وكذلك العشرات من المصطلحات التي غدت تشكل رمزاً لفترة ما تميزت بالاخفاق والانكار للواقع, والتي ستبقى شاهداً لعصر شهد حرباً ضد الكلمات.
حتى اللغة لم تخرج سليمة معافاة من عهد بوش المدمر حتى باتت بعض المصطلحات والتعابير مشكوكاً فيها من كثرة ترديدها, مثل كلمة (نجاح) . فيما كلمة (تقدم), وحينما يقول بوش (نحن نحقق تقدماً) فإننا, والكلام للشاعرة ومؤلفة كتب الاطفال نعومي شهاب ناي (نتكلم مع الاطفال, ولا يمكننا ان نستخدم مصطلح (نحقق تقدماً) ودون ان يذهب تفكيرنا الى التقدم المزعوم الذي أكمله بوش في مهمته في العراق وتضيف قائلة: (لقد جرى اساءة التعامل مع الكلمات, وينبغي إعادة النفس لها).
تجمعهم تلك المرة أمام البيت الأبيض وفي ذكرى مرور خمسة أعوام على الحرب المشؤومة على العراق, وهم الشعراء المعروفون بعدائهم للحرب على العراق, لم يكن من أجل الاحتجاج على تلك الحرب بل رأوا أنه قد بلغ السيل الزبى في تجاوزات الحكومة على اللغة وسوء استخدامها. وفي تعليق لها قالت الشاعرة سارة بروويننغ منظمة( شعراء ضد الحرب) (ضمن هذا النموذج, ليس للكلمة من قيمة ووزن لاستخدامها في سلطته في التفاوض والفهم والاستيعاب, وإنما من أجل إحكام قدرته على السيطرة والتحكم. وتلك في حد ذاتها تعتبر تقنية قديمة, إذ ومع كثرة ترديد الجملة المبسطة نفسها, تصبح مع الزمن حكمة تقليدية). ومن فوق منصة نصبوها لتلك الغاية مؤقتاً, كان كل شاعر يتقدم على حده إليها ليقرأ جملة قصيرة, ولتشكل في النهاية عملاً شعرياً جماعياً ألقوه أمام البيت الأبيض في اليوم الذي صادف فيه بلوغ عدد قتلى الجنود الاميركيين في العراق 4000 قتيل . وبعض تلك الرسائل التي ارسلها أولئك الشعراء الى البيت الأبيض كانت ذات صبغة سياسية محضة (خرقت قوانيننا , سحقت قلوبنا, ولكنك لم تحطم نفوسنا) الشاعر غالادي كينل, أحد وجوه الشعر البارزة المعاصرين في الولايات المتحدة فضل على هذا الوضع المتردي الذهاب الى الغابة للعيش مع الحيوانات. وأكدت الشاعرة ستيفاني فارو من ولاية نيومكسيكو في شعرها على ربيع قادم قائلة ( إنني أريد ان أحدث تغييراً ايجابياً, ثمة غضب أينما كان, ولكن لاأحد يسمع صوته للأخر حينما يكون في ثورة غضبه.
وعنون إرينه وورمود, البروفسور في الأدب, قصيدة له , ليلة غزو العراق بعنوان ( بخطيئتي).
وفي سؤال من هو الشاعر في أمريكا لعام 2008 تقول باميلا اوسشوك من ولاية كولورادو, حيث لا يزال يتواجد فيها /125/ قبيلة هندية ( هو ذلك الذي يغني في الظلام).
بينما تصفه نعومي ناي قائلة: (إنه ذلك الذي يحاول عيش حياة حيث اللغة لها معنى,يحاول تقديم واقع مختلف, الاحساس بالآخر كصديق, وليس كعدو, كما تفعل حكومتنا). ذلك هو المشهد اليومي لامريكا ما بعد /11/ أيلول. وخلال الاحتفال وحينما نودي الى أحد ما يتكلم العربية عبر الميكروفون تقدمت نعومي متأخرة, لأنه وفي هذه الأيام لا أحد يصرح عن استغرابه دون ان يفكر ملياً, معها امرأة مسنة باكية, إنها فلسطينية, ومن خلال كلمات بالعربي لازالت نعومي تحتفظ بها في ذاكرتها وقد ورثتها عن أبيها شرحت لها الوضع, وحين خروج تلك الامرأة الفلسطينية كانت ثمة بضعة ورقات خضر من شجرة تضعها في حقيبتها وهو تقليد في بلادها,يقضي بألا يغادر الشخص بلاده دون ان يصطحب معه شيئاً ما يربطه بجذوره ويذكره بأرضه التي جاء فيها (إنه عالم كذلك العالم, الذي أرغب ان أعيش به) قالت نعومي.