وقد نشرت السفير اللبنانية أمس السبت تقريراً عن السيناريوهات المحتملة لدى المؤسسة العسكرية , وذاك نقلاً عن يديعوت أحرونوت . ما يستوقف في التقرير العسكري هو الإشارات , بأن انسحاب القوات الأميركية سوف يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني في العراق , ونزوح موجة كثيفة من هجرة العراقيين يصفها التقرير العسكري بالطوفان باتجاه الأردن.
من الواضح أن التهويل الإسرائيلي مرده في الأساس , التخوف من ضعف قد يعتري نفوذ الدولة الكبرى حامية الكيان الإسرائيلي .
ومعلوم أن تل أبيب تعارض انسحابا أميركياً من بلاد الرافدين وترغب في أن يتم إشعال حرب أخرى مع إيران .
فكلما نشبت حروب خارج حدود الدولة العبرية , فإن ذلك يقع بردا وسلاما على هذه الدولة العظيمة التي تتغذى من الكوارث التي تلحق بالآخرين , سواء بسبب هذه الدولة أم لا .
أما المخاطر على الأردن فإن المرء يشك بها في حال الإنسحاب الأميركي .
لأسباب وعوامل منها التالي : أن هذا الانسحاب سيضع حدا لباعث رئيس على التوترات في العراق .
أن هذه الخطوة سوف توحد غالبية العراقيين لمواجهة الجماعات المسلحة كالقاعدة على الخصوص , وعلى الأغلب أن المرتزقة الأجانب سوف يسارعون إلى الخروج مع مغادرة القوات الأميركية .
سوف يؤدي الانسحاب إلى فتح أفق سياسي رحب أمام العراقيين , لتوسيع وتفعيل العملية السياسية , بعد زوال تحفظات جوهرية لدى فرقاء كثر مثل جبهة التوافق والتيار الصدري وحزب الفضيلة الشيعي .
أمام هذه الآمال الواقعية , فإنه من المفهوم والمتوقع , أن يعود عراقيون كثر من الخارج بما في ذلك من الأردن إلى وطنهم , لا العكس .
أجل إن المخاطر الأمنية داخل العراق واردة عقب الانسحاب المنتظر .
لكن من يستطيع أن يماري أن هذه المخاطر غير قائمة مع وجود القوات الأجنبية . فإذا أخذ المرء في الاعتبار أن الانسحاب سيتم إذا تم , بالتدريج , فإنه يمكن في هذه الحالة استيعاب هذه المخاطر وتطويقها أولاً بأول . ويبقى أن الاحتمال الأدعى للقلق , هو مسارعة إيران لملء ما تعتبره الفراغ , وهو ما تحدث عنه جهاراً قبل أيام الرئيس الإيراني أحمدي نجاد . وفي الظن أن ذلك إذا حدث , وإذا ما تم الانسياق لغواية تمدد امبراطورية إيرانية تحت وابل من شعارات إسلامية كثيفة , فلسوف يؤدي ذلك إلى نتيجتين متلازمتين : الأولى تكريس حرب أهلية طائفية في العراق .
والثانية ابتعاث أجواء الحرب العراقية الإيرانية الطويلة , التي لم يبرأ الشعبان من جروحها الغائرة بعد , وذلك بعد تمظهر الوجود الإيراني في هذا البلد على صورة احتلال . لقد صمد الأردن أمام موجات عاصفة من التطورات شهدتها منطقتنا .
وفي القناعة أن انسحاباً أميركياً من العراق سوف ينعكس إيجاباً من عدة زوايا , منها سحب الذرائع والمسوغات أمام موجات التطرف .
لقد أبدى خبراء المؤسسة العسكرية الإسرائيلية , حدبهم على الأردن من موجة مهاجرين طوفانية على حد تعبيرهم .
إذا كان هؤلاء يمتلكون ذرة من الصدق وهم لا يمتلكونها : لماذا يمنعون منذ أربعين عاماً أكثر من مليون لاجىء ونازح فلسطيني إلى الأردن , من العودة إلى ديارهم ? .