هي الأساس لتطوير العمل وفي هذا المجال نحن نعمل على محاور عديدة أبرزها مصارحة الفلاحين ووضعهم أمام الحقائق كاملة وإشراكهم في رسم الخطط والاستراتيجيات باعتبار ذلك حقاً من حقوقهم وجزءاً من مسؤولياتهم.
> ماهو دور الاتحاد العام للفلاحين في تطوير وتحديث العمل الزراعي وكيف يتجسد هذا الدور.. وهل ثمة مؤشرات واضحة?!
>> الاتحاد العام للفلاحين مساهم فاعل في عملية التطوير الزراعي فنحن في نهاية الأمر القاعدة الأساسية للعمل الزراعي والتطوير ينتهي إلينا ونحن الذين نمارسه ونحاول بالتعاون مع جميع الجهات العلمية أن نكون عاملاً مساعداً في تطوير القطاع الزراعي ولنا في ذلك تجارب منها على سبيل المثال الإشارة عبر تجاربنا إلى مواقع الخلل الإنتاجي في البذور والمعادلات السمادية وانتشار الأمراض ما يساعد هيئات البحث العلمي على معالجة هذه الظواهر .. وأيضاً نتعاون مع الجهات العلمية لإجراء التجارب على البذور الجديدة والزراعات الحديثة وكذلك تحقيق خطة الدولة الزراعية التي تسهم المنظمة بمناقشتها وتحديد أرقامها, إضافة إلى العمل على الحد من ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي عبر تخفيف الهدر وخاصة في الأسمدة والدفاع عن البيئة ومحاولة حمايتها ماء وهواء وأرضاً.. ربما نجحنا في بعض هذه المهام وربما فشلنا في بعضها الآخر ولكن الحياة لاتقبل اليأس لذلك فنحن مستمرون.
> هل أجرت المنظمة تقويماً لموسم الحبوب هذا العام وكيف ينظر الاتحاد العام لما حدث?!
>> نحن في المنظمة نعتبر أن ماحصل في موسم الحبوب هو نتيجة عدة عوامل وأسباب بعضها يأتي في سياق الظروف الطبيعية والبعض الآخر نتيجة تقصير بعض الجهات سواء مايتعلق بالجانب الإنتاجي أو التسويقي. وأريد أن أعود هنا إلى مؤتمر الحبوب حيث لم تقدم أي جهة تقارير أو معلومات تشير إلى وجود إصابات في القمح. وعلى فرض أن الإصابات بالتعفن قد حصلت بعد انعقاد المؤتمر فكان يفترض على الجهات المعنية بالأمر أن تسارع إلى الإشارة لما أصاب القمح من مرض وأن تحدد هذا المرض ومدى تأثيره على الاستهلاك ومن ثم يتم تحديد الموقف التسويقي ووضع الفلاح مسبقاً بالصورة الواضحة.
> من الجهة المعنية التي كان يجب أن تفعل ذلك?
>> وزارة الزراعة بالتأكيد باعتبارها جهة علمية مشرفة ومتابعة لتنفيذ الخطة.. والأمر الآخر كان يجب على مؤسسة الحبوب ومع بداية الموسم تحديد الموقف من هذا النوع من الأقماح وعدم الإعلان عن البلاغات والتعليمات المتضاربة عن محصول القمح لأنه محصول استراتيجي وهناك قرار يمنع تجارة الحبوب وهذا يعني أن مؤسسات الدولة معنية ومسؤولة وحدها لشراء كامل الكميات من الفلاحين. إلا أن عدم تحديد الموقف منذ البداية أدى إلى العديد من الآثار السلبية وفي مقدمتها شراء التجار لكميات كبيرة من الحبوب وتهريبها خارج القطر وتخزين قسم منها وتوزيع قسم آخر للمطاحن الخاصة وبيع الفلاحين حبوبهم بأسعار رخيصة إضافة إلى فقدان الثقة بين الفلاحين والمؤسسات العامة المعنية بذلك.ولذلك نحن ندعو مؤسسة الحبوب لعقد مؤتمر تقويمي للموسم ومعالجة القضايا لاستدراكها في المواسم القادمة.
> هل ثمة آلية عمل واضحة في الاتحاد لتأهيل الكوادر وتنمية قدراتها كي تتحمل مسؤولياتها بالشكل الأمثل?
>> نتفق معكم بأن الوعي والتأهيل هما الأساس لأي تطوير يجب أن يقوم على الخبرة والعلم. ونحن نتعامل مع شريحة كانت لعوامل تاريخية تتسم بالتخلف لذلك نحن في المنظمة الفلاحية نرفض هذه السمة ونحاربها ولنا في ذلك وسائل عديدة نعمل من خلالها على تطوير وعي الفلاح في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والزراعية والإرشادية والاجتماعية سواء عبر وسائل إعلام المنظمة الفلاحية أو إقامة الندوات والمباريات الثقافية والمحاضرات الاجتماعية وإضافة لذلك نحن نركز على عملية التأهيل من خلال الدورات التي تقام في معاهدنا الفلاحية على اختلاف أنواعها.
