التقينا مع المخرجة إيناس حقي وكان محور السؤال الأول عن تأثير تلاقي إبداعات عديدة في أسرتها فوالدها المخرج هيثم حقي, ووالدتها الكاتبة والطبيبة مية الرحبي, أما زوجها فالكاتب غسان زكريا, أجابت عن ذلك: الوجود في هذه البيئة لا يؤدي بالضرورة إلى العمل في مجال الفن لكن يؤدي بالضرورة إلى وجود خلفية ثقافية متميزة, فهناك حضور للكتاب وحضور دائم للنقاش والحوارات ووالدتي كانت مصرة على تعليمي الباليه والموسيقا ثم الجمباز والرسم وهذه النشاطات خلقت عندي طاقة ابداعية, تعرفت على زوجي أثناء دراستي بالمعهد ونشأت قصة حب بيننا لم يكن أمامها أي عوائق.
- كيف كانت البداية لدخولك عالم الإخراج?
--كان طموحي العمل في المجال الإعلامي حيث داعب ذهني الإعلام التلفزيوني وكان حلمي الشغل على مشاريع اعلامية كثيرة حتى إنني أدرس الإعلام في الوقت الحاضر وعرض علي الوالد أن أكون مساعدة له من باب التجريب, ومن أول تجربة لي أحببت المهنة وأحسست أنه مكاني في الحياة وبعد عدة تجارب كمخرج منفذ أحسست بضرورة الانتقال إلى الاخراج خصوصاً أن العقل التنفيذي لا يتيح مجالاً للابداع كما أنني درست الإخراج في فرنسا.
- بداية (زمن الخوف) كان عملاً مشتركاً مع هيثم حقي ثم فوجئنا أن الإخراج باسمك فما السر في ذلك?
-- كان العمل بداية مشتركاً بيننا وبالاتفاق, لكن بعد زيارة المخرج هيثم حقي لموقع التصوير ولأكثر من مرة شعر أن سير العمل جيد وفي الاتجاه الصحيح فانسحب من الإخراج لكنه بقي المشرف العام على (زمن الخوف).
-الفرصة الإخراجية الأولى تعترضها دائماً الصعوبات, فإلى أي درجة ساهم هيثم حقي فيها وهل كانت نعمة أم نقمة?
--سمعت نقداً قاسياً وهو أن هيثم حقي أخرج زمن الخوف وألصق عليه اسم إيناس, وهذا الكلام تحديداً مردود عليه من قبل الممثلين, صحيح أنه لعب دوراً ايجابياً وسرع بهذه الفرصة بمعنى أن كل مخرج منفذ سيتحول إلى مخرج والأمثلة كثيرة على ذلك لكن بفضله قصرّت مدة الانتظار فقد, ويبقى لدي وجهة نظري ورؤيتي الخاصة.
- أليس من الصعوبة بمكان تصديك لدراما سياسية?
--اعتبر نفسي امتلك الخلفية الثقافية الضرورية والأساسية التي تؤهلني لمثل هذه أعمال بدءاً من نشأتي ثم متابعتي ودراستي وعملي, وبما أنني صغيرة السن تعاملت مع العمل كمرحلة تاريخية والتقيت اناساً كثراً عايشوا حرب لبنان واناساً آخرين عايشوا انهيار الاتحاد السوفييتي وغيرها من جمع معلومات ما يوفر لي مقدرة استيعاب المرحلة وإعادة انتاجها, ومن ناحية ثانية أفضل الاعمال التي تمتلك المقولة الهامة لذلك. (زمن الخوف) كان فرصة ممتازة وعملاً ضخماً قدم مساحة كبيرة أتاحت لي تقديم نفسي بالشكل الجيد, وباعتقادي الشباب يمكنهم المغامرة والإقدام والتجريب ومهما كانت النتائج فرغم أن التلفزيون حذف لي جزءاً كبيراً من المسلسل, تقريباً 10 دقائق من كل حلقة ما أدى إلى سوء فهم من جراء الحذف العشوائي الذي فاجأني كون النص تمت الموافقة عليه رقابياً ورغم ذلك فلست بنادمة .
- بدأت على مستوى (زمن الخوف) فكيف يمكنك المتابعة على منواله?
--حالياً أقوم بإخراج عمل (رائحة المطر) وهو ليس عملاً ضخماً بل لوناً جديداً عليّ, رومانسي الطابع,وجديده يعتمد على التفاصيل الصغيرة التي تحتاج دقة التناول, فهي إن لم تصنع بايقاع جيد يمكنها أن تهدد العمل, لذلك أحاول أن امتلك ناصية العمل الجديد بكثير من التقنية الإخراجية الخاصة والدقيقة المناسبة لتفاصيله الجديدة, ويبقى لكل عمل أسلوبه وشكله الفني الخاص.
- كيف تعاملت مع الحلول الإخراجية لعمل ضخم متشابك الخطوط الدرامية?
--كوني عملت مع والدي لفترة طويلة فقد عملت وفق المدرسة الواقعية وباعتبار أن الكاميرا هي عين المراقب الخارجي التي تنتقل إلى الشخصيات, وطريقة التقطيع كانت دائماً مبنية على أساس المعنى في الحوار ومبنية على ما تحاكيه الشخصيات, أما الطريقة التي عملت بها كوني خريجة المعهد المسرحي فقد تأثرت بذلكو بآلية توزيع الممثلين والحركة في الكادر, كما استفدت من العلاقة بين الجسد والفراغ ووضعية الممثلين في الكادر مستغلة امكانية الجسد البشري التي لا حدود لها.
- في أحد لقاءاتك قلت إنك راضية عن زمن الخوف وعندما يرضى الفنان تأتي اشكاليات عديدة خلفها فما رأيك?
--راضية بشكل نسبي كون العمل ضخماً ومشاهده كثيرة, لكن ايضا هناك صعوبات ومشكلات وسرعة انجاز مطلوبة وغيرها فيضطر المخرج أحياناً للتنازل, وكما علمنا أحد أساتذة الإخراج بأن التنازل يعتبر أحد مهام المخرج لكن بشرط مقدرته على ضبطه على أرض الواقع بالشكل المناسب ورضاي حالة نسبية ليس إلا.
- مارأيك بعصبية المخرج وهل هي من علائم نجاحه?
-- كل شخص له طباع معينة وأنا صوتي عال جدا وعنيدة وهذا طبع شخصي, لكن هذا لا يعني أنني أدير العمل بعصبية, وحتى لو كنت كذلك أثناء التصوير لاأؤذي الآخرين ولا أزعج أحداً, فاللوكيشن له أصوله وقوانينه الخاصة ومن حقي مهنياً أن أحمي عملي.
- ماذا كان ردك على الأقلام التي اعتبرت أن هيثم حقي هو صاحب العمل?
-- لا بد من القول أن الملم بالإخراج يكتشف أنه ليس من اخراج هيثم حقي ولا يمكن أن يحصل التطابق بين رؤيتينا وأود أن ألفت النظر بأننا كمجتمع لدينا مشكلة عامة وهي أننا لا نؤمن بطاقات الشباب ونشكك فيها دوماً, حيث إنهم يمتلكون امكانات هائلة, لكن يموت الشاب كما يقال مئة موتة ليأخذ فرصته, لذلك لا أحد يسمع صوته أو يرى ابداعاته ونستغرب اذا خرجت أحد تجاربهم إلى النور بدل إتاحة الفرص لهم.