ولد موراكامي في عام 1949 في منطقة كيوتو اليابانية, إلا أنه قضى طفولته ويفاعته في مدينة كوبية,
عبارة عن مرفأ بحري (كوزموبوليتاني) يضم أناسا من جنسيات مختلفة ومع أنه الولد الوحيد لأبوين يعملان أستاذين لمادة الأدب الياباني إلا أن الأدب الأميركي, هو الذي جذبه إلى عالم الرواية وخصوصاً أعمال فيتز جيرالد وشاندلر وضروب الرواية السوداء من قصص الرعب وحكايات المغامرات التي شكلت إلى جانب الأدب الكلاسيكي مادته التعليمية والثقافية العامة, ويعلق موراكامي بهذا الصدد قائلاً: (لقد دفعتني أفكاري إلى أن أترك عائلتي بعد أن باتت أجواؤها تختفي وقتئذ, فالجيل السابق كان معادياً لأميركا بسبب ماحصل في هيروشيما, أما الجيل الذي أنتمي إليه فلقد كان ينظر لأميركا من زاوية مافعلته في الحرب الفيتنامية).
يتنبه النقاد إلى نقاط تأثر موراكامي بالأدب الكلاسيكي وخصوصاً أعمال دستوفسكي وتولستوي وبلزاك من حيث أنها تشكل العناصر الأساسية لثقافة موراكامي والمادة الضرورية التي ينهل منها في بناء أعماله الروائية, كذلك لا يستطيع الاستغناء عن استخدام الثقافة الشعبية وأدب الخيال العلمي, لذلك تراه يقوم بمزج هذه العناصر الأدبية ويصهرها في بوتقة واحدة لتكون النتيجة أعمالاً روائية متميزة.
وقد ترجم له عربياً (الغابة النروجية )ومؤخراً صدرت عن مركز الدراسات العربية روايته (سبوتنيك الحبيبة) ولنقف على الحيثيات الوجودية لهذه الرواية لابد أن نذكر بأن اسم (سبوتنيك) الذي أطلقته بطلة الرواية سوماير على صديقتها ميو لم يكن سوى اسم المركبة الروسية التي حملت الكلبة (لايكا) إلى الفضاء الخارجي ثم لم تعد أبداً إلى الأرض.
سوماير أنثى مشغولة بالأسئلة, هاربة من جحيم الروتين في بلدة صغيرة ولا نستغرب أن رواية جاك كرواك (على الطريق) هي العمل الأدبي المفضل لدى البطلة متخذة من جوهر الرواية شعار تسمياتها: (لا ينبغي للمرء أن يعيش من دون أن يمر بالتجربة الصحيحة للعيش في البراري حتى لو في وحدة مملة وبذلك يتعرف على قوته الخفية والحقيقية).
سوماير المتبرمة من حياتها بأسرها تنفذ أخيراً رغبة ملحة لمغادرة عالم متكرر, مغلق تريد مغامرة حتى لو كانت غير مأمونة, تهيىء لها سبل الإمساك بناصية الكتابة لأنها تريد أن تكتب الروايات.
وتنهي رحلتها تلك بطريقة غامضة في جزر اليونان:
(فقد جسدي المستحم بضوء القمر الشاحب كل دفء العيش وصار دمية من الجص, كأن مشعوذاً سحرني بتعويذة ونفخ حياتي الزائلة في كتلة الطين تلك, خبت شرارة الحياة, هجعت حياتي الحقيقية في مكان ما, ووضعها شخص بلا وجه في حقيبة على وشك الرحيل).