تنامي دور المرأة الفلاحية
> هل ترى أن دور المرأة الفلاحة يتنامى فعلاً? وكيف يعمل الاتحاد على تطوير وتوسيع مشاركتها في قيادة عمل المنظمة?!
>> نحن في المنظمة الفلاحية ننظر إلى المرأة الفلاحة بكل تقدير واحترام ونقدر عالياً دورها الإنتاجي.. فنحن فلاحون ونعرف جيداً ماذا تعمل نساؤنا في الحقول. ولذلك نحاول قدر الإمكان دفع المرأة الفلاحة لتتبوأ مراكز قيادية في المنظمة الفلاحية ولدينا الآن رئيسات جمعيات وأعضاء مكاتب روابط واتحادات ولدينا زميلة في المكتب التنفيذي ومازلنا نطمح لأن يتم تمثيل المرأة بصورة أوسع مماهو قائم إلا أن القيم الاجتماعية تحتاج إلى زمن ووعي كبيرين حتى يتم استبدالها بقيم اجتماعية جديدة.
ذمم الفلاحين ليست سيئة
> الديون المتراكمة المترتبة على الفلاحين في المصارف الزراعية أصبحت من القضايا المزمنة.. هل استحالت معالجتها لهذه الدرجة?!
>> في مجلس الاتحاد العام الذي عقد مؤخراً كانت هذه القضية حاضرة وطرحت أمام السيد رئيس مجلس الوزراء وقد طلب من مدير المصرف بياناً بهذه الديون وفوائدها وخدمات الدين ونحن نحرص كل الحرص على أموال المصارف الزراعية لأنها أموالنا التي تخدم العمل التنموي الزراعي لكن فلاحينا ليسوا أصحاب ذمة سيئة بل تخلفوا عن الدفع وتراكمت الديون عليهم جراء المواسم السيئة ونحن نطالب بإعادة جدولة هذه الديون وإعفائنا من الغرامات والفوائد أسوة بما قام به المصرف الصناعي تجاه الصناعيين علماً أن صناعياً واحداً قد يعادل دينه ديون منطقة بحالها.
> هل ثمة ملاحظات حول علاقة المنظمة مع بعض المؤسسات والجهات المعنية بالنشاط الزراعي?!
>> العلاقة بيننا وبين مؤسسات الدولة في الإطار العام جيدة ولدينا علاقات طيبة مع القائمين عليها حتى ولو اختلفنا معهم لأن المشكلة هي مشكلة عمل وواقع ومصالح عامة وليست شخصية. ونحن نحب ونقدر كل العاملين في مؤسسة الأعلاف على سبيل المثال , لكن هذا لايمنعنا من توجيه النقد الشديد للمؤسسة بسبب نقص الأعلاف أو أسلوب التوزيع.. نحن نختلف على القضايا والمواضيع وعلى العمل ولذلك نقوّم عمل أي مؤسسة بقدر ماتخدم هذه المؤسسة الوطن أولاً والفلاحين ثانياً. وأيضاً نحن نقدر عمل مؤسسة التبغ مثلاً التي لم يتذمر أو يعاني منها الفلاح أبداً.. ونقدر مؤسسات الإكثار والأعلاف والمصرف الزراعي ولكن لدينا قضايا مشتركة معهم وكما يقال فإن الخلاف لايفسد للود قضية مادام أن هذا الخلاف وليد العمل والإمكانيات والظروف وليس ناتجاً عن أي عامل شخصي.
> أخيراً أريد أن أسأل عن الأدوات الثقافية والإعلامية التابعة للمنظمة وهل ترقى إلى مستوى أداء المنظمة?!
>> لسنا نحن من يستطيع الحكم على الأدوات الثقافية والإعلامية التابعة للمنظمة. الفلاحون هم الذين يستطيعون الحكم على دور وتأثير هذه الأدوات, نحن نسمع من الفلاحين كلمات طيبة وإشادة بهذه الأدوات. ونحن نعمل بصورة جدية على تطوير هذه الوسائل ونرحب بأية ملاحظات أو انتقادات أو مقترحات ونتعامل مع الجميع بقلوب مفتوحة ونحن ندرك تماماً أنه لاكمال إلا لله تعالى. وثمة جهود مستمرة وحريصة لتطوير العمل الثقافي والإعلامي في المنظمة.
younes@hasaka.net